هل أترك خطيبتي بسبب سمعة والدتها السيئة أم لا؟
2020-10-19 03:09:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا خاطب منذ عام وكل شيء تمام ورائع، ولم أر من خطيبتي أو والدتها إلا الاحترام والأدب والتدين.
والدة خطيبتي مطلقة منذ أن كانت خطيبتي صغيرة في السن، منذ فترة أتى إليّ زوج خالتي وقال لي أن سمعتها سيئة وأن أحدهم رآها في وضع سيء، وكلاما من هذا القبيل، قلت له أني لم أر منهم ما يتماشى مع ذلك، قال لي أن خطيبتي سمعتها طيبة ولا غبار عليها ولكن المشكلة في والدتها، اتفقنا على أن لا نخبر أحداً حتى يأتي إثبات ذلك.
معروف عن زوج خالتي هذا أنه خبيث النفس نمام ويخوض في الأعراض، البارحة لمّح لوالدتي بما دار بيننا رغم أننا اتفقنا على عدم التحدث به ثانية!
أنا لا أقبل أن يكون أهلي في محل سخرية أو ضعف وأريد أن أخبرهم ما قال، ولكني أعلم يقينا 100% أنهم سيطلبون مني تركها حتى وإن كانوا لا يصدقون ما قال، فماذا أفعل؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم-، وردا على استشارتك أقول:
فإن سمعة الإنسان هي رأس ماله وألسنة الناس لا ترحم، فشخص مثل خالك يقدح في أعراض الناس سيبقى ينقل مثل هذا الكلام هنا وهناك، وإن كان الكلام في أم هذه الفتاة إلا أنه سيؤثر على سمعة الفتاة، وربما وصل التأثير إليك وإلى أبنائك فيما بعد.
من كان متأصلا في نفسه حب الكلام والطعن في أعراض الآخرين فإنه لا يمكن أن يؤثر عليه بشيء خارجي كإعطائه المال مثلا من أجل أن يترك الكلام؛ لأن هذا مرض ولا يمكن أن يقلع المصاب به إلا بالتوبة النصوح الناتجة عن قوة الإيمان.
أوصيك أن تتيقن من وجود الصفات التي أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى لزوم توفرها، حيث قال: (تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ) ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب، فلا خير في زوجة لا دين لها، ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.
أنصحك أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعو بالدعاء المأثور ولعل الله يقدح في نفسك أحد الأمرين المضي أو الترك، كما أني أنصحك إن رفض والداك الزواج بهذه الفتاة ألا تخالف أمرهما خاصة وأنت لا زلت بعيدا، ولعل الله تعالى أراد أن يصرفك عن هذه الفتاة بظهور هذه المشكلة في وقت مبكر، وذلك خيرا من أن تظهر بعد الزواج.
أخبر والديك بما دار بينك وبين خالك من باب البيان وإن طلبا منك ترك هذه الفتاة فأنصحك ألا تعارض رغبتهما؛ لأنهما ينظران إلى مسألة سمعتك وسمعة أسرتهم بين الناس ولعل الله تعالى يعوضك عنها بطاعتك لوالديك.
لا تفكر في الاستمرار بخطبة هذه الفتاة من ناحية عاطفية فالأرزاق بيد الله تعالى، واجعل تفكيرك عقليا منطقيا متدبرا المآلات في المستقبل، مع العلم أن فترة الخطبة هي فترة للنظر والتأني للطرفين، فكما يجوز لك أن تتراجع فيجوز كذلك للفتاة أن تفسخ الخطبة.
إن أصررت على هذه الفتاة فهل تستطيع أن تقنع والديك؟ وهل يستطيع والداك أن يخرسوا لسان زوج خالتك بحيث لا يتكلم في عرض أم هذه الفتاة؟ فإن استطعت على ذلك كله ورأيت أن الصفات التي تريدها متوفرة في هذه الفتاة؛ فلا بأس حينئذ من عدم فسخ الخطبة.
لا بأس أن تعظ خالك وتذكره بالله تعالى وبعقوبة الطعن في أعراض الناس في الدنيا والآخرة، وأن الله قد يعاقبه من جنس عمله فيسلط عليه من يتكلم في عرضه.
لا بأس أن تتأنى فترة من الوقت لتنظر إلى ما تؤول إليه الأمور، وتصلي الاستخارة وتنظر ما ينقدح في نفسك والله المستعان.
جال في خاطري سؤال وهو: هل عند خالك بنت ويريدك أن تتزوج بها؟ فهو قد يصرفك عن هذه الفتاة إضافة إلى مرض الغيبة وأكل أعراض الناس والعياذ بالله، فإن كان له بنت فلربما كان ذلك من الدواعي لكلامه في تلك المرأة.
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يختار لك ما فيه الخير وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في هذه الحياة، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
اطلب من والديك الدعاء فدعوتهما مستجابة كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام.
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.