أنا فتاة أخاف الله ولكن أحس أن حياتي بلا معنى
2020-10-15 05:00:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
لست أفهم نفسي حقاً، أنا فتاة متدينة وأخاف الله، لكن أحس أن حياتي ليس لها معنى.
المسألة الأولى: أنا كنت فتاة طموحة نشيطة، لدي أحلام، كنت موهوبة، كنت أريد أن أطور موهبتي، لكن أمي كانت تمنعني من الخروج، كانت تحقر إنجازاتي، وتقمعني بحجة العالم الخارجي خطر.
كنت فقط أحتاج تشجيع، أصرت وتدخلت في اختصاص الدراسة، وأرغمتني على دراسة لا أرى فيها نفسي، كانت غايتي إرضاء أمي، والآن عندما قررت أن أفعل ما أحب، تقف في وجهي، وتعاديني وتغضب علي، وتدعو علي بالشر.
قلت لها: إنني أحب أن أقرر حياتي، وقلت لها بلطف: لا تدعي علي، لكنها تصر حتى على قول إني فتاة أعقها أمام خالاتي، لا أدري ماذا أفعل؟ تارة أقول: إن اختصاصي ربما هو نعمة من الله وأجتهد فيه، لكن أقابل بالرفض وبالفشل، فقررت تركه، لم أجد عملاً فيه، أحس أني فاشلة، لا أريد أن أكون هكذا، وثقتي في نفسي متزعزعة رغم أنني من قراء التنمية البشرية.
المسألة الثاني: أنا لطلما عانيت في وسط عائلي فيه مشاكل.. و كرهت هذا الوسط، ماذا أفعل؟ وأنا أعرف أنه من الحرام أن أنتقل للعيش وحدي أو أسافر لبلد أخر وأنا ما زلت عازبة، أريد أن أغير حياتي.
المسألة الثالثة: أنا حقا لا أعرف، أرى عدم التوفيق في كل شيء، قدمت في 20 وظيفة ولا أحد قبل توظيفي! رغم أنني ممتازة في دراستي، وعندي شهادات علمية.
من جهة إن سمعت أن هناك خاطباً جاء أسمع في يومها أنه لم يعد يريد، هكذا حياتي، تأتي فرحة، تنقلب تعسة، لا أدري لماذا؟ رغم أنني أدعي وأصلي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك بنيتي، وأعاننا الله على مساعدتك للوصول إلى طريق النور.
ثقي أن مشكلتك ليست مستعصية عن الحل، وبيدك أنت أن تتجاوزيها، وتمر بحياة كل منّا مواقف يجب عليه مواجهتها وعدم الهروب، وأن يتخطاها، وكل ما تحتاجينه هو الرضا عن النفس أولاً: ثم التقرب من والدتك، وأن لا تفسري كل ما تقوله أنه ضدك، وأنا لا أنكر أن ما تذكرينه من تصرفات قاسية بحقك شاق على النفس ويبكي القلب، ولكن يهونه النظر لعظيم الأجر.
كل ما تعانينه له حل إن شاء الله تعإلى، ولا يحتاج منك أن تصلي إلى هذا الحد من اليأس لذلك: عليك أن تتخذي موقفًا حازمًا لبعض الأمور ولكن بدون أن تنهاري وتخسري روح الحياة فيك، فأنت لديك مستقبل مشرق ينتظرك،وهذه هي الحياة لكل منا دور عليه القيام به، ورسالة يؤديها ويٌسأل عنها أمام الله، فكثرة الضغوطات العائلية تولد الانفجار النفسي، ويكون ضررها على الصحة الجسدية والنفسية للفتاة.
إنني أشعر بك وأتفهم كم أنت تتوقين أن تكوني داخل بيت أسرتك تعيشين حياة فيها مودة ومحبة، لكن ما لا تعرفينه ربما أنَّ هذه المشاكل بين الأم والأبناء والبنات موجودة في كل منزل ولكن تتفاوت الخلافات في حدتها وقوتها وطبيعتها من أسرة لأخرى، واعلمي أن كل ما تقومين به مع أهلك يقع في ميزان حسناتك، فعند الله لا تضيع الأجور.
أنت قُلت خلال استشارتك: إنّك تتمنين أن تعيشي بعيدة عن أهلك، وهذا الكلام خطأ يريد الشيطان به أن يسوّد حياتك وأن يضخم مصابك، والحق أنَّ بيتك على ما فيه هو الحضن الدافئ لك؛ فاحذري من وساوس الشيطان.
