أريد العودة إلى وطني لأكون بالقرب من والديّ ولكن! أشيروا علي
2020-12-27 07:11:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ ١٢سنة، في بلد ليست عربية (أجنبية)، ولدي طفلان أعمارهم ٨ و١٠ سنوات، أريد العودة إلى الوطن، ولكني فوجئت بعدم رغبة الأهل برجوعي إلى الأردن، وبأن الأحوال الاقتصادية صعبة، وأني لن أستطيع أنا وزوجي تحمل أعباء المعيشة، وهدفي أنا وزوجي عمل مشروع صغير، وتربية الأبناء على القيم الدينية، ورد الأهل بأن القيم تأتي من البيت، وأطفالي لا يجيدون اللغة العربية، أحدهما لأسباب ضعف النطق لكلا اللغتين، ولا أعرف ما الحل.
أريد أن أكون بارة بالقرب من والدي، وكذلك زوجي، وهو وحيد والده وله أربع أخوات فتيات، هل الأرزاق تكون في كل مكان أم علينا البقاء في هذه البلاد وأن أرزاقنا فيها.
أنا في ضيق من أمري.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Esraa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نُرحب بك كل الترحيب، بداية أود أنّ أحيي فيك سعيك إلى تربية أبنائك تربية إسلامية.
لا شكّ أنَّ العيشَ في بلاد المسلمين له أثرٌ ظاهرٌ على الإنسان في طاعته وعبادته، وتربية أبنائه، ويجتنب المسلمُ السّفرَ، والهجرة إلى البلاد التي ينتشر فيها الكفرُ، ويكثر فيها الفسادُ والفتنُ، والواجبُ على المسلم المضطر للخروج مِن بلده: البحثُ عن بلادٍ إسلاميةٍ يأمن فيها على دينه ونفسه وماله، ويختار مِن هذه البلاد أسلمَها لدينه، وأحفظَها لعرضه.
عزيزتي: لقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الإقامة مدى الحياة في بلاد غير المسلمين على من لم يستطع إظهار دينه، وقدر على الهجرة منها إلى بلاد الإسلام.
قال الباري في كتابه الحكيم: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا). وقوله: ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة).
قال ابنُ كثيرٍ في "تفسيره": "هذه الآيةُ الكريمةُ عامّةٌ في كلِّ مَن أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادرٌ على الهجرةِ، وليس متمكّنًا مِن إقامةِ الدّين، فهو ظالمٌ لنفسِه، مرتكبٌ حرامًا بالإجماع، وبنصِّ هذه الآية".
قال الصادق الأمين: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين). رواه أبو داود.
الشرع يقول: فالأصل في السفر إلى بلاد غير الإسلامية هو: المنع، ويُستثنى مِن ذلك المضطرُّ ولكن عليه أنْ ينويَ الرّجوع والانتقال لإحدى البلاد الإسلامية متى زالت الضرورةُ، وقدَر على ذلك.
لا يخفى على أحد المخاطر الكثيرة في تلك البلاد، والتي منها:
- الخوف على مستقبل الأولاد لنشأتهم في مجتمعٍ لا يراعي الدّينَ والأخلاق في المدارسِ، وأنظمة التّعليم، وجميع مرافق المجتمع، مما يُنذر بخطرِ انحرافهم، وربّما انسلاخهم من الدين بالكلية.
- ما تحويه قوانينُ تلك البلدانِ مِن أحكام مخالفةٍ للشريعةِ تُخل بقيام الرجل على أسرته .
- القوانين التي تتيح للدولة انتزاعَ الولاية على الزوجة والأبناء، وتوكِلُ أمرَ رعايتهم وتربيتهم لأُسرٍ أو مؤسسات.
بالنسبة إلى الأهل ورأيهم بعودتكم إلى الوطن: أحيلك غاليتي إلى التمعن في حديث رسولنا الكريم بقوله لنا: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) متفق عليه.
معنى الحديث:
قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته، وأنصحك أنّ تتوكلي على الله لتنفيذ خطة العودة الآمنة إلى الوطن، وخاصة أن أبناءك على أبواب سن المراهقة والتي تعتبر أخطر وأهم فترة في حياة الإنسان، ففي سن المراهقة تحدث التغيرات الفكرية والسلوكية والمزاجية، لذا لا بدّ من الأهل أن يتفهموا ويطلعوا جيدا عن هذه المرحلة.
خلاصة القول: أنا أرى أن قرار العودة والاستقرار في الوطن بعد سنوات طويلة من الاغتراب سليم ومنطقي، وفي النهاية عزيزتي أنت وزوجك مسئولان عن الأبناء فهم أمانة سنسأل عنها يوم القيامة أمام الباري.
أقترح عليك أنّ ترسلي الإجابة إلى الأهل في الأردن لعل الله يحدث بعد ذلك خيراً.
أسأل الله عز وجل أن ييسر أمرك، ويجعل طريقك نورا، وسلاما، وأن يحفظ أسرتك، وأن يبلغك غايتك وأنت في أحسن حال.