كيف أخلص لله في تربية بناتي على طاعة الله؟
2020-11-24 02:41:07 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أنا أم لأربع بنات، أريد تربيتهن تربية يرضى عنها الله وأخلص لله فيهن، فما النوايا التي أنوى بها النفع للأمة؛ لأني أجد أن تربية البنين فيها من النفع ما لا أراه في تربية البنات، فهل تربيتي لهن تربية صالحة بإذن الله والحفاظ على بيتي وزوجي من الشيء النافع للأمة؟ وأريد محفزات من الكتاب والسنة لي.
جزاكم الله خيرا، نسألكم الدعاء أن أخلص لله فيهن دون رياء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً ومرحباً بك ونسأل الله أنّ يحفظ لك بناتك وأنّ يجعلهن قرة عين لكم.
غاليتي: إنّ في تربية البنات شرف كبير للمسلم، والبنات نعمة من نعم الله ـ جل جلاله ـ علينا، متى ما قمنا بما افترضه الله علينا من الإحسان إليهن، ولقد رفع رسول الله عليه صلوات من رب البرية قيمة ومنزلة البنات، وجعل لمن رزقه الله عز وجل بنات من الفضائل والمنح الكثير والكثير.. فهي رمز الحياء، وعنوان العفة، وصانعة التاريخ، ومربية الأبطال.
لذلك على الأم أن تُراعيَ اللهَ تعالى في بناتها وتعلِّمهن كيف يحافظْن على ما حباهنَّ الله به مِن نعم، ولك في أمنا السيدة خديجة ونبي الأمة قدوة حسنة، إذ كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع بنات، كلهن من السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها وهن زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، رباهن فأحسن التربية حتى أثمرت تلك التربية النبوية بنتاً مميزة ومتميزة في كل شيء، وهي السيدة فاطمة رضي الله عنها التي قال لها أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قبيل وفاته" أما ترضين أنّ تكوني سيدة أهل الجنة أو نساء المؤمنين" رواه البخاري.
وخير الأمهات من تعي دورها التربوي والأسري، فالبنت مخلوقة رقيقة ناعمة، فهي التي تنشأ في الحلية والزينة ولا تمتلك القدرة على المجادلة والخصومة قال الله جل وعلا:" أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين"، لذلك تحتاج تربيتهن إلى أساليب تتناسب تكوينهن الفطري الذي خلقهن الله به وجعل لهن رعاية خاصة إعداداً للدور الكبير في الحياة لتكون زوجة وأما.
وتأملي معي حديث نبي الأمة ماذا قال وأوصانا بالأنثى حيث قال: "من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو ابنتان، أو أختان، فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهنّ فله الجنّة" رواه الترمذي ، وفي حديث آخر قال لنا :" من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهنَّ، وسقاهنَّ وكساهنَّ من جدته، كنَّ له حجابًا من النار يوم القيامة". رواه ابن ماجه وأحمد.
وفي هذه الأحاديث تأكيد رسول الله لنا على حق البنات على آبائهم أو من يقوم على تربيتهن، وليست القضية طعاماً ولباساً وتزويجاً فقط، بل أدباً ورحمة، وحسن تربية واتقاءً للهِ فيهن وغذاء الروح بالتعليم والتهذيب والتوجيه، والأمر بالخير والنهي عن المنكر، وحسن التربية.
وإليك بعض النصائح التي ستكون لك عوناً على تربية بناتك تربية صالحة بإذن الله تعالى:
* انوي أنّ تربِّ بناتك لوجه الله تعلى ليرضي الله عنك؛ لأن التربية عبادة.
* مِن واجبات الأمِّ تجاه بناتها أن توجّههن إلى الالتزام بالمظهر الإسلامي وعدم إظهار زينتهن إلا ما ظهر منها.
* تدريب البنات على الصلاة في سنّ صغيرة كما أمرنا نبي الله صلى الله عليه وسلم، وحب الله وتجنب كل ما يغضبه جل جلاله، والعمل على كل ما يُرضيه، وقوله تعالى: " إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
* تعليم البنات عدم تتبع عورات الناس، أو التجسس عليهم، وبهذا يقول الله عز وجل:" ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً".
* أهمية دور الأم في الوعي والتثقيف فيما يتعلق بفترة المراهقة ومرحلة البلوغ وما يحصل فيها من تغيرات هرمونية نفسية وفزيولوجية، وتعليهمن كيفية الاعتناء والاهتمام بالنظافة الشخصية. أنصحك بالاطلاع والقراءة الجيدة عن هذه الأمور.
