كيف أغير نظرتي السلبية ومشاعر الكره تجاه الرجل؟
2020-10-06 22:04:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
اطلب الاستشارة والنصح منكم، لأنني أثق انني سأجد الجواب الشافي لديكم إن شاء الله.
أنا فتاة عمري 15 سنة، لدي أفكار سلبية وكره شديد ونفور من جنس الرجال، لدرجة أنني أريد التبتل في المستقبل، ولا أريد الزواج.
هذه النظرة والكره الشديد بدأت لدي منذ 3 سنوات، عندما توفيت والدتي العزيزة رحمها الله في شهر رمضان المبارك، لأنه وبعد فترة قصيرة من وفاة والدتي بدأ والدي يلمح برغبته في الزواج، مما جعلني أشعر بالغضب منه، وبدأت أفكر في نفسي لماذا الرجال أنانيون هكذا، ولا يفكرون إلا في أنفسهم وشهواتهم؟ بينما نحن النساء يجب علينا ان نحتد 4 شهور وعشرة أيام بعد وفاة الزوج؟
أصبحت أكره حفلات الزفاف، وحضورها إلا الحفلات التي تخص عائلتي، وأشعر بالإحباط الشديد والاشمئزاز عندما يقول لي أحد (عقبال عرسك)، ويدعون لي أن أجد الشاب الصالح، ومن هذا الكلام الفارغ.
أنا في جدال دائم مع عمتي وجدتي لأبي وأبي؛ لأن آراءهم بالنسبة للمرأة مهينة مثل: (ليس للمرأة سوى بيت زوجها، وهمّ البنات للممات، ووظيفة المرأة هي تربية أولادها والعناية بزوجها، وعيب أن تكون المرأة عزباء ...إلخ.
عندما أفتح الأخبار وأقرأ عن جرائم قتل نساء وتعنيفهن أشعر بالقرف من المجتمع الشرقي الذكوري المتخلف الذي أعيش فيه، والذي ينظر للمرأة نظرة امتهان، وأنها أدنى من الرجل.
بالنسبة لي أنا كفتاة نسوية أرى بأن جنس النساء أفضل بكثير من الرجال.
أصبحت أعترض على كثير من الأحكام التي تتعلق بالنساء والعياذ بالله مثل القوامة والولاية!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأبدأ بأن أقدّم لك واجب العزاء في والدتك التي توفيت قبل ثلاث سنوات، نسأل الله تعالى لها الرحمة والمغفرة.
أنت لديك أفكار تحدثت عنها بوضوح، ولديك مشاعر في مجملها ذات طابع وسواسي، وقد تجسّدت فيما أسميته بكره الرجال، وتأتّى عن ذلك أفكارك السلبية ونفورك التام من جنس الرجال للدرجة التي لا تريدين الزواج، وأيضًا هنالك أفكار حول اضطهاد المرأة وظلمها، وأن المجتمع الشرقي مجتمع ذكوري ومتخلف.
حقيقة السبب الرئيسي لأفكارك هذه هو تعبير غير طبيعي عن حزنك لوفاة والدتك، الأحزان كثيرًا ما يُعبّر عنها بصورة واضحة وجليّة، وأحيانًا يكون التعبير عنها مخالفًا لما هو معتاد. نقطة الإثارة الحقيقية لأفكارك هذه هي تلميح والدك برغبته في الزواج بعد أن تُوفيت والدتك – عليها رحمة الله – وهذا قطعًا زاد من احتجاجك وزاد من حدة أفكارك هذه التي عبّرت عنها.
إذًا هذا تفاعل إنساني نُقدّره جدًّا ونحترمه جدًّا، لكن أقول لك أن هذا الوضع وهذه الطريقة في التفكير ليست طريقة سليمة، الذي أريده منك هو أن تُكثري من الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالدتك، وفي نفس الوقت تنظري لوالدك بكل بِرٍّ واحترامٍ وتقديرٍ.
وأن تسعي لتصحيح مفاهيمك، وتصحيح المفاهيم يجب أن يكون قائمًا على مبدأ أن لله تعالى حكمة عظيمة في الكيفية التي حُدّدت بها أدوار الرجال وأدوار النساء، وليس هنالك تقليل أبدًا لدور المرأة أو وضع المرأة، على العكس تمامًا، المرأة بدونها وجود الرجل لا يعني أي شيء، ووجود الرجل بدون وجود المرأة أيضًا لا يعني أي شيء.
