أريد الموت فليس لحياتي قيمة مع القلق والاكتئاب!

2020-12-06 01:15:25 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا شاب عمري 28 سنة، متخرج ولا أعمل، أعاني من الاكتئاب والقلق الاجتماعي، والوسواس القهري، ولا أخرج من البيت، أخاف من الكلام مع الناس، لا أخرج للترفيه، ولا لأي سبب، وأنا وحيد وبلا أصدقاء.

أريد الموت بشدة، ومستعد للاستغناء عن أي شيء مقابله، لا أرى في حياتي سوى الحزن،لا أفرح مع من يفرحون، ولا أتعب مع من يتعبون، فما نصيحتكم لي؟

وشكرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هوّن عليك -أخي الكريم- فإن الاكتئاب يؤدي إلى فقدان الأمل، ويؤدي إلى هذه الأفكار الانتحارية، ولكنّه مرض يمكن علاجه وبكفاءة، وترجع إلى حياتك الطبيعية -أخي الكريم-، وعليك أن تنظر إلى الأشياء الإيجابية في حياتك، على الأقل قد أكملت الجامعة وتخرجت من الكلية، نعم أنت الآن بلا عمل وليس لك أصدقاء، وأصابك الاكتئاب وأتتك هذه الأفكار الانتحارية والسوداوية.

يجب عليك علاج نفسك – أخي الكريم – ويستحسن أن تقابل طبيبا نفسيا في أسرع فرصة ممكنة، لأنه بمجرد مقابلة الطبيب النفسي وشرح ما تعاني منه فهذا في حد ذاته سوف يُخفف عنك كثيرًا، ويؤدي إلى شعورك بالراحة، حتى قبل بداية العلاج، وقد ذكرت كثير من الأبحاث أن الناس الذين يُعانون من هذه الأفكار قد ذهبوا لمقابلة أطبائهم، ولكنَّ الأطباء لم ينتبهوا إلى ما يُعانون منه، بالذات الأطباء غير النفسيين، فعليك بمقابلة طبيب نفسي في أسرع فرصة، وأنا على يقين أنه سوف يعطيك العلاج اللازم، وقد يكون علاجًا دوائيًا لعلاج الاكتئاب الذي تعاني منه، وهذه الأعراض سوف تزول -بإذن الله- مع العلاج، فهوّن عليك وتزول هذه الأفكار، واجعل ثقتك في الله قوية، وإن شاء الله تتحسّن وتزول هذه الأفكار السوداوية من رأسك، فعليك بمقابلة طبيب نفسي في أسرع فرصة.

وفقك الله وسدد خطاك.
-----------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. عبدالعزيز أحمد عمر -مستشار الطب النفسي-،
زتليها إجابة: د. عقيل المقطري -مستشار شؤون أسرية-.
-------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد نصار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:

كيف يجد المسلم في صدره الكآبة والضيق وهو يذكر الله تعالى في كل أوقاته ويتلو كتاب الله تعالى؟! ألم يقل الله جل في علاه يقول في كتابه الكريم: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، فذكر ربنا سبحانه أن القلوب تطمئن بذكره وبتلاوة القرآن الكريم؛ ولذلك نوصيك بكثرة تلاوة القرآن الكريم واستماعه، فإن فعلت ذلك فسوف تتغير حياتك.

لا يعيش في ضنك إلا من أعرض عن ذكر الله تعالى وابتعد عن عبادته، يقول تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) فنوصيك بالمحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها ومجاهدة النفس في ذلك.

الحياة الطيبة الهادئة المطمئنة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فعليك الاجتهاد بتقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح فذلك هو الذي سيجلب لك الحياة الطيبة.

الشيطان الرجيم توعد بإغواء الناس أجمعين ولم يستثن إلا المخلصين؛ لأنه لا يقدر على إغوائهم، فقال: (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)، ويتسلط الشيطان أكثر على الغافلين عن ذكر الله وعبادته، فرد الله عليه بقوله: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)، وهذه الوساوس التي تعاني منها إنما هي من الشيطان الرجيم الذي يريد أن يغويك ويضيق عليك حياتك.

لدفع هذه الوساوس أوصيك بما يأتي:

- احتقار تلك الوساوس وتكذيبها وعدم الإصغاء لها أو الاسترسال معها أو الأخذ والعطاء في التحاور معها.
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فور ورود تلك الوساوس، والقيام من المكان الذي أتتك وأنت فيه مع القيام بأي عمل مفيد يشغلك عن تلك الوساوس.
- لا تجلس منفردا، وعش مع أفراد أسرتك وتحاور معهم، فإن الشيطان يفترس المنفرد في حياته، ومن جملة ما يفرح به أن تنعزل عن الناس.
- لا بد من الخروج من البيت وأداء الصلوات الخمس في المساجد، والتواصل مع الناس، وكسب الأصدقاء الصالحين، وممارسة الرياضة، والتنزه في الأماكن العامة؛ فذلك سيعينك على تجنب الوساوس والخروج من الاكتئاب -بإذن الله تعالى-.
- ما تعانيه من الاكتئاب هو بسبب هذه الوساوس اللعينة وبسبب عزلتك عن الناس وبقائك في البيت، وربما قصرت كثيرا في الطاعات، وأوصيك بالعمل بالموجهات التي ذكرت لك، و-بإذن الله تعالى- ستخرج من هذه الأمور جميعا.
- الذي يدفعك نحو الموت بأي ثمن هو الشيطان الرجيم بوساوسه الخبيثة، وأما المؤمن فإنه يعرف أن الانتحار محرم وأنه لا يجوز له أن يتمنى الموت لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد فليقل اللهم أحيني ما دامت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
- لعلك تدرك أن الانتحار بأية طريقة كانت إنما ينقل المنتحر إلى عذاب وبلاء أشد، فإياك أن تصغ لما يهمس الشيطان في أذنيك.
- عليك أن تنظر إلى الحياة بإيجابية تامة، ولا تنظر إليها بقتامة، ولا تصدق الوساوس التي تأتي إليك من الشيطان، فالحياة فيها أشياء كثيرة جميلة.
- لا ترسل لعقلك الرسائل السلبية؛ لأن العقل يستقبلها ويعمل بموجبها ويأمر بقية الأعضاء في التفاعل معها، فقولك لا أرى إلا الحزن رسالة سلبية مقيتة يجب أن تنزعها من عقلك وتغرس بدلا عنها رسالة إيجابية تقول فيها الحياة جميلة.
- كيف تريد أن تفرح مع من يفرح وتحزن مع من يحزن وأنت منعزل في بيتك ولا تختلط بالناس، وليس لك أصدقاء تبث لهم همومك ويبثون لك همومهم؟! لذلك كما ذكرت لك من قبل يجب أن تخرج من هذه العزلة التي تجعلك أسير الوساوس.
- تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة وسل ربك أن يصرف عنك وساوس الشيطان الرجيم وأن يوفقك لذكره ويرزقك الاستقامة على دينه، وأكثر من دعاء ذي النون: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
- الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
- يجب أن تنفذ ما ذكر من قبل حتى لا تضطر للذهاب إلى الطبيب النفساني، فإن العلاج بالعقاقير وإن كان نافعا إلا أن لها بعض التبعات، وإن اضطررت لذلك فلا بد حينها من اختيار الطبيب الحاذق وتناول العلاج بالطريقة التي سيصفها لك دون إحداث أي تعديل إلا بإذنه.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net