أعاني من عُسر مزاج مزمن وأميل للانعزال.. هل من أمل للخروج من هذه الأزمة؟

2020-10-19 05:04:15 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موقع إسلام ويب الفاضل.

أعرض لكم مشكلتي آملاً أن ألقى النصح والتوجيه من طرفكم، تخرجت من الجامعة قبل ٨ سنوات، والتحقت بسوق العمل في دولة أخرى، حيث كان يقيم والدي، خلال الـ ٨ سنوات الماضية غيرت عملي ٤ مرات، في كل مرة يتم إنهاء خدماتي بسبب تقصيري في المهام الوظيفية، حيث خلال الفترة الأولى أكون متحمسا جداً للعمل، وبعد مضي ٣ أو٤ أشهر يبدأ فقدان الحماس، والتأجيل والتسويف، وأعاني من أرق مزمن وصعوبة الاستيقاظ صباحاً، وأبدأ باستصحاب العمل وإهماله، قبل ٤ أشهر توفي والدي كُنت أقيم معه وحدنا، بعد وفاته رحمه الله، أصابني هم وغم، وبدأت أشعر أنني كنت عديم المسؤولية، ولم أستطع الحفاظ على عملي، ويرافق هذا جلد الذات.

راجعت طبيبا قبل يومين، ووصف حالتي أن لدي عُسر مزاج، وصف لي أدوية مثل سيلبراك وAkmmon الآن لدي رغبة قوية في التغيير، لكن لا زلت أعاني من الإحباط والنظرة التشاؤمية للحياة، وأشعر أن وضعي سوف يصبح أسوأ، أصبحت أميل للانعزال عن الناس، وعدم الرغبة بالقيام بأي شيء، والتفكير السلبي الآن أنا مسؤول عن عائلتي، هل من أمل للخروج من هذه الأزمة؟

شاكراً لكم حُسن توجيهكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: أنا أعتقد أن الذي لديك هو نوع من الإحباط التدريجي الذي يُصيبك، حيث إنك تُصاب بشيء من الملل من الأشياء الروتينية، وفي بعض الأحيان العمل يكون رتيبًا ويكون روتينيًّا، الإنسان يكون مندفعًا في بدايات الأمر وبعد ذلك يتململ من الروتينية، لكنّ الإنسان يمكن أن يُبدع في عمله، يمكن أن يُدخل إدخالاتٍ جديدة في عمله، يمكن أن يتطوّر في عمله، ويتطوّر في علاقاته الاجتماعية، وهذا مهمٌّ جدًّا أخي الكريم.

فأنت تحتاج دائمًا أن تنظر إلى العمل أنه عملية ديناميكية متطورة، وليس أمرًا ثابتًا وجامدًا، أَحْضُرُ في الصباح وأذهبُ بعد ثماني ساعات... وهكذا، لا، العمل أفضل من ذلك، ويجب أن يُنظر إليه نظرة إيجابية، والإنسان يجب أن يُحب عمله.

فإذًا استشعار مثل هذا النوع من الفكر المعرفي هو الذي يُساعدك أخي الكريم.

والأمر الآخر هو: أن تُصحح صحتك النومية، وذلك من خلال تجنب النوم النهاري، وممارسة الرياضة، وتجنب شُرب الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساءً، تجنب السهر، تثبيت وقت النوم، بل النوم المبكّر دائمًا أفضل، الساعة التاسعة مساءً مثلاً، وتحرص على الأذكار، إن شاء الله تستيقظ بطاقاتٍ جيدة، تُصلّي الفجر، وتبدأ يومك.

الرياضة يجب أن تكون جزءً من حياتك؛ لأن الرياضة تُحسّن الدافعية الجسدية والدافعية المعنوية.

وأنت الآن – يا أخي الكريم – لا بد أن تستشعر وبصورة جادة جدًّا وبعد وفاة والدك – رحمه الله تعالى – لا بد أن تستشعر أن مسؤوليتك تعاظمت، ومن أجمل الأشياء في الحياة أن يكون الإنسان له دور، أن تكون هنالك حاجة للآخرين فيك، وأن تكون حاجتك أقلّ بالنسبة للآخرين.

فيا أخي الكريم: بهذه الكيفية، وبهذا الفكر الجديد، وبهذا التوجُّه الجديد، بتنظيم الوقت، بممارسة الرياضة، أنا أعتقد أنك تستطيع أن تبني حياة طيبة وجميلة، أنا أعرف أن نوايا الخير عندك، ونية التغيير عندك، لكن يجب أن تُطبِّق.

أيضًا القيام بالواجبات الاجتماعية وجدناه أمرًا عظيمًا، الإنسان الذي لا يتخلف عن واجباته الاجتماعية دائمًا يحس بالرضا، دائمًا يكون صاحب يدًا عُليا، دائمًا يشعر بالراحة والسعادة، هذا أمرٌ مجرَّب.

فيا أخي الكريم: لبِّ الدعوات، الأفراح، شارك الناس في العزاءات، امش في الجنائز، قم بزيارة المرضى، اجلس مع أصدقائك، رفِّه عن نفسك... وهكذا، هذه أمور علاجية نعتبرها الآن مهمَّة جدًّا، الصلاة مع الجماعة أيضًا تُحسّن الدافعية، وردك القرآني يجب أن تحرص عليه، أن تنظر للمستقبل دائمًا بأملٍ ورجاء.

هذا هو المطلوب، وهذه هي الآليات العلاجية التي يجب أن تلتزم بها، والدواء يُعتبر إضافة، يُساعدك بنسبة خمسة وعشرين بالمائة، لكن خمسة وسبعين بالمائة هي أنك تحتاج للتوجيهات التي ذكرتها لك، وعليك التطبيق، وأسأل الله تعالى أن يعافيك ويشفيك، وأن تحس بطاقاتٍ إيجابية في حياتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net