لماذا أحزن عندما يذهب الجميع؟
2021-03-08 01:28:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحس بسعادة عندما يجلس أحد بجانبي، وسرعان ما أحس بالحزن حينما يغادر، سواء في قاعات الدراسة، أو في الكافيهات، أو في الحدائق العامة، أو في أي مكان، أكون مشغولة بالدراسة والقراءة ولكن قلبي يحزن حينما يغادرون، وأحيانا أشعر أني ضايقتهم مع أنه لم يحصل أي شيء بيني وبينهم، ولا حتى النظر، ولا حتى كلمة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aenwahdb حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.
مثل هذه الظواهر جزء من الأُلَفة والفطرة الإنسانية، فالإنسان بطبعه إنسان اجتماعي، وبعض الناس يحسُّون دائمًا بالأمان والسُّكون في وجود الآخرين. لا أعتقد أنك تعانين من أي رهاب أو خوف اجتماعي، هو مجرد شعور قلقي مكتسب، وليس أكثر من ذلك.
مثل هذا النوع من الفكر يجب أن يُحقّر تمامًا، والإنسان إن كان معه الناس أو ذهبوا عنه فهو في معيّة الله تعالى، وهذا يكفيك تمامًا، وأفضل جليس هو الكتاب، وأفضل كتاب هو كتاب الله تعالى، القرآن العظيم خير جليس لا يملُّ منه جليسه ولا يملُّ حديثه، وترداده يزداد فيه الإنسان تجمُّلاً وعلمًا وفضلاً، ويغني عن كل جليس، لكن طبعًا الإنسان لا يمكن أن يعيش وحده، ولا يستغني عن الناس في كل الأحوال، يحتاج إلى صحبة وإلى رفقة، يحتاج أن يكون بجوار أناس يألفهم ويألفون به، يأنس بهم ويأنسون به، فـ (الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ)، و(الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُسْلِمُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ أَوْ أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ).
فيجب أن تبني فكرًا جديدًا، فكرًا يقوم على أن الإنسان لا يمكن أن يتحكّم في الآخرين، وجودهم وذهابهم، حضورهم وغيابهم، هذا ليس بيد أحد، والحياة تجمع وتفرّق، وكثيرًا ما يحتاج الإنسان أيضًا أن يكون وحده، هذا أمرٌ معروف جدًّا.
فإذًا مثل فك الارتباط الاجتماعي هذا يجب ألَّا يحزنك، والإنسان يجب ألَّا يقبل أي نوع من الفكر يأتيه، هذا فكر ليس صحيحًا، فلماذا تقبلين به؟ إذًا أجري حوارًا مع نفسك، وأرجو أيضًا أن تقومي بما نسميه بالتعريض، أن تتصوري نفسك أنك جلست لوحدك لفترة طويلة، في قاع الدراسة أو في حديقة أو في شيء من هذا القبيل، وأنك كنت في سفرٍ بعيدٍ من منزل الأهل وهكذا.
إذًا كل شعور أو فكرٍ أو فعلٍ نراه لا يُطابق الواقع أو هو مألوف عليه ومقبول ومتعارفٌ بين الناس يجب ألَّا نقبله. فإذًا أنت تحتاجين لشيء من الحوار الفكري حول هذا الموضوع، و-إن شاء الله تعالى- تصلين للنهاية الصحيحة، وهي أن هذا الفكر ليس فكرًا صحيحًا، وما هو غير صحيح يجب ألَّا يُقبل، وأنت دائما في حفظ الله ومعيته.
والله الموفق.