أما فيما يخص تدخل والدتك في شؤونك من جهة تخصصك وخروجك ودخولك المنزل خوفاً عليك من العالم الخارجي وإن كان في بعض ما تأمر به تضييق عليك في بعض ما يباح لك، فالأحسن أن تطيعيها وأن تفعلي ما تريد وتنزلي عند رغبتها وإن كان لا يجب عليك ولكن من باب التضحية والإيثار فإنها أحق من يحسن إليها وقد جعل الله تعالى طاعة الوالدين بعد عبادته مباشرة كما ذكر في كتابه الكريم، فبرّ الأم يعد من شكر الله تعالى.
احرصي على بر والدتك، ولا تكثري من الجدال معها، واعلمي أن لكل واحد منا مهما علا شأنه مفتاح شخصية، فابحثي عن مفتاح شخصية والدتك، وتقربي منها؛ ربما تتفهمك أكثر وتقف بجانبك، وكل هذا يعتمد على أسلوبك في الحديث معها، بدون تقمص دور الضحية وجلد الذات.
لا مانع من تدخل إحدى( خالاتك ) ومن تكون لها تأثير على والدتك أن تنصحها وتطلب منها تقديم الدعم المعنوي بالكلمة الطيببة وتذكيرها بأهمية دعاء الأم لأبنائها بالخير والتوفيق والتيسير في شؤون حياتهم... والخ، فإن النصيحة من الآخرين لها أثر بلا شك؛ وخاصة إذا كانت بأسلوب صائب ولين.
عليكم بدعوتها لسماع ما أوصانا به الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود .وقول الله عز وجل:( ادعو ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين)، ولعل الله تعالى أن يشرح صدرها لتعاملك معاملة الفتاة البالغة العاقلة الراشدة السوية، وسيستقيم أمرك عندها ويكبر مقامك في نفس أمك .
أما ما ذكرت من اليأس وعدم الرضا والشعور بالضياع فلا مكان له، واعلم أن دراستك الجامعية وبتخصصك، كل ذلك يدل على أنك قادرة في النجاح والتميز إن شاء الله تعالى، وقلت لنا:" قدمت في 20 وظيفة ولا أحد قبل توظيفي رغم أنني ممتازة في دراستي وعندي شهادات"، وهنا أود أن أُذكرك أن الناجحين لم يولدوا ناجحين، بل فيهم من فشل ثم فشل ثم نجح بالصبر والمثابرة بعد التوكل على الله عز وجل.
لذلك عليك بنيتي أنّ تنظري إلى مصادر قوتك وأن تطاردي مشاعر اليأس من التوفيق في الوظيفة التي تليق بك، وألا تستسلمي لهذا الوضع أبداً، عليك أنّ تبحثي عن عمل من خلال متابعة إعلانات عن الوظائف إن كان في الدوائر الحومية أو الخاصة، وربما تجدين عملاً عن بعد والتنفيذ يكون عبر الإنترنت، فهذه الوظائف أصبحت مقبولة ومتاحة، وخاصة في ظل جائحة كورونا.
رزقنا في السماء، ونحتاج لنسعى للحصول عليه، اعملي على التفاؤل وتحسين وضعك النفسي، وكوني إيجابية، وسيأتيك الرزق بإذنه تعالى.
داومي على الدعاء وبثقة وناشدي الله بقلب خاشع راضي أن يرزقك الزوج الصالح المصلح، وأن يرزقك العمل والرزق والصحبة الصالحة التي تعينك على الخير، والله مع العبد، وما على العبد إلا تحسين الظن به، ولذلك قال لنا الرحمن:( واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان..)، وفي الحديث القدسي قال لنا: (أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله)، فكوني متفائلة وواثقة بالله تعالى، واعلمي أن الفرج قريب.
اهتمي بأنوثتك من جديد ولا تهمليها، فنفسك لها حق عليك، أعطي نفسك الوقت الكافي لاختيار ملابسك، واحرصي أن تكوني راضية على مظهرك، وحدثي نفسك بعبارات إيجابية تعطيك القوة من داخلك، حافظي على جسدك لتؤدي ما يريده الله منك؛ فممارسة الرياضة تعمل على تجديد طاقة الجسم والتخلص من القلق وطرد الأفكار السلبية.
أشغلي وقتك بما يفيدك من خلال المشاركة في الأعمال التطوعية ومنها تتعرفين على صحبة صالحة تعينك على الخير وحب الحياة في حب لله.
إن شعرت أنك قادرة على القيام بهذه النصائح ستتغيرين إن شاء الله تعالى، وأنا أرى أمامي فتاة ترتقي أعلى المناصب وتشارك في بناء المجتمع الإسلامي، مميزة متعلمة ومتمكنة من علم الدنيا والآخرة، فقط صبراً جميلاً غاليتي.
إذا ضاقت الدنيا بك فلا تقولي: يارب عندي هم كبير، بل قولي: يا هم عندي رب كبير.
وفقك الله لما يحب ويرضى، وجعلك من المتميزين في الدارين، ونفع بك الإسلام.