حالة نفسية ومشكلة في القولون
2021-05-25 05:22:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أتمنى أن تفهموني وتعذروني على شرح المفصل الذي ربما يكون غير لائق.
أنا مريضة بالقولون وعندي غازات كثيرة حتى بعد التغوط، وانتفاخ سواء أكلت أو لم آكل، وقبل الخروج من البيت بيوم لا آكل حتى لا أضطر لدخول الحمام، وغالبا تكون غازات فقط، تخف أحيانا لكنها لا تختفي، حتى لو أكلت فواكه.
أصبت بحالة نفسية وقلق وتوتر وشرود بسبب هذه المشكلة، وأهلي لا يقدرون حالتي، ويقولون لا تأكلي كثيرا، ويتكلمون عني، ويضايقون كثيرا، فكرهت أهلي والبيت وكل البشر، وأتمنى أن أغادر لأي مكان آخر، أشعر بضيق مستمر، ومستحيل أن يقبل أحد بالزواج مني، فإن كنت أنا قرفانة من نفسي فكيف بغيري!
صرت أنام طوال اليوم، حتى لا أرى أهلي، وخاصة زوجة أخي آلتي تستفزني دائمآ فهي تعيش معنا، أنا محتارة و لا أعرف ماذا أفعل؟ وصرت مقصرة في صلاتي ودائما شاردة، أحيانا أفكر أن الموت أرحم من الحياة آلتي أعيشها.
أحاول كثيرا أن أقلل طعامي، لكن بلا فائدة، الغازات مستمرة، وعندي إحباط كبير من الحياة، وليس لدي صديقات بسبب عصبيتي، ولا شخص أفضفض له، حاولت أن أفضفض لأي شخص، لكنهم لم يحافظوا على أسراري، وعلاقتي بالناس مقطوعة لأني لا أزور أحدا، لا أدري ماذا أفعل؟ وأين أذهب؟ لقد ضاقت بي الدنيا، وأتمنى أن أجد الأمل لديكم.
شكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
رسالتك واضحة ووافية جدًّا، وكل التفاصيل التي ذكرتِها نعتبرها مهمَّة وجيدة لأن نصل إلى تشخيص نوجِّه لك من خلاله النُّصح والإرشاد المطلوب.
من الواضح أنك شخصية قلقة، والشخصية القلقة دائمًا تجد صعوبة في التعامل مع الآخرين، هذا أمرٌ مفروغ منه، وأيضًا قد تظهر أعراض جسدية كثيرة، حين يكون المكوّن الرئيسي لشخصية الإنسان هو القلق، وأكثر الأعراض التي نشاهدها هي اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل النوع الذي تعانين منه.
إذًا المشكلة الأساسية هي أن شخصيتك شخصية قلقة، وهذا ليس مرضًا أبدًا، هي ظاهرة لكنها ظاهرة مهمّة، لأنها يجب أن تُعالج.
الصعوبات في التعامل مع أسرتك: أنا أحسبُ أنها متعددة الأسباب، وهذا شيء طبيعي، لا يمكن أن نضع اللوم فقط على أهلك أو زوجة أخيك أو شيء من هذا القبيل، لابد – ومع احترامي الشديد لشخصك الكريم – لابد أن تكون هنالك أيضًا نوع من التفاعلات أو التصادمات السلبية من جانبك.
معرفة هذا وإدراكه مهمٌّ جدًّا، لأنها نقطة ارتكازية جدًّا بالنسبة للعلاج، فالإنسان يجب أن يُصحح مساره أولاً، وبعد ذلك يتحدث عن مسارات الآخرين، ويجب ألَّا نُسقط كل مشاكلنا ونحمّل مسؤوليتها على الطرف الآخر. هذه نصيحة مهمّة جدًّا.
القلق من هذا النوع يُعالج من خلال التعبير عن النفس، لا تكتمي أبدًا، عبّري عن نفسك أوَّل بأول، هذا مهم، وهذا نسميه بالتفريغ النفسي، فالتعبير عن النفس في حدود الذوق والأدب أمرٌ جميل وطيب جدًّا.
ثانيًا: أنت محتاجة أن تنمّي ما يُعرف بـ (الذكاء الوجداني/العاطفي/الاجتماعي)، هذا أحد العلوم السلوكية المهمة جدًّا، فمن خلاله يفهم الإنسان نفسه ويعرف كيف يتعامل إيجابيًّا مع ذاته، وكذلك يفهم الآخرين بصورة أفضل، ويسعى دائمًا للتعامل معهم بصورة إيجابية.
فأنا أريدك أن تقرئي عن الذكاء الوجداني، هناك كتب كثيرة حول الذكاء الوجداني على الإنترنت وعلى اليوتيوب، وتوجد أيضًا كتب ومؤلفات كثيرة جدًّا فيهذا السياق، من أفضل هذه الكتب التي أنصح بقراءته هو كتاب دانييل جولمان، وهو رائد هذا العلم، وقد كتب كتابه (الذكاء العاطفي) عام 1995، وتوجد كتب أخرى كثيرة. هذه نقطة مركزية جدًّا لعلاج حالتك.
النقطة الثالثة هي: ممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة، رياضة المشي، أي رياضة تناسب المرأة المسلمة، مهمَّة جدًّا بالنسبة لك.
رابعًا: تطبيق تمارين الاسترخاء بانتظام، تمارين التنفس التدّرجي، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، سوف تكون مفيدة جدًّا لك، فأرجو أيضًا أن تتدربي على هذه التمارين إمَّا من خلال مقابلة أخصائي نفسي، أو أن تطلعي على البرامج الموجودة على اليوتيوب.
إذًا هذه هي المكونات العلاجية، يأت بعد ذلك التفكير الإيجابي، دائمًا اسعي لأن تفكري إيجابيًّا، الدنيا بخير، أنت صغيرة في السن، أمامك -إن شاء الله تعالى- آفاق جيدة جدًّا، ومن الضروري جدًّا أن تُحسني إدارة وقتك، ويا حبذا لو بدأت برنامج مثلاً لحفظ القرآن، هذا فيه خير كثير جدًّا بالنسبة لك، وسوف تروضين نفسك على ما هو أفضل وأفعل. بر الوالدين أيضًا سوف يُمثل محطة رئيسية جدًّا بالنسبة لك.
سيكون أيضًا من الجيد أن تتناولي أحد الأدوية المحسِّنة للمزاج، وأنا أرى أن عقار (بروزاك) والذي يُسمَّى علميًا (فلوكستين)، يمكن أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة شهر، ثم كبسولتين يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.