قلق وتوتر حاد بسبب الخوف من الاختلاط بالبنات في الجامعة.. ساعدوني.
2020-10-28 02:53:56 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا طالب سأدخل في أولي جامعة، وأعاني من قلق وتوتر شديد بسبب الجامعة والاختلاط بالبنات، وأخاف من الإحراج أمامهم، ولما أتوتر معدتي تؤلمني، وتبدأ بعمل أصوات، وهذا يسبب لي توترا أكثر، وأنا مرعوب من هذا الموضوع، لدرجة أني فكرت في الانتحار، الذي يمنعني هو العذاب الذي سأتعذبه بعدما أموت، وأصبحت أطلب الموت من ربنا، وأحس أني لو لم أمت قبل أول يوم دراسة سأنتحر.
لا أستطيع التمتع بالحياة، ولا أستطيع العيش وسط الحالة التي أنا فيها.
فبالله عليك أريد حلا سريعا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
أهنئُك أولاً بالتحاقك بالجامعة، وأسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن تكون من الناجحين والمتميزين.
أنا لا أرى أي مشكلة حقيقة في هذا الأمر، يجب أن تكون فرحًا ومُقدمًا على دراستك، هذه مرحلة جديدة، مرحلة مهمّة جدًّا، ولا يمكن أن تكون درجة القلق والتوتر لديك بالكم والكيف الذي تحدثت عنه، وما علاقة هذا الموضوع بالانتحار؟! الانتحار قضية سوداوية مختلفة تمامًا، أنا لا أعرف: هل لديك مشاكل أخرى؟ هل لديك صعوبات أخرى تجعلك تُفكّر بهذه الكيفية؟ لكن إذا كان الأمر هو دخول الجامعة والاختلاط بالبنات فهذه قضية واهية جدًّا، الاختلاط له ضوابطه وله حدوده، وجزاك الله خيرًا أنك أردت أن تحافظ على دينك، وتغض من بصرك، هذا ممكن جدًّا وفي حدود المعقول، ولا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها، وكلٌّ بشأنه، وسوف تجد آلاف الطلاب موجودين، وآلاف الطلاب قد تخرّجوا، وآلاف الطلاب سوف يأتون، أنت جزء من هذه المنظومة ومن هذه المجموعة، لا تنظر للأمور بشخصنة، فالأمر ليس منحصرًا عليك أبدًا.
عليك أن تُكثر من الاستغفار، وعليك أن تعدّ نفسك إعدادًا جيدًا للدراسة، وإن شاء الله تبني صداقات ممتازة من الشباب، وفجّر طاقاتك من خلال ممارسة الرياضة، من خلال التنظيم الإيجابي للوقت، الحرص على الصلاة في وقتها، الورد القرآني، الأذكار، ولا بد أن تكون لك طموحات وتطلُّعات عالية. هذا القلق السلبي الذي يُهيمنُ عليك يجب أن تُوجّهه وتجعله قلقًا إيجابيًّا، بأن تفكّر في المستقبل أكثر ممَّا تفكّر في هذه الهواجس.
حقيقة ليس لدي أكثر من ذلك لأقوله، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، لكن أنا لا أرى أصلاً مشكلة في هذا الموضوع، أبدًا، بل على العكس يجب أن تكون مسرورًا وفرحًا بدخولك الجامعة، وتعتبرها مرحلة جديدة، تتعلّم فيها الكثير، تتعلم فيها التواصل الاجتماعي، تتعلم فيها الاعتماد على النفس، التحصيل الجامعي والدراسي الممتاز، الاكتسابات الثقافية، الدراسة في الجامعة مرحلة ممتازة، ويتعلّم الإنسان الكثير فيها، تختلفُ تمامًا من الثانويات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
++++++++++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي الاستشاري التربوي والشرعي.
