الحياة مع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة!
2020-12-28 04:47:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أم لطفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد عناء ١٢ سنة دون أطفال وعلاجات أنعم الله علي بحمل طبيعي استمر ٥ أشهر ونصف وأنجبتها خداجا، أمد الله بعمرها ولكن أصبحت تعاني من الشلل الدماغي.
أحمد الله أن حالتنا أفضل من غيرها ولكن الغصة في قلبي وألم الروح حين أرى من حولي في عمر ابنتي يركضون يلعبون يتكلمون، أنا لا أحسد غيري، وأدعو الله أن يشفي ابنتي.
أنا اعتزلت المنزل وفقدت أصدقائي، لم يتحملوا وضعي مع طفل يمكث بالمستشفى أوقاتا كثيرة، وأم متعبة وحزينة، الله العالم أحتسب وأصبر ولكن الألم في قلبي يزيد، وأصبحت أتمسك بالجلوس بالمنزل، لا أعرف ماذا أفعل! والداي متوفيان ولا أصدقاء، زوجي إنسان محترم ولكن الوجع واحد.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً ومرحباً بك.
سيدتي الفاضلة: أذكرك .. الحياة الدنيا لا تصفو لأحد، فالشدائد والمصائب والبلايا ضيف لا بد منه فيها، فهي سنة الله سبحانه وتعالى التي لا تتبدل مع عباده، وهذه حقيقة يؤكدها الله تعالى في القرآن الكريم في سورة البلد: (لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ)، أي: يكابد فيها المشقة والمصاعب، وهذا أمر حتمي في هذه الدنيا، وهي محك لإيمان المرء ليتبين الصادق من الكاذب، والصابر والشاكر، وسبحانه يقول في كتابه العظيم: (ألم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين).
فإذن هي ليست اختبارا لقوة ظهر المبتلي وإنما اختبار لقوة قلبه وامتحان للمسافة بينه وبين الله هل يصبر؟ هل يستعين ويرضى وبذلك يكون القرب من الله سبحانه، أم يجزع ويسخط فيبعده ذلك عن ربه؟
عزيزتي: البلاء يذهب ويبقى أثره وأجره وكيفية تعاملك معه، يقول رسولنا الكريم: "إنّ عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإنّ الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" رواه الترمذي.
ومن المؤكد أنّ الله ما ابتلاك إلا لأنه يحبك فحتماً سيعوضك خيراً -إنّ شاء الله- ولن يخذلك أبداً.
وأدركي أنّ ما حصل معك هو من تدابيره وكل ذلك لخير أو لحكمة ستدركينها مع الأيام.
أختي الفاضلة: لا تحزني من حرمانك ما أحببت وتمنيت، وتذكري أنّ الله تعالى قال بكل رحمة فينا: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أنّ تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، كوني على يقين أنّ الخيرة فيما اختار الله لك، واصبري ولا تيأسي أبداً من لطف الله ورحمته، وتذكري قوله -عز وجل-: (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا)، واستمري في جميل صبرك ورضاك واحتسبي الأجر، وتذكري ما أعده الله لأهل البلاء والمحن: (وبشر الصابرين).
فكري بإيحابية واعلمي أنّ حياتك بإمكانها أنّ تكون أجمل من ذلك، وأسهل من ذلك، وأسهل مما تعتقدين، وخاصة أنّ لديك زوجا متفهما ورائعا كما ذكرت لنا، وهذه نعمة كبيرة، فتخيلي لو كان زوجك طباعه سيئة وغير متفهم بظروفك هذه كيف كانت حياتك؟!
غاليتي: أخرجي نفسك من دائرة الحزن والضيق التي وضعت نفسك فيها واستمتعي بوقتك وحياتك، وانظري إلى الكوب الممتلئ، واستمتعي بحياتك ومع زوجك، تجنبي العزلة والانفراد، واخرجي من هذه العزلة التي وضعت نفسك فيها، فالأمر ليس بهذا السوء ولكن يبدو أنك حساسة جداً، لذلك فأنك تضخمين الأمر وتبتعدين عمن حولك حتى لا تزعجيهم.
حاولي أنّ تجدي صحبة ولا تقولي هذا صعب، فصدقيني هنالك الكثيرات من الأخوات اللواتي فيهن صفات جميلة.
ومن الضروري أنّ تغتنمي وقت نومها في ما يفيدك كحفظ القرآن والتسجيل أونلاين في دورات تعنى بشتى المجالات، فتلك الدورات ستحسن من نفسيتك كثيراً، وحاولي أنّ تمارسي رياضة المشي لمدة نصف ساعة يومياً على الأقل.
كوني صديقة لزوجك، والزمي الطاعات، وصدقة قدر المستطاع؛ فهي ترفع البلاء، وأكثري من الدعاء والاستغفار.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي ابنتك شفاء لا يغادر سقما، وأن يفرج همك ويفرح نظرتك بشفاء ابنتك إنه القادر على كل شيء سبحانه.
أسعدك الله أنت وزوجك في الدارين، ورضي عنكما.