أمي عصبية وكثيرة الأخطاء، فكيف أتعامل معها؟
2020-10-05 04:20:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أمي كثيرةُ الأخطاءِ، بحيث عند الغضب تشتمني، ويتكرر هذا عدة مرات بشكلٍ يومي، ولا بأس، مُسامَّحة الوالدة.
ولكن المشكلة تكمن في عدم التحكم في غضبها مع عامة الناس، فمثلاً اليوم تحدثت مع عدة عاملين في محل بسوء أخلاق وبصوت عال، ولا تسمح للموظف بالتحدث وتبرير المشكلة والوصول لحل، لدرجة أعماها غضبها عن فهم الخطأ وما حله، لا أريد بتاتاً بأن يكون حساب أمي عند رب العباد عسيراً، لا أعتقد أن الدعاء لها بالمغفرة أو الاستغفار لها يساعد في هذا الموضوع، لأنها هذه متعلقة بحق العباد، وحق الله الرحيم، فالله رحمته وسعت كل شيء، والعباد لم تسع رحمتهم كل شيء.
أمي ليست من النوع التي تقبل النصيحة بالمناسبة، وخصوصا أنّي ولدها فلا تقبل نصيحةً مني، فما نصيحتكم لي؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.
نحن نشكرك أولاً لتواصلك مع إسلام ويب، ونشكرك ثانيًا لحرصك على مصلحة والدتك، وتجنيبها عقاب الله سبحانه وتعالى، ونرجو الله تعالى أن يكتب لك في ذلك الأجر الوفير، وأن يُوفقك للمزيد.
وقد أصبتَ كلَّ الإصابة عندما صبرت على شتم والدتك لك وقت غضبها وإن تكرَّر ذلك، وأصبتَ ثانيةً بمسامحتك لأُمِّك وغضّ عمَّا فعلتُه بك من الإساءة، وهذا هو الواجب عليك، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان للوالدين مهما اشتدت إساءتهما له، فقال سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطعمهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.
وأمَّا معاملة والدتك للآخرين فهي إن أساءت فهذا ذنبٌ ترتكبه، وواجبُك أنت في مثل هذه الحال أن تبذل قُصارى جُهدك في تجنيب والدتك الوقوع في الإثم، ولكن مع مراعاة وجوب الإحسان إلى أُمِّك وعدم إغضابها، فقد ذكر العلماء أن الولد إذا رأى أحد والديه يعمل مُنكرًا فعليه أن ينهاه عن المنكر ما لم يغضب، فإذا غضب الوالد سكت الولد.
فإذًا اتبع الخطوات التي يمكن أن تُؤدِّيَ بوالدتك إلى تجنُّب هذه الأخطاء والذنوب، وابذلْ وسعك في ذلك، مع مراعاة الأدب مع أُمِّك وعدم إغضابها كما قدّمنا لك القول، وحاول أن تُسلِّط على أُمِّك مَن له كلمة مقبولة لديها، كأخوالك، أو خالاتك، أو جدَّاتك، أو نحو ذلك.
وحاول أنت أيضًا نُصحها ولو بطريقٍ غير مباشر، كأن تذكر لها أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الناهية عن الغضب، وتُدارسُها معها في وقتٍ تكونُ فيه غير غاضبة، فتذكر لها مثلاً قصة الرجل الذي جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب منه الوصية، فقال: يا رسول الله أوصني، قال: ((لا تغضب))، فكرَّر السؤال مرة ومرتين، فيقول له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تغضب)) في المرات الثلاث، واذكر لها حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناهي عن الغضب، كقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصُّرعة ولكنَّ الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).
وهكذا بطريقٍ غير مباشرة يمكنك أن تُوصلُ إليها الهدي النبوي في التعامل مع الغضب إذا وقع، بأن تتدارس معها ما أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- الغضبان، وما الذي ينبغي أن يفعله ليطرد عن نفسه الغضب دون أن يقع في شِراك الشيطان وآثار الغضب المذمومة، مثل: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومثل تغيير هيئة الإنسان، والانصراف عن المكان الذي فيه الغضب، ومثل التوضأ والصلاة، ونحو ذلك من التدابير النبوية التي أرشد إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- من وقع في الغضب، ليتحاشى الوقوع في النتائج الضارَّة التي تعقب وقوع الإنسان في الغضب.
إذا فعلت ذلك وقَبِلَتِ الأُمّ هذه النصائح والوصايا وعملت بها فالحمد لله تكونُ قد ظفرت أنت بالخيرين (بر الوالدة، والوصول إلى هذا الخير الذي أردتّه)، وإن لم تقبل بعد ذلك فليس عليك إثمٌ، وعليك البقاء والاستمرار على البر والإحسان والأدب مع أُمِّك ما أمكن.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.