كلما قابلت خاطبًا رفضني، ما تفسير ذلك؟
2021-05-19 04:25:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، منتقبة، مجتهدة في دراستي، أحافظ على صلاتي وقيامي وقرآني.
في عام 2019 أصبت بمرض مناعي ليس له علاج -السيلياك-، تعطلت دراستي وتأخرت سنتين إلى الآن قابلة للزيادة، دفعتي تخرجت من الجامعة، وأنا على نفس الحال، كلما كونت صداقات فجأة تنتهي، تخلت عني كل صديقاتي بدون سبب يذكر.
منذ كنت في الصف التاسع يتقدمون لخطبتي، وكان أهلي يرفضون لأني صغيرة بالعمر، بعدما دخلت الكلية أنا أصبحت أرفض، لأني أخاف، كلما تقدم لخطبتي شخص أكتئب حتى أرفضه وأرتاح، إلى سنة 2020 تقدم لخطبتي شخص وأهلي أصروا علي أن أقابله، وفعلاً تمت المقابلة الشرعية وتم رفضي من قبل الشاب، تضايقت ولكن حمدت الله ورضيت بالأمر.
في 2021 من مدة أسبوعين تكرر الأمر تقدم لخطبتي شخص، الناس مدحوه وأهلي أصروا أن أقابله، وقابلته، وبعد أسبوع رفضني بدون سبب، مع العلم أنهم يعلمون بمرضي ويوافقون، يعني المشكلة ليست في المرض!
أنا في حياتي كلها ما تحدثت مع شاب غريب عني، لأني أخاف الله، وأعلم أن الحرام حرام، أنا الآن أمر بأيام صعبة، نفسيتي تدمرت وفقدت ثقتي بنفسي، مع أنني أقرأ البقرة كل يوم وأتقرب لله، لكني لم أجد تفسيرا لما أمر به في حياتي، وصلت لمرحلة يأس عظيمة لم أستطع السيطرة عليها، أريد تفسيرا واحدا لما يحدث معي، لأني تعبت من مقاومة الحياة، وأصبح كل ما أرغب به هو الموت.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رأفة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ عليك بالعافية، وأن يُذهب عنك كل همٍّ ويطرد عنك كل حزن.
سؤالك طويل -ابنتنا الكريمة- ولكننا سنركّز على نقاط ست فيها بإذن الله تعالى دواؤك وطرد الأحزان عنك.
أوَّلُ هذه النقاط أن تعلمي جيدًا أن التديُّن والتزام تقوى الله تعالى سببٌ للفرج، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، فاثبتي على طريق التديُّن وتقرَّبي إلى الله، وحافظي على حدوده، واعلمي أنه سيجعل لك فرجًا قريبًا.
ولكن قبل أن يحصل هذا الفرج تيقَّني – وهذه هي النقطة الثانية – أن الابتلاء والاختبار هي سُنَّة الحياة التي جَبَلَها الله تعالى عليها، وأنه سبحانه وتعالى يختبر العبد ليرى صبره ثم يُثيبُه على هذا الصبر، وإذا أحبَّ الله قومًا ابتلاهم، وأشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. هكذا وردت الأحاديث، فالله تعالى يبتلي الإنسان لما يترتّب على هذا الابتلاء من المنافع والخيرات التي لا يُدركُها عقل هذا الإنسان. فاصبري واحتسبي، وقابلي هذا الابتلاء بالصبر.
ننتقل للنقطة الثالثة، وهي تتمّة لما سبق في النقطة الثانية، وهي مسألة التداوي، وأن تعلمي أن طلب الدواء هو قدرٌ من أقدار الله تعالى، فمع التزامك بالتديُّن ومع يقينك بأن الابتلاء سُنَّة هذه الحياة وأنه يترتَّب عليه شيءٌ كثير من الخيرات؛ خذي بالأسباب واطلبي الدواء فإن لكلِّ داءٍ دواء، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تداووا عباد الله)، ومن هذا الدواء الرقية الشرعية، فداومي على استعمال الرقية الشرعية، واستعيني بأهل الثقة والصدق من الرُّقاة الشرعيين، فلعلَّك تجدين في هذه الرقية شفاء ممَّا تُعانينه، والرقية تنفع ممَّا نزل بالإنسان وممَّا لم ينزل، وهي نوع من الأذكار والأدعية، فهي نافعة بإذن الله على كل تقدير.
النقطة الرابعة: أن تعلمي يقينًا أن اليأس من رحمة الله تعالى ليس من عمل المؤمنين، فقد قال سبحانه في سورة يوسف: {إنه لا ييأسُ من روح الله إلَّا القوم الكافرون}، وقال: {والذين كفروا وكذبوا بآيات الله ولقائه أولئك يَئسوا من رحمتي}، فأهل الإيمان هم أحسن الناس ظنًّا بالله تعالى، والله تعالى محلٌّ للظنّ الجميل، وقد قال في الحديث القدسي: (أنا عند ظنّ عبدي بي)، فلا تيأسي من رحمة الله، فإنه وإن ابتلاك لكنّه سبحانه قادرٌ على أن يُذهب عنك هذا البلاء ويُبدلك عنه بالعافية، فأكثري من دعائه والتقرُّب إليه، مع الأخذ بالأسباب التي أشرنا إليها سابقًا.
وآخر الأمور – أيتها البنت العزيزة – أن تعلمي أن الموت انقطاع، وأن الحياة فرصة، والدقيقة الواحدة في هذه الحياة لا تُقدَّرُ بثمن، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عمر المؤمن لا يزيده إلَّا خيرًا)، فاطردي عنك هذه الأماني الباطلة وتمنّي الموت، لأنه لا خير فيه، وقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إن كان أحدنا لا بد متمنِّين الموت فليقل: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي)، وعمر المؤمن لا يزيده إلَّا خيرًا.
فخذي بالأسباب والتوجيهات التي ذكرناها لك، وستجدين بإذن الله تعالى ثمرةً طيبة، ونسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك كل خير.