صرت أغضب من كل شيء بسبب الكبت السابق.
2020-12-24 05:49:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف أتحكم في عواطفي؟ لقد تغيرت، كنت صامتة ولا أرد عندما تنتقدني أمي أو يخطأ في حقي أبي، وكنت أكن لها الولاء، لأنها عطوفة ومحبة، ونتيجة لظلمها حقدت على أبي، وبدأت في جرح نفسي، ثم بدأت أتخيل أسوأ السيناريوهات، وفي الأخير تقبلتها، وفجأة من الله علي بفرج، إلا أنني لاحظت أنني أتخابث وأنفعل غاضبة منه حين يسيء لها، ومنها حين تسيء إلي، ومن نفسى حين أخطأ، وأخشى أن يتعدى هذا لأفراد آخرين، وأنا لا أعرف المشكلة ولا الحل.
بارك الله فيكم، وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كنزة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أختي الكريمة: أن من تغضبي منهما هما والديك، أتدرين أن في ذلك عقوق لهما ومخالفة لأوامر الله عز وجل، فالله تعالى يقول في كتابه الحكيم: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:23-24]. أيوجد أبلغ من هذا الدليل على طاعة الوالدين.
أما بالنسبة للغضب، فقد جاء رجلٌ لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وقال له: دُلَّني على عملٍ يُدخِلُني الجنَّةَ قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لا تغضَبْ ولك الجنَّةُ، ولو قرأتِ كتاب الله تعالى ستجدين أن الله تعالى امتدح عباده المؤمنين الذين يَملكون أنفسهم عند الغضب، ويغفرون، ويصفحون، ويَحْلُمون، ويعفون بقوله تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى:37]، وقال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134].
ومن الاستراتيجيات التي تساعدك على ضبط النفس وعدم الغضب:
- اعملي على تقليل الحساسية بشكل تدريجي من خلال الاسترخاء، لأن الاسترخاء هو استجابة تتناقض كليّاً مع الغضب والقلق، فاعطي لنفسك قسطاً من الراحة ومارسي تمرينات الاسترخاء والتنفس، فهذا سيخلصك من المشاعر السلبية الضاغطة، وعليك الاستعاذة بالله من الشيطان، فعن سليمان بن صُرَدٍ -رضي الله عنه- قال: كنتُ جالسًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجلان يَسْتَبَّانِ، وأحدهما قدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ: (هي ما أحاط بالعُنق من العروق التي يقطعها الذابح)، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لأَعْلَمُ كلمةً لو قالها، لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعُوذ بالله من الشيطان الرجيم، ذهبَ عَنه ما يَجِدُ»، فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَعَوَّذْ بالله من الشيطان الرجيم»؛ (متفق عليه).
- تغيير الهيئة: فعن أبى ذر -رضي الله عنه- قال: إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال لنا: «إذا غَضِبَ أحدُكم وهو قائمٌ، فليجْلِسْ، فإنْ ذَهَبَ عنه الغضبُ، وإلاَّ فَلْيضطجِعْ».
- الوضوء:هو أحد العلاجات التي تطفئ الغضب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الغضبَ من الشيطان، وإنَّ الشيطان خُلِقَ من النارِ، وإنما تُطْفَأُ النارُ بالماء، فإذا غَضِبَ أحدُكم، فَلْيَتَوَضأْ»؛ (رواه أبو داود).
- فكري ملياً قبل إصدار الكلمات، وهذا في البداية سيتطلب منك تدريبا والتزاما، وبعد أن تصبح لديك عادة التفكير قبل الحديث ستشعرين أنك أصبحتِ أكثر هدوءاً وأقل غضباً، ولا تخوضين في نقاشات ليست ذات أهمية، إن الصمت قليلاً قبل الكلام يعطي فرصة للدماغ لأن يُفكر بطريقة أكثر عقلانية وإيجابية، ويساعد في انتقاء الكلمات اللائقة وغير الجارحة التي تليق بالموقف ولا تتعداه، وهذا بالتالي سيعيد التوازن في العلاقة بينك وبين والديك، ولا يجعل علاقتك معهما متوترة نتيجة الاندفاعية والغضب المبالغ فيهما كما كنتِ في السابق.
- وإن عدم الرد أثناء الغضب وكظم الغيظ يعد من الصفات التي لا يقدر عليها جميع الناس، فعن معاذ بن أنس -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كَظَمَ غَيظًا وهو قادرٌ على أنْ يُنْفِذَه، دَعَاهُ اللهُ سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة، حتى يخَيِّرَه من الحُور العين ما شاءَ»؛ (رواه أَبو داود، والترمذي)، وقال: (حديث حسن). وعن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا، ولا تُعَسِّرُوا، وإذا غَضِبَ أحدُكم، فَلْيَسْكُتْ»؛ (رواه أحمد).
- مارسي رياضات ممتعة والتي ترين أنها تتناسب مع وقتك وجسمك، فالرياضة سواء أكانت مشي أو سباحة أو غيرها، فإنها تخفف من الضغط النفسي والتوتر.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.