ما علاقة مرض النفس بمرض القلب؟
2020-11-30 00:40:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:-
سؤالي حول علاقة النفس بالقلب، حيث إنني سبق وأن جاءني رهاب واكتئاب، ولما لجأت للأدوية أصبحت قيمة الوظيفة التي أنا فيها غير مهمة، مع أنني كنت أتمناها من قبل، وهدأت نفسي وشعرت بالهدوء، ثم بدأ الإيمان يدخل قلبي بعد أن تركت الصلاة سابقاً، وتبت إلى الله -والحمد لله- وشعرت بلذة الإيمان والصلاة وسلكت طريق طلب العلم، مع وجود عزلة شديدة عن كل الناس حتى أقاربي، ثم لما بدأت أتوقف عن الأدوية، بدأ لدي القلق النفسي والرهاب والاكتئاب، وذهب الهدوء والخشوع في الصلاة، وأنا الآن أقاوم وأحاول التركيز على العلاج المعرفي السلوكي، فكيف تكون الأدوية سبباً في الخشوع في الصلاة وسبباً في الإيمان؟ لأنه من المعروف أن قلب المؤمن مطمئن، فإذا اضطرب قلبي وشعرت بالشتات هل معنى هذا أنني غير مؤمن؟
الأطباء والعلماء يتكلمون عن أثر الإيمان على النفس، أنا سؤالي هو عن أثر النفس على الإيمان هل يمكن أن يكون بسبب الدواء وتحسن الحالة المزاجية والهدوء؟ فإذا اتزن التفكير بالتالي سيكون هناك فهم للمواعظ والاتعاظ بالقرآن والتأثر؟ وبالعكس إذا حصل القلق والخوف اضطرب التفكير، حتى فهمه للعلم وللحياة، وقد يشعر بحجاب بينه وبين ربه بسبب سوء ظنه الذي هو بسبب هذا القلق والاكتئاب، فإنه لا يستشعر صلاته ولا دينه، وبالتالي يضعف إيمانه؟ وهل الدماغ له علاقة بالقلب؟ لأن الطمأنينة تكون في القلب والانشراح كذلك في الصدر بنص القرآن.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
الموضوع الذي ذكرته حقيقة موضوع مهم لكنّه شائك، وقد لا نستطيع حقيقة أن نوفيه حقه في المساحة المتوفرة.
من الثابت والذي لا شك فيه أن الإيمان له انعكاسات إيجابية جدًّا على النفس، وأن نفس الإنسان تنقسم إلى ثلاثة أقسام (نفسٌ أمارة بالسوء، ونفسٌ مطمئنة، ونفسٌ لوّامة) تتفاوت في قوتها وفي حِدَّتِها وفي شدتها وفي تأثيرها على الإنسان. الذي تُهيمنُ عليه النفس الأمّارة بالسوء يسقط في الزلل، لكن من رحمة الله بنا أن النفس اللوامة تكون بالمرصاد للنفس الأمَّارة بالسوء، لذا تجد مَن يتوب ويرجع ويمشي في طريق الإيمان والصلاح؛ لأن نفسه اللوامة هيمنت على نفسه الأمَّارة بالسوء لتنقله إلى النفس المطمئنة، ... وهكذا. هذا – أخي الكريم – باختصار.
من الأمور المؤكدة جدًّا أن القلب يحمل الكثير من سمات الإنسان، والدليل على ذلك أن الأشخاص الذين أُصيبوا بأمراض القلب وقاموا بإجراء عمليات نقل قلبٍ، كثير منهم من ظهرتْ لديه سمات الشخص الذي نُقل منه القلب، هذا أمرٌ عجيبٌ جدًّا، هذا أمرٌ لا أقول في كل الحالات، لكن معظم الحالات التي نُقل لها قلب ظهرتْ عليهم بوادر تحمل الكثير من سمات الشخص الذي نُقلَ منه القلب وقد دخل في موت دماغي ثم ماتَ.
فهذه – أي الكريم – علامات معروفة، لكن المرض يُصيب البرّ والفاجر، والمسلم والكافر، لكن قطعًا الشخص المؤمن تحمُّله للمرض أفضل، يستجيب كثيرًا للتوجيهات والإرشادات النفسية، والآن اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الصيام يُحسِّن من كيمياء الدماغ، هذا أمرٌ لا جدال حوله، الموصلات العصبية الإيجابية يتحسَّن إفرازها من خلال ممارسة الرياضة، ومن خلال الصيام، هذا أمرٌ أُثبت الآن في كل المحافل البحثية الغربية.
فعلاقة الدماغ – يا أخي – بالقلب علاقة وطيدة ولا شك في ذلك، مثل العلاقة ما بين الكمبيوتر والماوس مثلاً (الفأرة)، إذا لم نُحرّك الفأرة بصورة صحيحة لم نتحصّل على ما نُريده من الكمبيوتر، إذًا العلاقة وطيدة، لكن أي جزء من القلب هذا أمرٌ حقيقة لا أحد يستطيع أن يتحدّث فيه على أسس علمية دقيقة، وإن كان بعض الإخوة في ماليزيا بذلوا جُهدًا كبيرًا جدًّا في تحديد الأماكن المُعينة في القلب التي ربما يكون لها علاقة بالإيمان، أو حتى بالحالة النفسية عند الإنسان.
فيا أخي: ما أثرته حقيقة أمر مهم، ونحن نأخذ الأمور على هذه الكيفية، أن القلب له علاقة وظيفية بطمأنينة النفس، وأن الرسائل التي تأتي من الدماغ للقلب أيضًا لها تأثير ولا شك في ذلك، فهي دائرة حقيقة، أو خط مروري ذو اتجاهين وليس اتجاهًا واحدًا.
هذا هو الذي يمكن أن أقوله حسب الوقت المتاح، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.