أعاني من وسواس قهري في صورة أفكار وتخيلات.
2020-10-05 06:02:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
الحمد لله الذي يسر لي التواصل معكم.
بداية أنا شاب لدي 27 سنة، مصاب بالوسواس القهري منذ تقريبا 11 سنة، وسألخص لكم حالتي.
أنا شاب أصبت بالوسواس القهري الذي أتاني في صور ذهنية وأفكار وتخيلات، لكن قبل حوالي سنتين سخر الله لي رؤيا عند أمي يحذرني من الإلحاد، وعندما قارنت حالي مع مع الرؤيا أدركت تماما أنها رؤيا من الله، المهم عندما أقترب من التخلص من الوسواس كأنه يقول لي تتركني وقد صاحبتني 11سنة؟ وكأنه صديق حميم؟ ويقول لي تارة لا عليك اتبعت سبيل الجحيم والشيطانّ، ويقول لي أفضل لك أن تكون سفيها على أن تكون راشدا!
أعوذ بالله من هذه المعاناة.
مؤخرا كنت على وشك أن أتخلص منه فأتتني فرحة كبيرة، لكن عندما كنت في الصلاة وسجدت ودعوت بدعاء اللهم اهدني فيمن هديت شعرت كأني لم أعد في حاجة لهذا الدعاء، ربما يكون هذا وسواسا، لكن عندما انتهيت تذكرت وساوس قديمة فغلبتني! وكانت تقول لي هذا العالم كله مؤامرة ضدك، فشعرت كأن الله أراد أن يقول لي إن استغنيت عني هذا جزاؤك سأتركك لنفسك!
فأصبحت أصارع وساوس قديمة، فأنا أخشى أن أموت كافرا وأخلد في النار إلى ما لا نهاية، يا لها من معاناة! ما توجيهكم لي بارك الله فيكم؟ فالوساوس تأتيني في شكل صور ذهنية وأفكار.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
بالفعل الذي لديك هي وساوس، هنالك ذاكرة وسواسية لديك مختزنة، وأنت ذكرت أنها قد ظهرت في شكل رؤيا، لكنّه قطعًا هو حديث العقل، أو حديث الدماغ الوسواسي – كما نُسمّيه – وكل الذي حقيقة تعاني منه - وقد وصفته بصورة واضحة جليّة – هي وساوس.
كما ذكرتُ لك الوساوس قد تكون اجترارات سابقة يستذكرها الإنسان، أو قد تكون أمورًا حاضرة، أو في بعض الأحيان تكون أمورًا مستقبلية، كلّها تأتِ في بوتقة الوساوس القهرية.
والحمد لله تعالى هذا النوع من الأنماط الوسواسية يستجيبُ للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدًّا، وحقيقة أنت بالفعل عانيت من مدة طويلة، وكان من المفترض أن تُقابل أحد الأطباء المتميزين لعلاج هذا الوسواس.
عمومًا أقول لك: إن شاء الله تعالى يمكنك الآن أن تستدرك الموقف وتذهب وتقابل طبيبًا نفسيًّا، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، أنا سأصف لك أدوية فاعلة، مفيدة، متميزة في علاج هذا النوع من الوسواس.
الدواء الرئيسي يُسمَّى (بروزاك) واسمه العلمي (فلوكستين)، دواء فاعل، غير إدماني، سليم جدًّا، لا يؤثّر على الهرمونات الذكورية، تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجرامًا) يوميًا، تناولها صباحًا أو ظهرًا أو حتى مساءً، لا بأس في ذلك أبدًا، وبعد أسبوعين اجعل الجرعة كبسولتين يوميًا – أي أربعين مليجرامًا – هذه هي الجرعة الوسطية، علمًا بأن الجرعة الكلية هي ثمانون مليجرامًا – أي أربع كبسولات في اليوم، لكن لا أعتقد أنك سوف تحتاج لأكثر من كبسولتين في اليوم.
استمر على جرعة الأربعين مليجرامًا يوميًا، وادعهما بدواء آخر يُسمّى (رزبريادون)، هذا تتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها اثنين مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ آخر، ثم جعلها واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر.
أمَّا الفلوكستين فتستمر عليه بجرعة أربعين مليجرامًا – كما ذكرتُ لك – وبعد شهرين وأنت على العلاج هذا والرزبريادون إذا لم تحسّ بتحسُّنٍ حقيقي ارفع جرعة البروزاك إلى ثلاث كبسولات يوميًا – أي ستين مليجرامًا – وهذه قطعًا سوف تكون جرعة كافية وشافية إن شاء الله تعالى.
استمر على هذه الجرعة – أي الثلاث كبسولات إذا احتجت لها – لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولتين يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، ثم انتقل للجرعة الوقائية، وهي: كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أمَّا إذا كانت جرعة الكبسولتين من البروزاك كافية فأرجو أن تستمر عليها لمدة عام، سنة كاملة، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
توجد أدوية أخرى كثيرة، لكن أعتقد أن البروزاك هو أفضلها وأسلمها، يُضاف إليه التدعيم عن طريق عقار رزبريادون.