* تعلِّيم البنات الرضا بما قسمه الله لهن في الحياة، مع علو الهمة والعمل والطموح لنيل رضا الله في الدنيا والآخرة، يقول جل وعلا: "لئن شكرتم لأزيدنكم".
* يجب أن تمهد الأم لبناتها طريق المسؤولية لتحمل مهام الأسرة والأمومة، ومنح البنات تجربتها التي مرت بها وأهمية مساندة الزوجة لزوجها في كل موقف من مواقف الحياة وأن تخبرهن أهمية التحلي بالصبر.
* عليك بالاعتدال في استخدام وسائل التواصل والإنترنت، وأن يكون التعامل معها بحذرٍ وقدر، وأن يكون البنات في مأمن من قنوات التعارف ونشر الصور الإباحية، مع ضرورة درء خطر ودعوات أهل الفساد الذين يحاربون الدين والفضيلة، فالسلامة لا يعدلها شيء في هذا الوقت.
* عليك بالكلمة الطيبة وعاطفة الأمومة واللين في الأسلوب، وهذه وسائل مهمة في التربية، واحذري من أوقات الفراغ في حياة البنات، وعليك بملئ الوقت بما فيه نفع ووقاية، ومن ذلك تحفزيهن على حفظ القرآن وتلاوته، فالقرآن الكريم هو المدرسة التي يتعلم فيها الطفل اللغة، والدّين، ويُنير له طريق المعرفة والإيمان في كل أمور حياته.
* تشجيعهن على ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة التي تتناسب مع الفتاة المسلمة، فالرياضة غذاء للروح ومنشط الجسد، وخاصة رياضة المشي تُشعر بالسعادة والرضا وتمنح توازنا نفسيا، ويعد التنزه سيرا على الأقدام بصفة منتظمة أيضا طريقة رائعة للاحتفاظ باللياقة البدنية، كما يحسن من جهاز أوعية القلب، ويقوي مناعة الجسم، وهذا ما نحتاجه جميعاً في ظل جائحة كورونا.
* أن تكون صديقة لبناتك وأنّ تشارك في اختيار صديقاتهن، وحُسن اختيار الصديقة مسألة لا مساومة فيها، فالصداقة لها تأثير بالغ في حياة البنت.
* وأنصحك بالتركيز والاهتمام بعلاقتك مع زوجك أمام البنات، والتعامل مع رب الأسرة بكل احترام وتقدير، وأهمية الحفاظ على صورة الأب المثالية أمام بناته.
* العدل بين البنات فلا ينبغي تفضيل إحداهن على الأخرى لأي سبب كان مثل ( التفوق الدراسي، الجمال...).
* ومما يساعدك ويعينك على تربية بناتك التركيز على حب الله تعالى وحبِّ رسوله صلى الله عليه وسلم، وتغذية ذلك بقصص أمهات المؤمنين وسير الصحابيات الجليلات.
* تعليمهن قواعد السلوك الاجتماعي ومنها الآداب والواجبات الشرعية في المأكل والمشرب والملبس والتخاطب والزينة واحترام الجار وكبار السن أهمية صلة الرحم وما إلى ذلك.
وآخراً: أقول لك غاليتي أن التربية الصحيحة للبنات تقتضي تعاون الزوج والزوجة، والتفاهم والاحترام والتقدير بينهما؛ لتؤتي التربية ثمارها، والأسرة السوية روابطها قوية يسودها الشعور بالطمأنينة والاستقرار، وجلسات الحوار والمناخ الأسري الجيد تبعث الدفء والشعور بالأمان ويعطي إجابات لهواجس البنات ويحميهن من رفيقات السوء وشر البشرية.
وهذا الدعاء ليحفظ الله لك نعمة البنات: اللهم إني استودعتك بناتي أمانة عندك فاحفظهن من أعين الإنس وأنفس الجن، اللهمّ ارزقهن الصّحة والعافية، واجعلهن أوفر عبادك حظًاً في الدنيا والآخرة، اللهم اكتب لهن طول العمر وحسن العمل وسعة الرّزق وسعادة الدّارين، اللهم أسعدنا بهن ولا تشقينا.
أسأل الله العظيم أن يعينك على تربية بناتك.