ليس لدي شعور بجدوى الحياة، ما النصيحة؟
2020-10-13 02:01:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم الدكتور.
أنا رجل بعمر 47 عاماً، متزوج، لدي أبناء، ومشكلتي الآن هي أنني أشعر بعدم جدوى الحياة، لا أشعر بأي دافع، لا أفعل أي شيء إلا عندما أكون مضطراً، بخلاف ذلك لا أفعل شيئاً.
أقوم بأداء عملي (تجارة) بتخاذل، وكل ما أستطيع تركه أتركه، وكل ما أستطيع تأجيله أؤجله، وحتى الأشياء التي لا تترك ولا تؤجل أتركها أحياناً، حتى الحسابات التي لا بد من متابعتها يومياً أتركها أحياناً عدة أيام، وأترك ترتيب الأشياء وطلبات المنزل، وإصلاح الأشياء، كل هذا أتركه ولا أفعله إلا مضطراً، وقد أبدأ في الشيء ولا أكمله، وقد أتحمس أحياناً لشيء ويضيع الحماس كله قبل أن أنهيه.
ليس لدي رغبة في أي شيء تقريباً، حتى أعمال الخير والطاعات لا أفعل منها إلا ما لا بد من فعله، عندما أنظر لنفسي لا أعرف لماذا أعيش؟ وماذا أنتظر؟ وشعوري بعدم جدوى الحياة لم يجعلني أزهد في الحياة، وألتفت للآخرة بالكلية!
أنا أيضاً لا أشعر بدافع نحو الآخرة، ليس بعدم تصديق ولا نقص إيمان، لكن حقيقة لا أجد في نفسي عزماً ولا دافعاً تجاه أي شيء، ومررت بهذا الشعور أكثر من مرة على فترات متباعدة، ويكون أزيد في كل مرة، ولكن هذه المرة أشد وأطول.
هذا جعلني أفترض أن هناك خللاً نفسياً أو خللاً كيميائياً لدي، أرجو النصيحة والإرشاد جزاكم الله خيراً.
علماً بأنني أعاني من عدة اضطرابات أخرى كالشخصية التجنبية ونسبة من القلق العام ونسبة من الاكتئاب، كما أنني تعاطيت زيروكسات لفترة 8 شهوراً، وكان جيداً إلى حد ما بالنسبة للعصبية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
رسالتك – أخي الكريم – واضحة جدًّا، فأنت لديك – كما تفضلت – مشكلة في الدافعية، ومن الواضح جدًّا أن المزاج الاكتئابي هو الذي يُهيمن عليك ممَّا يُقلل من دافعيتك، والإنسان حين لا يُنجز تضعف عنده إرادة التغيير، وتقريبًا ينعدم لديه ما نُسمِّيه بالمردود الداخلي الإيجابي، يعني الإنسان الذي يقوم بعمل إيجابي يُكافئ نفسه من خلال أن يُقدّر هذا العمل ليقوم بالمزيد من الأعمال.
أنت تفتقد هذا – أخي الكريم – وهذا قطعًا ناتج من شيء من الاكتئاب النفسي، وربما يكون أيضًا شخصيتك الكريمة فيها بعض المكونات السلبية، وهذا لن يساعدك.
عمومًا: التغيير يكون من خلال التأمُّل والتدبُّر والاستغراق الذهني الصحيح، لأن الحياة فيها ثنائيات في كل شيء، كل ما هو سلبي يُقابله ما هو إيجابي، الشر يُقابله الخير، والحزن يُقابله الفرح، المرض يقابله الصحة، وحتى الليل يقابله النهار، والشمس تقابلها القمر، وهكذا... فدائمًا ننظر للجوانب المشرقة فائدة، ودائمًا الإنسان يدفع نفسه نحو الإنجاز حتى وإن كان الشعور سلبيًا والأفكار خاطئة، لأن العلاج عن طريق الأفعال يُغير الأفكار ويغير الأشياء ليجعلها أكثر فعالية وإيجابية.
من المهم ألَّا تقبل لنفسك هذا الوضع، ومن المهم جدًّا أن تتدارك الإيجابيات التي لديك، وأن تُقيّم نفسك تقيمًا متأنِّيًا ومُنصفًا، لا تُقلل من ذاتك، ولا تضخّم من ذاتك أخي الكريم.
أنا أنصحك بشيء مهمّ جدًّا، وهو: الحرص على الواجبات الاجتماعية، ابدأ بهذه، شارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، صل رحمك، قم بزيارة المرضى، وحاول أن تمارس رياضة المشي مثلاً، نصف ساعة في اليوم، مع صديق، مع أخ، لوحدك، وحين تمشي وتتماشى تستغفر وتُسبّح وتحمد.
أخي الكريم: من خلال هذه الآليات أنا أعتقد أنك تستطيع أن تتغيّر، المهم ألَّا تقبل بالانهزام، ولا تقبل بالسلبية في التفكير أو الشعور، وأن تكون أفعالك إيجابية، والعبادة طبعًا الإنسان يجب ألَّا يترك للشيطان مجالاً ليتلاعب فيها، أبدًا، وعلى وجه الخصوص الصلاة، الصلاة مع الجماعة تُشجع الإنسان حقيقة لئلا يترك الصلاة أبدًا.
أخي الكريم: أنت محتاج لمحسنات المزاج، وكانت لك تجربة إيجابية مع الزيروكسات فيما مضى، والآن أنا أعتقد أنك يمكن أن تُجرّب عقار يُسمَّى (برنتلكس Brintellix) هذا اسمه التجاري، ويُسمَّى علميًا (فوركستين Proxetine)، الجرعة تبدأ بعشرة مليجرام يوميًا، وبعد شهر تجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا، هذا أحد مضادات الاكتئاب التي تُحسّن الدافعية.
يوجد عقار آخر يُسمَّى (فالدوكسان Valdoxan) واسمه العلمي (أجوميلاتين Agomelatine) أيضًا دواء مُحسِّنٌ جيد للدافعية، لكن في هذه المرحلة سيكون البرنتلكس كافيًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.