كيف أتعامل مع جدتي وتقلبات مزاجها؟
2020-10-22 04:55:07 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، عمري ٢٢ سنة، جدتي تأتي بين فترة وفترة تبقى معنا لمدة شهر، وبعدها ترجع لبيت خالتي.
جدتي كثيرة النميمة، كل أحاديثها مع أمي عن الناس وما فعلوا بها، وتذكر أشياء حدثت لها في الماضي مع زوجة ابنها، وكيف كانت تتعامل بقسوة وعجرفة مع جدتي، ولا تحترمها أبداً، وخالي كان لا يهتم بتصرفات زوجته، ولم يوقفها عند حدها، وجدتي لم تنس ذلك الموقف رغم أن زوجة الابن قد تغيرت كثيرًا، وأصبحت تحترم جدتي، وعندما تعرف أنها أتت لبيتنا تأتي هي وبناتها ليزرنها، ولكن جدتي لم ولن تنسى تلك المواقف!
المشكلة ليست هنا فقط، بل من كثرة نميمتها فقد أصبحت تجرحنا بكلامها وخاصة أمي، وتجعلها تعمل ليل نهار، وللعلم أمي مريضة بالقلب، ولا تقدر على تحمل مشاق العمل، وأصبح كلامها جارحا جداً بمعنى الكلمة، ففي السابق كانت لا تجرح أحفادها، ولكن هي لم تعد تهتم، حتى إن إخوتي بدأوا بتجنبها ولا يرغبون بالبقاء معها بسبب تصرفاتها وتقلبات مزاجها، فما العمل؟
أرغب بالنصيحة، وكيف أتعامل مع جدتي؟ وهل هذا شيء طبيعي تتصرف به الجدات لكبر سنهن ؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً ومرحباً بك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال.
وجوابا على سؤالك: كيف أتعامل مع جدتي وهل هذا شيء طبيعي تتصرف به الجدات لكبر سنهن؟
أقول لك أيتها الابنة الغالية ما يلي: مما يبدو لي أنّ طريقة جدتك ( الفضفضة) مع والدتك قديمة، ووالدتك أقدر على احتواء المواضيع والقصص مع والدتها، وأيضاً أعتقد أنها اعتادت على أسلوبها ونمط شخصيتها، ومدركة تماماً لما يصدر من الجدة، فهي ليست بحاجة إلى من يوجهها أو يلفت نظرها إلى الطريقة الصحيحة في كيفية التعامل مع أمها التي قضت حياتها في خدمة زوجها، وتربيةِ أولادها، ومتابعة شؤون بيتها.
تابعي معي هذه الآية الكريمة، وماذا يقول الله عز وجل لنا فيها: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً"، فالله جل جلاله قرن عبادته بالإحسان إلى الوالدين، والجدة بُنيتي هي بمثابة الأم؛ لقوله تعاله في سورة الكهف:" وكان أبوهما صالحاً"، والله عز وجل كان يعني: الجد، والله أعلم.
فيا ابنتي الحبيبة: جدتك لها حقّ عليكم، تماماً كما لها حقّ على والدتك، فبرها واجب، وعليكم جميعاً العناية والاهتمام بها، والسعي إلى كسب رضاها وعلينا أنّ نحترمها ونقدرها، ونخفض لها جناح الذل من الرحمة، بغض النظر عن ما يصدر منها فهي امرأة كبيرة السن لا نؤاخذها ولا نحاسبها على تصرفاتها، فالأحفاد ليسوا في موقع المعلم أو الواعظ.
جدتك بحاجة إلى مَن يُشعرها بالمحبة والاحترام، هل تعلمين -يا مريم- ما أشدَّ ما يُعانيه كثير من الأجداد: المللِ، والكآبة والفراغ، لذلك هم أشدُّ ما يكونون رغبةً في الحديث عن ماضيهم وتاريخهم وما حصل معهم. وتكرار الأحداث بتفاصيل التفاصيل.
كوني قدوة لإخوتك في تعاملك مع جدتك، وعدم التَّدقيق عليها في كلِ شيء، وعدم مُحاسبتها على كلِ كلمة أو فعل، فجميع الأجداد ما عاد لهم صبر على الأخذ والردّ، وما عادوا يحتملون الانتقاد واللوم والعتاب، واعلمي أن مَن قصر في حق الأجداد: فإن الله سيهيء له عند شيخوخته مَن يعامله بالمثل، فإنّ الجزاء من جنس العمل، وصدق الصادق الأمين حيث قال لنا :"مَن لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا فليس منا". رواه البخاري.
من باب استغلال الوقت في المفيد، والذي أقترحه عليك أيضا غاليتي: استمعي وإخوتك إلى بعض المحاضرات التي تتحدّث عن مكانة كبار السنِّ وتوقيرهم، ولماذا حث الإسلام على إكرامهم والعناية والاهتمام بهم ومُشاورتهم واحترام رأيهم، وعندما نعلم ونتعلم أهمية آداب التعامل مع الأجداد وكبار السن عموماً نرى الحياة من منظار آخر وننشغل فيما ينفعنا في دنيانا.
وباستطاعتك أنت البدء وإظهار الفرحة والسرور لرؤية الجدة، وتقبيل يدها ورأسها، ولك الأجر والثواب .
تمنياتي لك بحياة يغمرها الرضا والحب والاحترام.