أنا أعتقد أنك في سِنٍّ صغيرة، وهجمت عليك هذه الأحزان بهذه الصورة غير التقليدية، لكن أنا متأكد أنك سوف تُغيرين مفاهيمك، أرجو أن تصرفي انتباهك، أرجو أن تجتهدي في دراستك، وتنظمي وقتك، وتحقّري هذه الأفكار، ولا تصدري مثل هذه الأحكام وأنت في هذه السّن.
هذا هو الذي أنصحك به، وإن شاء الله تعالى الشيخ أحمد الفودعي سوف يفيدك إفادة كبيرة ونافعة حول الموقف الشرعي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
____________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول طب نفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
____________________________________________
مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في موقعك استشارات إسلام ويب.
نحن نتفهم - ابنتنا الكريمة - ما مررت به من معاناة فقْدِ أُمّك، ولكن ما وصفتِ به والدك من أنه أناني، وكذلك صنف الرجال، لا شك أن هذا الوصف ناشئ عن تأثُّرك بالموقف وعدم إدراك الحقيقة كما هي، فإن الزواج حاجة فطرية لدى الرجل والمرأة، والله سبحانه وتعالى بنى هذا الكون على الزوجية، فقال سبحانه وتعالى: {ومن كل شيءٍ خلقنا زوجين}، وقال: {وهو الذي خلق الأزواج كلّها}.
والرجل والمرأة خلقهم الله تعالى ليكمِّلا بعضهما، فأحدهما يُكمِّلُ الآخر، فجعل سبحانه وتعالى الرجل سكنًا للمرأة، والمرأة سكنًا للرجل، فليس بينهما تضاد ولا تنافر، بل هي السكينة والوئام والاستقرار، والخروج عن هذا خروج عن الفطرة التي فطر الله تعالى الخلق عليها، وقد يقع الإنسان في هذا الخروج بسبب مؤثراتٍ كثيرة، ولكن ينبغي أن يعلم أنه خارج عن النظام الكوني الذي أوجده الله سبحانه وتعالى وبنى عليه خلقه.
والنظرة الشرعية لا تنظر إلى المرأة نظرة امتهان وازدراء، كما لا تُعظّم الرجل وترفعه فوق المرأة بمجرد جنسه، فالشريعة الإسلامية جاءت بأحكامٍ وآدابٍ، وبيَّنت الحقوق والواجبات لكل جنس بناء على ما أعطاه الله سبحانه وتعالى من القدرات، وما كلَّفه من الحقوق والواجبات، فأعطى الرجل حقوقًا، وأوجب عليه واجبات تليق به وبقدراته، كما فرض على المرأة واجبات، وأعطاها حقوقًا تليق بقدراتها ووظائفها.
والإسلام بنى الأسرة على الشراكة بين الرجل والمرأة، ولكن الأسرة كغيرها من المؤسسات تحتاج إلى قيادة وإدارة، فاختار الله سبحانه وتعالى الرجل ليكون قائدًا لهذه الأسرة ومديرًا لها لتمتُّعه بقدراتٍ لا تتمتّعُ بها المرأة، فجعل له القِوامة والإشراف على هذه الأسرة، وأوجب عليه واجباتٍ كثيرة في مقابل هذا تليق بقدرته أيضًا، فأوجب عليه الإنفاق على الزوجة، وحفظها، وحمايتها، وتوفير حاجاتها، ومعاشرتها بالمعروف، وأوجب على المرأة في المقابل القيام بحقوق هذه الأسرة في المنزل، لأنها لائقة بتلك الوظيفة، والعقل البشري المُنصف لا يمكن أن يقترح غير هذه الحالة التي جاءت بها شريعة الله سبحانه وتعالى، ففيها غاية الكمال والإنصاف ومراعاة الحقوق والواجبات، وتكليف كل مخلوقٍ بما يستطيعه، ورفع الحرج والمشقة عن الآخرين.
