لدي إحباط كبير وأموري مضطربة، فما الحل؟
2021-03-30 00:53:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة في مرحلة 3 ثانوي، أصبت بذنب ولا زلت أعاني منه منذ الصغر، وقد تركته عدّة أشهر لأول مرة في حياتي، ثم قالت لي والدتي كلامًا فحزنت كثيرًا ورجعت للذنب، ولا زلت أتخبط وأعاني منه كثيرًا، أتركه يومًا ثم أعود إليه أيامًا.
كذلك فيّ إحباط كبير، صلواتي ليست مضبوطة ونومي ثقيل، إذا قال لي أحد كلمة سيئة أحزن وأنام لوقت طويل.
أحفظ القرآن وأحب الخير وأهله ومن حولي يظنون بي خيرًا مع أن عندي ذنوبًا كثيرة (هي سر بيني وبين الله)، للأسف لا أجد الدعم من أهلي ولا حبهم لي، بل إنهم إذا رأوا إقبالي على خير أنكروا عليّ ذلك، ووصفوني بالتشدد والنفاق لأني أضيع الصلوات.
بالنسبة لدراستي أنا أكرهها جدًا بسبب الطالبات اللاتي يدرسن معي، وكذلك بسبب أني لست جيدة في الفهم، درجاتي عالية لكنّي أصرف وقتاً كبيرًا في الدراسة وأشعر أني لا أستفيد مما أدرس.
صرت متخوفة جدًا من مرحلة تحديد تخصصي الجامعي، فأنا أودّ دراسة الشريعة ولكن أهلي يريدون أن أدرس الطب أو أي شيء آخر، وأنا لا أحب شيئًا غير الشريعة، ولا أظن أني سأفلح فيها أو أتحمل أن أدرس مع أشخاص يكرهون الشريعة ولا يطبقونها.
كذلك لاحظت أني حين أحضر درسًا دينيًا أحافظ على صلواتي أكثر، وتكون لدي حصانة ضد الذنب وأشعر بالأنس واللذة حين أقرأ القرآن، ولكن أهلي يمنعونني من الدورات الدينية، حتى وإن كانت إلكترونية بحجة التركيز على الدراسة.
كيف أحل كل تلك المشكلات وأحب أهلي أيضًا؟
أجيبوني مشكورين، ولكم مني خالص الدعاء..
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُحقق لك في طاعته الآمال.
السر الذي بينك وبين الله تبارك وتعالى الإخلاص لله تبارك وتعالى، والإحسان بينك وبين الله في الخلوات، هو الذي سيعصمك من كل الشرور، فإن الصدق مع الله تبارك وتعالى بابٌ للخيرات كلِّها، فلا تُبالي بكلام أحد ما دمت صادقةً مع الله تبارك وتعالى، وتوجَّهي إليه فإنه يُجيب المضطر إذا دعاه، واحرصي دائمًا على ترك ما يُغضب الله.
اعلمي أن من السوء أن نعصي الله في الخلوات، ولكن أيضًا من الإحسان الكبير أن نُطيع الله تبارك وتعالى في الخلوات، فاجعلي خبيئة من الأعمال الصالحة بينك وبين الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الهروب إلى النوم أو الهروب من الحياة لا يحلّ الإشكال، ونظِّمي جدولك، واجتهدي في دراستك، واجعلي حب الشريعة منهاجا لك وطريقا، سواء درست الطب أو درست غيره، فإن الإنسان إذا أحبَّ شيئًا بلغ فيه المدى الكبير.
لا تعني دراسة الطب أن الأطباء ليسوا متدينين، أو أن مَن يدرس التخصصات الأخرى لا علاقة لهم بالدِّين، فاجتهدي في الجمع بين الخيرات، بين الحُسنين، واعلمي أنك تستطيعين أن تفعلي ذلك إذا نظَّمتِ الأوقات، إذا توقفت عن المعصية، وعمَّا يُغضب ربّ الأرض والسماوات، فإن الإنسان إذا أقبل بقلبه على الله أقبل الله بقلوب خلقه عليه، وهو سبحانه وتعالى الذي يقول: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا} يعني: محبَّةً في قلوب الناس.
إذا كنت تعرفين – ولله الحمد – آثار الذنب فللذنوب آثار؛ فاجتهدي في الابتعاد عن الذنب، وترك هذه المخالفة، وأنت -ولله الحمد- مؤمنة، وتأتيك وتأتينا أيام ويدخل علينا الشهر الفضيل الذي نتركُ فيه طعامنا وشرابنا والشهوات لله تبارك وتعالى، وإذا كان الإنسان يستطيع أن يترك طعامه وشرابه فكيف لا يستطيع أن يترك معصية أو صغيرة هو مُصِرٌّ عليها، أو أي ذنب يعود إليه بين الفينة والأخرى؟!
عمِّري قلبك بحبِّ الله، واسألِي الله توفيقه والسداد، وابحثي عن رفيقات صالحات، لا نريد أن تُرافقي كل أحد من الزميلات، ولكن رافقي الصالحات، المُطيعات لله تبارك وتعالى، و اجتهدي في تلاوة القرآن وفي ذكر الرحمن، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، واعلمي أن الصعوبات التي تواجهك من قِبل الأسرة أو من قبل غيرها تواجه كل مَن يريد أن يعود إلى الله، قال الله تعالى: {الم أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنَّا وهم لا يُفتنون}؟! فهذا طريق الصعوبات، وحتى الأنبياء والصالحين والمصلحين كلُّهم وجدوا هذه الصعوبات، لكنَّ الإنسان ينتصر بصدقه مع الله، ينتصر بصبره، فإن النصر مع الصبر، ينتصر بإخلاصه لله تبارك وتعالى، ينتصر لأن العاقبة للمتقين، ولأن الأرض ميراث للصالحين.
نسأل الله لنا ولك التوفيق، ونكرر لك الترحيب في الموقع.