أخي: الوساوس يجب ألَّا تُناقش، ويجب أن تُحقّر، ويجب أن تصرف انتباهك عنها، يجب أن تنتهي، قل: (آمنت بالله ثم انتهِ)، كما نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم، علمًا بأن هذه الوساوس قد أصابت أفضل القرون، حيث اشتكى منها أُناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وجّههم الرسول صلى الله عليه وسلم بتجنّبها، وبتحقيرها، وبعدم الاهتمام بها، وهذا هو المنهج العلاجي السلوكي الصحيح.
أرجو أن تتجنب الفراغ الزمني والفراغ الذهني؛ لأن الوسواس يتصيّد الناس من خلال الفراغ. يجب أن تصرف انتباهك عنه بأن تشغل نفسك بما هو مفيد.
سوف يفيدك إن شاء الله تعالى الشيخ أحمد الفودعي – حفظه الله – بإرشاد نفسي إسلامي، أرجو أن تستوعبه لأنه سوف يفيدك كثيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
_______________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول طب نفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ، أحمد الفودعي- مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
___________________________________________
مرحبًا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يُخلصك من هذه الوساوس ويصرفها عنك.
وعليك- أيها الحبيب – أن تسعى جاهدًا في الأخذ بالأسباب التي تُخلُّصك منها، فإن الوساوس شرٌّ عظيم وداءٌ كبير، إذا تسلَّطت عليك أفسدت عليك حياتك، وأوقعتك في ألوانٍ وأنواعٍ من العناء والشقاء، وهي مع ذلك من جملة الأمراض والأدواء التي شرع الله تعالى لنا التداوي منها، والأخذ بالأسباب التي نتخلّص بها من معاناة هذه الوساوس، وهذه الأسباب نوعان: أسباب معنوية – يعني أدوية ربَّانية نبويّة – وهناك أسباب مادِّية – أعني بها الأدوية الحِسِّيَّة – وينبغي لك أن تأخذ بالجانبين، وأن تجمع الخيرين.
فنحن نوصيك بالجانب الرَّوْحاني المعنوي الشرعي، كما نُوصيك أيضًا بالأخذ بوصايا الأطباء المتخصصين وما يدلُّونك عليه ويُرشدونك إليه من أنواع الأدوية، وسيُفيدك الطبيب المختص بما ينفعك بإذن الله تعالى.
أمَّا الأدوية الرَّوْحانية المعنوية فقد أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم، ولخصها في أمور ثلاثة:
أولها: الإعراض عن هذه الوساوس وعدم الاشتغال بها، والانصراف عنها إلى غيرها، ومَن كان جادًّا في التخلُّص من هذه الوساوس لن يجد عناء كبيرًا في الانشغال بغيرها عنها إذا استعان بالله تعالى.
السبب الثاني: الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه، فكلّما داهمتك هذه الوساوس قل: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وأكثر من الاستعاذة بالله تعالى، وقراءة المعوذتين {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}، وأكثر من قراءة آية الكرسي والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة.
الوصية الثالثة أو السبب الثالث: الإكثار من ذكر الله تعالى عمومًا، فداوم على ذكر الله، وتحصّن به، واقرأ كتابًا ولو مختصرًا من الكتب التي تحوي الأذكار النبوية خلال اليوم والليلة، ومن أحسن الكتب الصغيرة التي تنفعك في هذا كتاب عنوانه (حصن المسلم) للشيخ وهف القحطاني، وهو موجود على شبكة الإنترنت، فيه أذكارٌ موزّعة على اليوم والليلة والأحوال والأوقات، فأكثرْ من مُلازمة الأذكار فإنها حِصنٌ حصينٌ يتحصَّن به المسلم من الشيطان.
فإذا أخذت بهذه الوصايا بجدٍّ واستعنتَ بالله تعالى على تحقيقها فإنك بإذن الله تعالى ستصل إلى التخلص من هذه الوساوس وتستريح من عنائها.
وكلّ ما ذكرتَه من التخوف من الإلحاد أو الكفر إنما هو أثر من آثار هذه الوساوس، ونحن نُطمئنك على إسلامك ودينك، فإن خوفك وانزعاجك من الكفر وخوفك من الوقوع فيه؛ كلُّ ذلك يدلُّ على وجود الإيمان في قلبك، وهذا ليس كلامًا مِنًّا، ولكنّه توصيفُ الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد شكى إليه بعض الصحابة أنه يجد في صدره وساوس يخافُ من التلفُّظ بها، فقال له عليه الصلاة والسلام: ((ذاك صريح الإيمان))، يعني: وجود الخف في القلب من الكفر ومن الوقوع فيه دليلٌ على وجود الإيمان، لولا الإيمان لما كان الإنسانُ يخافُ من الكفر.
فإذًا نحن نطمئنك على إسلامك وإيمانك، ولكنَّنا نُجدد تأكيدنا على ضرورة الأخذ بهذه الوصايا النبوية العظيمة، ففيها خلاصُك ونجاتُك.
نسأل الله تعالى أن يصرف عنَّا وعنك كل مكروه.