ابنتي الكبرى لا تحسن التصرف معي، فكيف أتعامل معها؟
2020-09-22 02:17:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
مشكلتي مع ابنتي، عمرها الآن 32 عاما، ترفض جميع من تقدم لها بحجج واهية، كان لديها علاقة حب فاشلة بنيت على طيبة قلبها، وعلاقة أخرى هي من أنهتها؛ لأننا لم نوافق على الشاب فهو غير كفء، المشكله أنها لا تتقبلني كوالدتها، وتتشاجر معي وتعارض رأيي حتى لو كنت على صواب، وهي تعرف ذلك. العلاقة بيننا متوترة غالبا، ولا تهتم لانفعالاتي، عنيدة (تكذب كثيرا)، قادرة على التظاهر وتغيير الحقائق، حساسة جدا، ومشاعرها دفينة، تحب الحياة والاستمتاع بعيدا عني، تحب الصداقة ومعروفة بطيبة قلبها وخدمة صديقاتها وتسامحها إلا معي.
ترى نفسها مظلومة، ولا أثق بها، وهي تعلم أنها أعطيت فرص كثيرة ولم تكن موضعا للثقة، من الواضح أن لديها مشاكل نفسية ولا تفصح لي بها، حتى لو تقربت منها لا تشاركني أسرارها، ولا أفكارها، ولا أحاديثها مع صديقاتها، تحب سهر الليل إلى الصبح وتشاهد الأفلام، أو التحدث على الهاتف، ولا تستغل أوقاتها بالمفيد، ولا تساعد بالمنزل.
هي الابنه الكبرى، ولديها شقيقان أصغر منها، علاقتها مع الكبير -بينهما سنتان- سطحية ولكن أفضل مني بكثير، ومع الأصغر -بينهما 10 سنوات- علاقة جيدة، حتى مع والدها تتجنب إزعاجه، ولكن لا تحسن التصرف بالاحترام والبر.
حاولت أن لا أحدثها لفترة من الزمان؛ لأظهر غضبي منها، وقد اعتادت على ذلك، ووجدت أنه راحة لها. لا تكترث بصلة الرحم إلا إذا طلب منها، لا تهتم أبدا بالعلاقات الاجتماعية التي من طرف العائلة ولا تحبها، لا تجد في نمط تفكيرها أي خطأ، ولا تحاول أن تخرج من قوقعتها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك ثقتك بنا وتواصلك معنا.
أختي العزيزة والمربية الفاضلة، استشعرت مدى الأسى الذي تشعرين به ومدى رغبتك الحقيقية في إصلاح ما أفسده الزمن، وما خلفه من تراكمات ولدت في القلوب حسرة، وإصلاحه أمر ليس بمستحيل. إن ما ورد في رسالتك كثيرا ما يتكرر في منازلنا وهو أمر طبيعي جدا وليس بغريب، ولكن تداركه هو المطلوب، فلماذا كل هذا الوقت؟ عمر ابنتك ليس صغيرا، وهذا الأمر يستدعي تساؤلات كثيرة، هناك فجوة كبيرة في العلاقة بينكما، تنشأ هذه الفجوة عند اختلاف الآراء وهنا يحدث الصدام بين الابنة التي تريد تكوين شخصية منفردة مستقلة، وبين الأم الحريصة على مصلحة ابنتها، وعند احتدام الأمر يحدث نفور في العلاقة وبالتالي تزداد الفجوة.
من الواضح أن شخصية ابنتك شخصية عنيدة، متشبثة بآرائها ومعتقداتها، لا تتقبل الانتقاد أو إملاء الأوامر، ولربما بسبب جهل البعض من الآباء والأمهات في أساليب التربية، حيث إن الحوار عنصر أساسي جدا في نجاح العلاقات بشكل عام، ولكن هذا الحوار له أساسيات من أهمها:
- حاوريها بعمرها هي وليس بعمرك وخبرتك أنت، فهي تمتلك نظرة مختلفة تماما عما تمتلكينها فلكل زمان وجيل حياة مختلفة عن حياة آبائهم وهذا أمر طبيعي، فالمتغيرات كثيرة ولا يعيبنا إن توافقنا معها.
- تقربي منها عن طريق مشاركتها في هواياتها أو فيما تحب، أوجدي اهتمامات مشتركة بينكما، واطلبي منها الخروج معك بمفردكما وادعيها للعشاء مثلا خارج المنزل ربما أنك لم تعتادي على هذا الأمر ويعتبر ثقيلا بالنسبة لك، ولكنه ليس بالمستحيل، ولربما كسرت هذه الخطوة حواجز كثيرة كانت بينكما بسبب التراكمات السابقة.
- عدم بدء الحوار بالسلبيات والتركيز عليها بل عند بداية الكلام معها امدحيها في أمر جيد قامت به، سلطي الضوء على إيجابياتها.
- اجلسوا جلسة مصارحة، جلسة تناقشون بها الأمور العالقة في الأذهان، برري لها لماذا تصرفت بهذه الطريقة، وبيني لها أكثر إن منهج الحرص عليها هو المحرك الأساسي في حكمك على الأمور التي تخص حياتها.
- اتفقوا على مبدأ المشاركة في اتخاذ القرارات، وأنكم سوف تحترمون آراء بعضكم البعض.
- سلوك ابنتك هو انعكاس تام لشخصيتك، فلربما كنت عصبية المزاج، أو طريقة إيصالك لموضوع معين تتسم بالجدية، فأعيدي ترتيب أوراقك وحساباتك؛ لأن لطريقتنا مع الآخرين أثرا كبيرا في ردود أفعالهم.
- لا تعزلي الأب عما يدور في منزلكم من أحداث بل يجب أن يتدخل في حل الأمور، ويجب أن يكون له دور فعال في تقريب وجهات نظر أفراد الأسرة، فالأب دائما له نظرة مختلفة وطريقة منفردة في التعامل مع الأمور الحياتية.
- راقبي طريقة تعامل إخوتها معها وطريقتها معهم لربما تجدين حل اللغز، فلربما تستفيدين من هذه الطرق لربما ستجدين مفتاحا لبدء علاقة جديدة طيبة بينكما.
- الصبر -يا عزيزتي-، الأمور دائما تحتاج إلى المزيد من الجد والصبر، ولكن تأكدي بأنها تحبك، وإنها لا يهنىء لها جفن إن أصابك مكروه أو عند غضبك منها، ولكن شخصيتها العنيدة لا تسمح لها بإظهار تلك المشاعر.
أسأل الله أن يمن عليك بالسكينة وراحة البال.