أريد إنهاء الصراع الداخلي الذي أشعر به، ساعدوني.
2021-04-04 02:52:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باختصار: هناك صراع بداخلي بين الخير والشر.
فعلت أفعالا خاطئة كثيرة وندمت، ولكن ما تمر فترة إلا وأرجع لفعلها تارة أخرى، عباداتي تتأثر، وعقلي مشوش، ونفسي غير مطمئنة، تعبت من هذا الصراع، عشت به فترات طويلة، فأنا أعرف أسبابه فهي عائلية أغلبها، وهناك عدم راحتي في العمل، (ولا أستطيع تغيره لفترة من قوانين الدولة) حيث إنني مكلف أكثر من قدرتي، فيحصل صراع أيضا بين تكليفي، ونفسي، وأهلي.
لا أعلم كيف أرتاح وأرجع إلى الله بقلب مطمئن؟ المشكلة أنني أعرف الخطأ والذنب، وأعرف السبب، ولكن أقع بالصراع والخطأ، ثم أرجع أندم وأقوم بتهدئة نفسي وأرجع لطبيعتي، وهكذا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونُحيي هذه النفس اللوامة التي تلومك على الوقوع فيما يُغضب الله تبارك وتعالى، ونأمل أن تنتصر هذه النفس الخيّرية على تلك النفس التي تجُرُّك إلى الأرض وإلى الخلود فيها، نسأل الله أن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.
لا شك أن الصراع مستمر في نفوس البشر بين عناصر الخير وعناصر الشر، والإنسان ينبغي أن يُقوّي عناصر الخير بصحة الإيمان بالله تبارك وتعالى، وصدق الاتباع والمتابعة للنبي عليه صلاة الله وسلامه، وبالنظر إلى مآلات الأمور وعواقبها، فالإنسان لا يدري متى تنخرم به لحظات العمر، فقد يكون الإنسان يذهب إلى المعصية ويعود إليها ويخرج منها وهو كذلك يأتيه الأجل، وتلك خسارة كبرى والعياذ بالله.
لذلك لا بد أن تُعجّل بتوبة لله نصوح، واعلم أن التوبة النصوح تبدأ بالإخلاص لله، وبالصدق فيها مع الله، ثم بالتوقُّف عن الذنب، ثم بالندم على ما مضى من التفريط، ثم بالعزم على عدم العود، ثم إن كان للذنب حقوقا لآخرين – لآدميين – ردَّ الحقوق إلى أصحابها، والذي يدلُّ على صدق هذا العمل هو حرصك على أن تهجر بيئة المعصية ورفقة المعصية، وأن تتخلص من كل ما يُذكّرُك بالمعصية، ثم تهجر رفقة السوء إلى رفقة خيّرة تُعينك على طاعة الله إن ذَكَرْتَ، وتذكّرُك بالله سبحانه وتعالى إذا نسيت.
واعلم أن تركك للذنوب ممَّا ييسّر عليك العمل والصعوبات التي تواجهك في الحياة، لأن الصعوبات والمعاناة التي تجدها في الداخل من هذا اللوم ومن هذا التناقض، كلُّ ذلك لا يزيد الأمور إلَّا تعبًا، كما أن للمعاصي شؤمها وثمارها المُرَّة، فإن للمعصية ظلمة في الوجه، وبُغضة في قلوب الخلق، وتقتير في الرزق، يعني الصعوبات التي تواجه الإنسان في عمله وحياته أيضًا عندها علاقة بالذنوب التي يقع فيها، قال العظيم: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ).
فالراحة إذًا تبدأ بالتوبة إلى الله، ثم بالمواظبة على ذكر الله تبارك وتعالى، ثم بالإكثار من الحسنات الماحية، والمواظبة على ذكر الله وشكره، فإنك بالذكر تجد النشاط وتجد المعونة على الصعاب، وبالشكر تنال المزيد من الله تبارك وتعالى، واعلم أن التغيير في حياتك يبدأ بهذه التوبة، ويبدأ بالمحافظة على كل أمرٍ يُرضي الله تبارك وتعالى، ونبشِّرُك بالخير، ونقول: إنْ تَصْدُقِ الله يَصْدُقُكَ، ونُحذِّرُك من التسويف، فإن الإنسان لا يدري متى تنخرم به لحظات العمر، والإنسان لا يدري إذا جَنَّ ليل هل يعيش إلى الفجر.
نسأل الله أن يتوب علينا وعليك لنتوب، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.