الأحداث التي أمرُّ بها جعلتني أتراجع في الدراسة ولا أستطيع مواجهة الآخرين.
2020-12-29 04:58:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أود أن أشكركم شكرا جزيلا على ما تقدمون من خير وإفادة للناس، صراحة لقد قرأت عدد من أجوبتكم، ولكني لا أستطيع تطبيق الحلول.
لقد كنت أعيش في إحدى البلاد العربية لمدة طويلة أنا وأسرتي، وشبه ترعرعت في هذه البلاد، ولما أنهيت دراستي الثانوية انتقلت للعيش في بلدي أنا وأسرتي أيضا؛ لإكمال الدراسة الجامعية، من هنا بدأت تنهال علي العديد من المشاكل من مختلف النواحي، حيث أنني اضطررت أن أتحمل مسؤولية نفسي وعائلتي في ظل عدم تواجد أبي.
علما أنني الأكبر بين إخوتي، إضافة إلى شعوري بالضيق، وعدم التأقلم بالرغم من أنني الآن مكثت ما يزيد عن ثلاث سنوات، ولقد حصلت لي بعض المشاكل مع أقارب لي هنا، في أول سنة لي كانت عواقبها وخيمة، وكادت أن تؤدي بالسجن بسبب الحقد والضغينة التي يكنوها، مما أجبرنا على البحث عن مسكن جديد، وكان سببا في تخبطي الدراسي في السنوات الأولى لي بالجامعة، عدم رضا أغلب من حولي عن تخصصي رغم معدلي الجيد مما دفعني لتحويل تخصصي، وبعدها من السنة الثانية بالرغم من محاولاتي المتكررة في بداية جديدة إلا أنني كنت أحصل على مردود دراسي ضعيف، لا أعرف ما السبب؟ وهل هو صحي أم غير ذلك؟
فقد كانت أذناي تؤلماني لفترة، بعدها اكتشفت أن هذا بسبب الكز على الأسنان والضغط، وأصبحت متأثرا بتلك الأحداث، ودائما ما أتذكرها، وكانت سببا في تراجعي أيضا في تخصصي الحالي الهندسة الكهربائية، فأنا في العام الرابع، وأحس بالضياع، ولا رغبة لي بالدراسة أبدا، ولقد اكتشفت منذ مدة أن لدي انحرافا في الوتيرة، بدأت أضع عليه اللوم في كل مشاكلي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فراس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
من أجمل الأشياء أن يعرف الإنسان صعوباته ونواقصه، لكن في ذات الوقت يجب أن يعرف إيجابياته؛ لأن ذلك يؤدي إلى تقييم مُنصف للنفس، حيث إن الإنسان يجب أن يعرف مصادر القوة والضعف في شخصيته وفي نفسه ثم يقبل ذاته، ويسعى لتطويرها.
أنت ذكرت أنك لم تستطع أن تُطبِّق الحلول، نحن غالبًا لا نُطالب الناس أبدًا بحلول مستعصية، نحن دائمًا نُركّز على جعل نمط الحياة نمطًا إيجابيًّا، لأن من خلال ذلك يمكن للإنسان أن يعيش حياة طيبة وجميلة ومُنتجة وهانئة. نحن نقول للناس – وأنت منهم -: نظّموا أوقاتكم، لأن الذي يُحسن إدارة وقته يحسن إدارة حياته. نقول للناس: تجنبوا السهر، النوم الليلي المبكّر مفيد جدًّا، يؤدّي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ واستقرار نفسي وجسدي، ويستيقظ الإنسان مبكّرًا نشطًا، يُؤدّي صلاة الفجر، ومن ثم يبدأ يومه.
فأرجو أن تطبق هذا الذي دائمًا نقوله للناس ونوصي به على الدوام، نم مبكِّرًا، استيقظ مبكّرًا، صلِّ الفجر، ثم قم بالاستحمام، تناول كوبًا من الشاي، وادرس لمدة ساعة واحدة قبل أن تذهب إلى الجامعة. هذه الساعة في ذاك الوقت المبكّر، والبكور فيه بركة كثيرة، لأن الاستقرار الذهني يكون عاليًا وكذلك التركيز، هذه الساعة سوف تُعادل ساعتين إلى ثلاثة في بقية اليوم.
والذي يُنجزُ في الصباح يحس بالمردود الإيجابي الداخلي، لذا تجده أيضًا يكون نشطًا في بقية اليوم.
إذًا حُسن إدارة الوقت هو الأمر الضروري في الحياة، وأنا أنصحك بذلك، والأمر الثاني هو: التطبيقات الاجتماعية الحياتية العادية. أولاً: يجب أن يكون لك تواصل اجتماعي مع الناس، هذا مهمٌّ جدًّا، ولا تتخلف من الواجبات الاجتماعية، إذا دُعيتَ لدعوة فرح مثلاً اذهب وشارك الناس أفراحهم، وإذا كان هناك واجب عزاء يجب أن تُقدِّمه وتُعزّي الناس في مصابهم، وإذا كان هناك مريضًا يجب أن تزوره وتحرص على أن تواسيه وتخفف من آلامه بكلمة طيبة ودعاء جميل، ويجب أن تصل رحمك، ويجب أن ترفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل.
