عادت مخاوفي القديمة وتفكيري المفرط، فهل أعود للعلاج؟
2021-06-17 02:04:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
د. محمد عبدالعليم وجميع القائمين على هذا الموقع المبارك، كل عام وأنتم بخير.
سبق أن عرضت مشكلتي في هذا الموقع، وقد استفدت كثيراً من النصائح المقدمة في الاستشارة تلك، وتجاوزت محنتي -ولله الحمد-، ولكن بعد شهرين من إيقاف الأدوية التي استمررت عليها ستة أشهر أصبت بأرق شديد، وعدت لعادة التفكير المفرط والمبالغ فيه، وعادت لي مخاوف قديمة مثل الخوف من الموت والمرض، وأصبت بقلق شديد جداً وتوتر، وبقيت على هذا الحال شهرين، كنت أتناول خلالها بعض الفيتامينات مثل فيتامين (د) و(ب12) وغيرها، ولكن ما شعرت معها بفائدة، وظل التفكير المفرط والقلق يزيدان حتى نهاية شهر رمضان الماضي، وبدأت أعراض جسدية تظهر علي، مثل التنميل وتعب في الأطراف ووهن عام وعدم رغبة في أي شيء.
فهل أعود لأدويتي السابقة؟ وهل هذه تعتبر أعراضا انسحابية، أم موجة متكررة ستتبعها موجات أخرى لا تنتهي؟ علماً بأنني قد خطبت وزواجي بعد شهرين -إن شاء الله-، وكذلك أدرس الماجستير في تخصصي، وكانت حياتي تسير على ما يرام، كانت تأتيني بعض الأفكار والذكريات القديمة، وندم على بعض التصرفات، ولكن لم أعرها اهتماما.
ومشكلتي الكبرى الحالية -بالإضافة لما سبق- هو خوفي من أن لا أنام، فأصبح الأرق معي مزمنا، وأحياناً أستخدم دواء زونام3 مج؛ ليساعدني على النوم.
وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع.
بالفعل أنت لك استشارة سابقة أجبنا عليها قبل عشرة أشهر من الآن تقريبًا.
الآن – أخي الكريم – الأعراض التي انتابتك وتحدثت عنها تدلُّ على وجود نوع من قلق المخاوف، وكذلك القلق التوقعي، خاصة فيما يتعلق بالنوم والخوف من ألَّا تدخل في النوم، وهذا قطعًا فيه شيء من الأفكار الوسواسية. فإذًا حالتك باختصار هي: درجة بسيطة إلى متوسطة من قلق المخاوف الوسواسي.
والهفوات أو الانتكاسات البسيطة التي تحدث هي دليل على أن شخصيتك الكريمة ربما يكون لديها ميول طبيعي لهذا القلق وهذا الخوف وهذه الوسوسة، وهذا لا نعتبره مرضًا، إنما هو مكوّن وجزء من البناء النفسي لشخصيتك، وهذه السمات أو الصفات تختفي مع مرور الوقت، لكنها تتطلب طبعًا جُهدًا تأهيليًّا، بمعنى أنك تحرص تمامًا في أن تجعل نمط حياتك نمطًا حيويًّا ونشيطًا ومُنتجًا، وتُحسن إدارة وقتك، وتكون لك أهداف واضحة، تضع الآليات والطرق التي تُوصلك إليها، تحرص على أمور دينك، خاصة العبادات والصلاة في وقتها على وجه الخصوص، تجعل الرياضة جزءًا من حياتك – أخي الكريم – وأيضًا القراءة والاطلاع والتطور المهني.
وفي ذات الوقت تحقّر فكر المخاوف وفكر الوساوس وكل الأفكار السلبية، وتستبدلها – أخي الكريم – بأفكار إيجابية.
هذه هي المبادئ العلاجية العامّة، بمعنى: أريد نمط حياتك أن يكون نمطًا صحيًّا، وسوف تكون مآلات هذا -إن شاء الله تعالى- تطورا كبيرا جدًّا في صحتك النفسية والسلوكية وحتى الجسدية.
إذًا هذا هو المبدأ العلاجي العام لحالتك، وحتى نتجنب الانتكاسات.
أمَّا الآن أنا أقول لك: ابدأ الأدوية مرة أخرى، فهي أدوية بسيطة وسليمة. عقار (اسيتالوبرام) والذي يُعرف تجاريًا باسم (سيبرالكس) من الأدوية الجميلة، من الأدوية الفاعلة جدًّا، ولا أعتقد أنك تحتاج له بجرعات كبيرة، وعمومًا هو سليم جدًّا، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرامات – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تناول حبة واحدة (عشرة مليجرامات) يوميًا لمدة تسعة أشهر مثلاً، وهذه ليست مدة طويلة، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول هذا الدواء، وتكون المدة الكلية في تناول السيبرالكس عاما كاملا، علمًا بأن هذه الجرعة جرعة صغيرة جدًّا.
الدواء الثاني الذي – إن شاء الله – يُساعدك في النوم هو عقار (كويتابين) والذي يُسمَّى تجاريًا (سوركويل) أيضًا يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً، يساعدك على النوم، ويُقلِّل من القلق والتوتر المصاحب لقلق المخاوف الوسواسي، والكويتابين تناوله لمدة شهرٍ مثلاً، ثم اجعله بعد ذلك حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تناوله عند اللزوم إذا احتجت له.
أعتقد أن هذا وضع جيد، وهذه الطريقة طريقة مُثلى جدًّا لأن تُحسّن من صحتك النفسية، وتنتهي هذه الأعراض -إن شاء الله تعالى-.
الزولام طبعًا هو دواء جيد جدًّا، لكن قد يتعود عليه الإنسان، فأفضل لك أن تتبع المنهجية العلاجية الدوائية التي ذكرتُها لك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.