وأمَّا مسألة الإحداد وأنه يجب على المرأة دون الرجل:
فلأن المرأة إذا مات زوجها أوجب الله تعالى عليها العِدّة لحكَمٍ، ومن هذه الحكم معرفة براءة رحمها، ومن مكمِّلات هذه العِدّة أن شرع الله سبحانه وتعالى على المرأة الامتناع من الزواج في مُدة العِدة، حتى تنقطع أطماع الرجال فيها، وينقطع طمعها في الرجال، لتكمل العدة، وتحصل الحكمة التي شرعها الله تعالى من وراء هذه العِدة، فإذا انتهت العدة جاز للمرأة بعد ذلك أن تتجمّل وتتزيّن وتفعل كل ما يُرغِّب الرجال في الزواج بها -من غير تبرج وإظهار هذه الزينة أمامهم بالطبع-، فهذه حكمةُ الله تعالى من وراء هذه التشريعات الكاملة الجميلة، أشار إلى هذا فقهاء الإسلام، ومنهم ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه (إعلام الموقعين).
إذا عرفت هذا عرفت أن شريعة الله قائمة على العدل والإحسان، ومراعاة الحقوق لكل طرف، وليس فيها تفضيلٍ للرجال على النساء بمجرد الجنس، بل قال سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {فاستجاب لهم ربُّهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضكم من بعض}، فالرجل والمرأة في الأصل سواء، وأجورهما عند الله تعالى سواء، ومنزلتهما عند الله تعالى سواء، ولكنّه فاضلَ بينهما بحسب المقام وبحسب ما يقتضيه الحال، وتحت هذا تفاصيل وفروع كثيرة.
والمجتمع الشرقي كما ذكرتِ في سؤالك ووصفته بأنه مجتمع ذكوري – إن كنت تقصدين بها هذا التفضيل للرجال في بعض الجوانب – فليس صحيحًا فيما بدا لنا الآن من الكلام، ومن الإجحاف وعدم العدل تفضيل المجتمع الغربي على المجتمعات الشرقية مع غض النظر عمَّا يحصل للمرأة في المجتمعات الغربية من الهضم وإيقاعها في العنت والمشقة، وتكليفها الكسب والإنفاق على نفسها، بل وعلى الأسرة في بعض الأحيان، وهذا منافٍ لما فطر الله تعالى عليه العباد، ومنافٍ للرحمة والإشفاق بالمرأة، ناهيك عمَّا تتعرض له المرأة من اعتداء الرجل عليها، والقصص والأخبار في هذا كثيرة لا تُحصى، فكيف يصح أن يُقارن هذا الحال المعوج مع ما جاءت به شريعة الله تعالى من العدل والإنصاف وتكريم المرأة، وإعطائها كامل حقوقها ومراعاة ضعفها والرفق بها؟!
نسأل الله تعالى أن يردّنا إليه ردًّا جميلاً.
وننصحك – ابنتنا العزيزة – باستشارة الأطباء النفسيين والاستعانة بهم لرفع ما نزل بك من مشاعر سيئة بسبب هذا الموقف، فإن النفس تتعرَّض لبعض الأدواء والأمراض، والله تعالى جعل لكل داءٍ شفاء.
وأما قولك: ((بالنسبة لي أنا كفتاة نسوية أرى بأن جنس النساء أفضل بكثير من الرجال))، فكما أسلفنا من قبل فإنه لا تفضيل لجنس على جنس في الإسلام، فالرجل والمرأة سواء في التكليف وسواء في نيل الأجر والثواب تبعًا للاجتهاد في الطاعات.
وأما مصطلح النسوية فأنت كفتاة مسلمة لا ينبغي أن تنساقي وراء هذه المصطلحات التي تريد للمرأة المسلمة أن تصبح كالمرأة الغربية في كل شيء، فواقع المرأة المسلمة وخصوصيتها وما أكرمها الإسلام به، لا يمكن أن يتطابق مع واقع المرأة الغربية وما أفرزته الحضارة الزائفة من ظلم وإهانة لها، وحتى لا نطيل عليك في هذا الأمر نحيلك إلى هذه المقالات التي تناولت هذا الأمر في موقعنا، ونسأل الله أن تجدي فيها الفائدة:
https://www.islamweb.net/newlibrary/display_umma.php?lang=&BabId=8&ChapterId=8&BookId=297&CatId=201&startno=0
https://www.islamweb.net/ar/article/32371/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%88%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8
نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير.