والداي أفسدا علي حياتي ولا أعلم كيف أتعامل معهم؟

2020-12-08 02:26:41 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا نشأت في بيئة مغلقة، كان أهم شيئا في حياتي الدراسة، حتى بعد الجامعة انصدمت بالواقع، والديَ كانا يرفضان زيارة أصدقائي أو اللعب معهم إلا إذا تعرفوا على عائلة هذا الشخص أولاً، وطبعاً هذا لا يحدث؛ لأنه سيسبب حرجا لي إن لم تعجبهم عائلة هذا الشخص وتوقف التواصل معه.

من الابتدائية حتى الجامعة كان الشيء المهم هو الدراسة فقط، انصدمت بسوق العمل، وطبعاً كما يسمونني الناس (خام) ليس لديه أي خبرات، فطبعا مشاكل في التواصل مع الآخرين، وطريقة الكلام مع المدراء، وغيرها الكثير.

أما على الجانب العاطفي فلم أتحدث مع الفتيات قط حتى في الجامعة كان كلامي معهن لسبب فقط، وذلك لاقتناعي أن الحديث مع الجنس الآخر لسبب وينتهي بانتهاء السبب.

بعد التخرج أصبح والداي يبحثان لي عن زوجة، ويقولان: يجب أن تتعلم الحديث مع الفتيات (لا أعرف كيف؟) لن أعرف حتى أجرب، وهذه التجربة والصداقة بين الجنسين محرمة على ما أعتقد.

أما الحياة في البيت فأصبحت أضيق بها (يريدون تلبية طلباتهم في نفس اللحظة) دون مراعاة لما تفعله أنت، ومواصلة انتقادك (أنت سمين، وما شابه) لا توجد أي خصوصية، يريدون معرفة ما أفعله معظم الوقت.

وطبعاً طلبي لمغادرة البيت مرفوض حتى أجد زوجة وأتزوج، مع أن الأمر عادي بالنسبة للرجال مغادرة بيوتهم عند البلوغ وإيجاد عمل مناسب، المشكلة أنني مقيد في البيت، ولا أستطيع فعل أي شيء؛ لأنه لا توجد خصوصية لي أبداً، وأيضاً أي فرصة لزيادة الدخل مثل اليوتيوب مرفوضة بحجة إنه حرام (دون التطرق لفهم الموضوع)، فماذا أفعل ضغوطات في عملي وبيتي؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل-، أسأل الله أن يُهيأ لك فرص النجاح في الحياة، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُعينك على الخير، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم السعادة والآمال.

لا شك أن خُلطة الناس لها فوائد رغم ما فيها من سلبيات وأضرار، والمؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يُخالط ولا يصبر، والإنسان مدني بطبعه، لا يمكن أن يعيش وحده، وهذا الذي حدث لك تُخطئ فيه بعض الأسر عندما تُركز على النجاح في الجانب الأكاديمي، والعالَم اليوم يهتم بمسألة التواصل الاجتماعي، حتى من طريف الدراسات أن جامعة أوروبية كبرى أخذت بيانات طُلَّاب عرب ومسلمين درسوا عندها ماجستير ودكتوراه، ثم بعد عشرين أو ثلاثين سنة تواصلت معهم لترى مواقعهم، اكتشفت عندها أن الذين تقدموا وأصبحوا وزراء وأصبحوا لهم مراكز مرموقة ليسوا الذين كانوا أعلى درجات أو تفقوا أكاديميًا، وإنما الذين كان لديهم تواصل اجتماعي.

وعلى كل حال: أنت الآن إدراكك بهذا الإشكال وهذه الاستشارة تدلُّ على أنك أدركت خطورة ما حدث، هذه هي البداية الصحيحة للتصحيح، ورغم الصعوبات التي تواجهك من الأسرة إلَّا أننا نعتقد أن فرص النجاح كبيرة، وأرجو أن تبدأ فرص النجاح بالتواصل مع أقرب الناس إليك في المسجد مع الجيران، وتجتهد في أن يكون التواصل على الطبيعة وليس عبر وسائل التواصل التي تُؤثّر على الإنسان، بل تُعيقه اجتماعيًّا.

وعليه: فنحن ندعوك إلى أن توسّع الدائرة، حتى في دائرة العائلة (الأخوال، الأعمام، الجيران)، يعني: تبدأ هذه الدائرة الأولى، تبدأ في الخروج إليها والتعامل مع الناس انطلاقًا منها، ونؤكد أن تلبية طلبات البيت – خاصة الطلبات الخارجية أيضًا – جزء مهمٌّ جدًّا في العلاج وفي الخروج من هذا البرنامج.

أمَّا مسألة الجنس الآخر فأرجو أن يكون تواصلك مع العمَّات ومع الخالات ومع المحارم يعني، لأن الشريعة أباحت للإنسان أن يتواصل مع هؤلاء، ويتعرف من خلال تواصله مع الوالدة والأخوات والعمّات والخالات والجدات، يعني في هذه البيئة المُحيطة من المحارم؛ يكوّن صورة تقريبية على نمط الشخصية التي سيُكمل معها مشوار الحياة.

وإذا خرجت للعمل وكان هناك فعلاً أخوات فعليك أيضًا أن يكون التواصل كما كنت في الدراسة فقط مربوط في حدود العمل، أمَّا التعارف الفعلي، أمَّا الحب الحقيقي فهو يبدأ بالرباط الشرعي، يبدأ بالرباط الشرعي ويزداد بالتعاون على البر والتقوى ثباتًا ورسوخًا.

ومرة أخرى: نؤكد أن شعورك بأن هناك إشكالا هي الخطوة الأولى والصحيحة، فاستعن بالله، وابدأ بإصلاح ما بينك وبين الله تبارك وتعالى – من حيث المحافظة على الصلوات والطاعات – وتعامل مع أفراد الأسرة أيضًا بأريحية، ولا تتضايق من تصرفاتهم أو محاولة معرفة بعض الأشياء، لأن هذا جزء من طبيعة المجتمع الذي ستخرج إليه، ولذلك الإنسان يتهيأ في داخل بيته بمثل هذه الصعاب لصعاب أخرى يمكن أن تواجهه في الحياة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

www.islamweb.net