++++++++++++++++
مرحبًا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يكتب لك التوفيق، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، ونحيي هذه الروح التي دفعتك للتواصل إلينا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
لا شك أن وجود الإنسان في جامعة بها بنات يحتاج إلى مجهودات من الشباب، ولكن هذا لا يعني أن الأمر مستحيل، فخيار العلماء والشباب الطيب الطاهر تخرّج من جامعات فيها بنات، لكنّهم التزموا بالضوابط الشرعية والقواعد الشرعية، فانحازوا إلى أمثالهم من الشباب، واجتهدوا في غض أبصارهم، والأمر ممكن وسهل، والإنسان هو الذي يُحدد أصلاً المسافة بينه وبين الآخرين.
نحن نريدك أن تكون مع الرجال، بل نريدك أن تُصادق الصالحين منهم، وستجد في هذا الأمر سعة، وكثير من الناس استطاع أن يجتاز هذه المرحلة – مرحلة الجامعة – الدراسة في جامعات مختلطة، أو العمل في بلاد فيها الاختلاط، تجاوزوا كل ذلك وحفظوا دينهم، بل كانوا أكثر دينًّا وأكثر تمسُّكًا بحرصهم على رعاية القواعد والضوابط الشرعية.
والله تبارك وتعالى أعطى هذا الإنسان البصر وأعانه بجفنٍ يستطيع به أن يغض بصره، ولو وقع نظر الإنسان على فتاة فلا حرج عليه، ولكن عليه أن يصرف بصره، فالنبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن نظر الفجاءة فقال: ((أصرف بصرك))، وقال: ((إنما لك الأولى وليست لك الثانية)).
فإذًا التوجيه الشرعي واضح في هذه المسألة، والمسألة لا تستحق هذا التوتر، بل نحن لا نريد أن تجعل هذا سببًا لترك الجامعة والنفور منها، وأيضًا لا يمكن أن يكون سببًا للانتحار، الإنسان يدخل في جريمة من أكبر الجرائم التي يمكن أن يقع فيها الإنسان والعياذ بالله، ولذلك أرجو أن تنتبه لهذا الكلام الذي تتفوه به، وأرجو أن تُدرك أيضًا أن هذا القلق زائد عن حدّه فانقلب إلى ضده، والقليل من القلق مطلوب، القلق الذي يدفع الإنسان إلى مزيد من عمل الاحتياطات والاجتهادات فيما فيه المصلحة والخير، والدين يدعو الإنسان إلى أن يبتعد عن أماكن النساء، أن يغض بصره عن النساء، لكن هذا لا يعني أن النساء لن يكنّ معنا في الحياة، ولأن نجوت من الجامعة فأين أنت من الحياة العملية؟ وأين أنت من هذه الدنيا التي تتحرك فيها المرأة، بكل أسف أكثر من المعقول وأكثر من المطلوب؟
ولذلك أرجو أن تتكيف وتتأقلم مصطحبًا قواعد وضوابط هذا الشرع الذي شرفك الله وشرفنا الله تبارك وتعالى به، ولا تُعط هذه التوترات هذه المساحة الكبيرة حتى لا تؤثر على صحتك، وإذا خوفك الشيطان ممَّا يحصل فتذكر أن الله تبارك وتعالى أمرك بأوامر تتمسّك بها، وتذكّر أنك ستستغفر وتتوب وتلجأ إلى الله، كما أشار إليك الدكتور محمد، فالإنسان يستطيع أن يعمل لنفسه سياجا إيمانيا ومناعة إيمانية تمنعه من السقوط.
ونحن نحيي هذه الروح، ونحيي هذا الخوف من الوقوع في المعاصي، لكن أيضًا ينبغي أن تأخذ المسألة وضعها المناسب، فلا تستعجل، وعندما تصل إلى الجامعة فستجد أخيارا يُفكّرون بنفس الطريقة، فكونوا معًا، واخرجوا معًا، وادخلوا معًا، وذاكروا مع بعضكم، واستعينوا بالله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.