هذه كلها أمور حياتية بسيطة جدًّا، ويجب أن تكون صلاتك في وقتها، ومع الجماعة، هذا فيه خيري الدنيا والآخرة لك. أن تمارس رياضة، أن تقرأ كتابًا، أن تُشاهد برنامجًا جميلاً هادفًا في التلفزيون هذه هي الحياة ببساطة شديدة جدًّا.
وأنا أريدك أن تتدبّر وتتفكّر وتتأمَّل في هذا المنهج البسيط والعملي، وأنت مُدركٌ – يا أخي – أن لا أحد يستطيع أن يُغيّرك، أنت الذي تُغيّر نفسك، حقيقة أكدها الله تعالى بقوله: {إن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}، الله تعالى حبانا بالطاقات والإمكانات والمهارات، هذه النِّعم قد تكون مختبئة، قد تكون خاملة، لكن بشيءٍ من الاستشعار وتحمُّل المسؤولية يستطيع الإنسان أن يُغيّر نفسه.
ويا أخي الكريم: أنت تكلمت عن الماضي كثيرًا وسلبياته، أنا أبشرك وأقولك لك أن قوة الحاضر أفضل من ضعف الماضي، فعش الحاضر بقوة على الأسس التي ذكرتها لك. المشاكل مع الأقارب وخلافه تحدث في الحياة، لكن الإنسان يجب أن يرتقي بنفسه وبسلوكه، وحاول أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وهذا سوف يعود عليك بخير كثير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
-----------------------------------------------
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم.....استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتورة/ انتصار معروف استشارية تربوية وتطوير الذات.
-----------------------------------------------
أهلاً ومرحباً بك.
ابني العزيز فراس: الأحداث التي تعترينا في حياتنا ليست سارة دائماً، فهناك منها المحزن، ومنها المحبط، ومنها المفرح، فإذا نحن نعيش في مجتمع متغير لا يجدي به الاستسلام؛ لأن في هذه الحالة المشكلات ستتضاعف أكثر وأكثر، فإذن الحل الأمثل هو أنّ نتكيف مع هذه الظروف التي تحيطنا، وأن نفكر بإيجابية وبمنطقية حتى نستطيع أن نتجاوز كل ما يعيقنا عن تحقيق الأهداف التي نصبوا إليها.
أنت تعاني من شدة الضغوطات النفسية التي أثرت على دراستك والتي من أحد أسبابها عدم قدرتك على مواجهة المواقف الصعبة التي تتعرض لها في التعامل مع محيطك الخارجي.
حتى تنجح عليك أن تفكر بطريقة واقعية في مسيرتك الحياتية، وأن تستبدل الأفكار السلبية التي تراودك بغيرها إيجابية، وأن تنظر إلى جوانب القوة لديك لتنميها، وذلك عن طريق التفكير بحلول أخرى لأي مشكلة وتوقع نتائجها، كما أنه من المهم جدا أن تتعلم كيف تعامل من تتصادم معهم، كأن تستمع إليهم باهتمام حاول أن تفهم ماذا يكمن وراء غضبهم ملتزم بالهدوء والتصرف السليم وبحكمة، متخذ نهج المرونة في حياتك لتتجنب الضغط، والتعب النفسي، والإحباط، واجترار الماضي، وللتكيف مع الظروف المحيطة مما يجنبك ذلك على مالا قدرة لك بتحمله.
دراسياً عليك أن تتطلع على قدراتك، وأن تقدر ذاتك وتؤمن بها حتى تعيش ضمنها وتستخدمها في أقصى ما تستطيع، فذلك أمر مهم جداً لتعزيز ثقتك في نفسك، ويساعدك كثيراً على النجاح.
واعلم أنك إن كنت تتوقع سوى القليل من نفسك فإنك ستواجه الشعور الممل، والشعور بالذنب، وفقدان احترام الذات بعد كل ما وصلت إليه من مكانة راقية في تخصصك.
وأن تنظم أسلوب حياتك ووقتك، وتحديد أهدافك الواقعية في حدود قدراتك لتتجنب الإحباط.
من الجيد أن تبحث عن التنوع والتجديد، لأنه سيبقيك في حالة إثارة وحماس وتجدد دائماً.
اهتم بصحتك النفسية والجسدية، وأخذ قسطا وافيا من النوم، الغذاء الصحي.
روح عن نفسك بعيداً عن الضغوطات اليومية، من خلال النزهات مع الأصدقاء المقربين إليك.
ممارسة الهوايات المحببة إليك، وأنصحك بممارسة الرياضة فهي تحسن المزاج، وتفرز بعض الهرمونات التي تزيل القلق والحزن، وتعلم الاسترخاء والتأمل، وفكر في الطبيعة وما خلق الله لنا من بحار وجبال، واسترسل بالأفكار الإيجابية المشرقة.
استجلب راحتك بطاعة الله سبحانه وتعالى بالذكر والعبادة والصلاة، فعندها يا بني العزيز جميع الضغوط الكبيرة والصغيرة لا تستعصي على المولى بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إنّ الله مع الصابرين).
وفقك الله لما يحب ويرضا، ويمكنك معاودة التواصل معنا إن احتجت لذلك.