خطبت فتاة وصعب علي تحقيق مطالبها، ما الحل؟
2020-09-03 02:10:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب من أسرة فقيرة، لا أملك وظيفة، أكرمني الله سبحانه وتعالي بفرصة سفر، رزقت منها بمبلغ، اشتريت شقة ثم قطعة أرض، ثم بنيت الأرض، وشطبتها وفرشت الشقة. أثناء فترة الخطوبة كانت الأمور طيبة مع أهلها، وبعد أن فقدت السفر تغيرت المعاملة معي، إذا تعذر شراء شيء مبالغ فيه يقولون لي: إذا كنت لا تقدر على شراء ذلك فكيف ستقوم بالصرف على زوجتك العروسة؟
كنت أعاملها كابنتي بالحنان والحب، وأهتم بها قبل اهتمامي بنفسي، ولكن في الفترة الأخيرة نشبت بيننا الخلافات التي لا أعرف إذا كنت أنا المخطئ فيها أم هي؟!
هي إنسانة أعتقد أنها طيبة، ليس لها تجارب في الحياة، وعنيدة للأسف، والأب إذا تكلم تحصل مشاكل منه، يضرب بالكلام، وتصادمت معه في حوار المؤخر، وطلبت منه ان يخففه لي حتي أدفع مبلغاً معقولاً للمأذون، وكان رده لا يوجد لدينا في العائله ذلك.
علماً أن العائلة أقل من البسطاء، فتم الرد مني لتوقف هذه المهزلة بعدها، علماً أن الأب لا يحكم البيت، بل تدير الأم زمام الأمور، فهو مجرد أن الزوج يردد الكلام، وكنت أبسط عليهم الأشياء التي يحبنوها، وأقول يكفي هذا العدد، والذي هو غير موجود فقط، لا بد منه، لأني أري الظروف بعيني.
بعد معاتبة مع العروسة بأسبوع تم إنهاء الخطبة لأسباب في مجملها تافهة، والآن أنا قلبي معلق بها، ولكن عقلي لا يرغب بهم، هل أرجع لها ثانية؟ وهل ستقبل أم سترفض؟ وهل هذا صحيح؟
أعاني من أزمة نفسية أفقدتني الثقة بالناس، تقدمت لأكثر من عروس ولم أوفق بعد أن خسرت عملي، والآن أشعر بالتعب وأرغب بعمل محل، ولكن شديد الحيرة والتفكير، والخوف من الخسارة، فبذلك لا أفعل أي شيء، ماذا أفعل؟ تحطمت!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – أيها الأخ الكريم – ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُسهّل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُعمّر حياتك بالخيرات والمال الحلال.
لا شك أن الإنسان في هذه الحياة يُبتلى، ولكن نسأل الله أن يجعلنا وإياك ممَّن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.
الإنسان ينبغي أن يُوقن في كل أحواله أن ما يُقدّره الله تبارك وتعالى هو الخير، وأنه لن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تتوقف وتتأمَّل لتحمد الله تبارك وتعالى على ما أولاك، فأنت تملك بيتًا، ولله الحمد تملك نفس، وتستطيع أن تكتب وتتواصل وتناقش، فاحمد الله أولاً على هذه النِّعم لتنال بحمدك لربِّك وشُكرك له المزيد، فإن الله يقول: {وإذ تأذَّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}.
لا مانع من أن تتواصل مع الفتاة المذكورة وأسرتها، ونرجو أن تتسلَّح بكثير من الصبر، لأن الإنسان إذا كان له هدفٌ يحتمل في سبيله، وحاول دائمًا ألَّا تردَّ الكلام السيئ بمثله، واجتهد في أن تصبر، ونحن قطعًا نرفض أن يكون عندهم أسلوب الطمع والرغبة في المزيد، لكن أرجو أيضًا ألَّا تكون الردود وألَّا تكون المواقف منك مُشابهة لمواقفهم الخطأ، فإن الخطأ لا يُعالج بالخطأ، ولكن يُعالج بالحكمة، ويُعالج بالوعد الجميل، ويُعالج بالأسلوب الحكيم.
نقترح عليك أن تُدخل الحكماء والفضلاء والعلماء حتى يُصلحوا بينكم، واعلم أنه ليس عيبًا في الإنسان أن يكون لا يملكُ شيئًا، ولكن العيب في ألَّا يتحرّك، وفي ألَّا يبذل الأسباب، فإن الإنسان عليه أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح، علينا أن نبذل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهَّاب.
من الأسباب التي ننصحك باستخدامها أن لا تُغلق على نفسك، لا تتوقف عن البحث عن عمل بديل، فكّر واجتهد، لأن هذا هو المطلوب، وفي الحركة بركة، والله أمرنا بأن نسعى، وطلب مِنَّا أن نسعى فقال: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}.
لذلك لا تقف تبكي على الماضي وتتحسَّر على ما فات وعلى فقدك العمل، ولكن انظر إلى الأمام، واعلم أن البكاء على اللبن المسكوب لا يرده، ولكن الإنسان ينظر إلى الأمام ويتوكل على الكريم الوهاب، ويقبل على الحياة بأملٍ جديد وبثقةٍ في ربنا المجيد.
نقترح عليك في هذه المرحلة إيقاف النقاش مع أهل العروسة، وشغل النفس بمشاريع جديدة وآفاق جديدة، وبذل الأسباب والبحث عن سبيل رزق في عمل يناسبك، ثم بعد مدة هم أيضًا سيعيدون النظر والتفكير في أمرهم، وعندها سيكون الوقت مناسبًا لتدخُّل العقلاء والفضلاء، وعليهم وعلى الجميع أن يعلموا أن ربنا يقول: {لا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها}، فاجتهد في أن تبذل ما تستطيع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.
إذا شعرت أن في الفتاة راغبة في الاستمرار فلا تحاكمها، ولا تُحاسبها، ولا تتركها لأجل ما يحدث من أهلها، من طمعٍ أو جهلٍ أو رغبة في إحراجك من الناحية المالية، وذلك عن طريق محارمك: أخواتك أو غيرهنَّ.
أمَّا إذا كان رأيُها من رأي أهلها فنحن نرجو أن تفتح على نفسك الآفاق، وتجتهد في إعادة ترتيب نفسك، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.