كيف أتحلى بالحلم والصبر مع أسرتي؟
2022-02-27 00:37:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
المرجو نُصحي عن كيفية التحلي بالحِلْم والصبر مع عائلتي (زوجي وأبنائي) كما أتحلى به في العمل؟
شكراً جزيلا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيي رغبتك في تحسين أخلاقك مع أهل بيتك، وهم بلا شك أولى الناس بحسن خُلقك، وأخلاق الإنسان الفعلية تنكشف داخل البيت، مع هذا الشريك المخالط ومع الأطفال (الأبناء) الذين قد يكون منهم الإزعاج والنقص، لكنّهم أغلى ما يملك الإنسان، فالمرأة لا تملك أغلى من زوجها وأبنائها، ونسأل الله أن يُديم بينكم مشاعر الألفة والمحبة.
وإذا حاول هؤلاء أو جاء ما يُزعجك فتذكّري نعم الله تبارك وتعالى عليك وعليهم، فوجودك معهم نعمة، وجودهم بين يديك نعمة، عليهم أن يشكروا الله عليها، وعليك أن تشكري الله تبارك وتعالى على وجودهم معك. واجتهدوا دائمًا في ترتيب الأمور. أرجو أن تتفادي ما يُثير غضبك، واجتهدي دائمًا في تحميلهم المسؤوليات، ولا تحمّلي نفسك ما لا تُطيقي، واعلمي أن الأخطاء واردة، وليس هنا الإشكال، فنحن بشر والنقص يُطاردُنا، لكن ينبغي أن تأخذ حجمها، وينبغي ألَّا تأخذ مساحات طويلة، فمن الخطأ أن يُطيل الإنسان لحظات الحسن، وأن يذهب ليغتمَّ وغيرُه نائم، يعني: من الناس مَن يُخطأ ثم يذهب وينام، لكن في الناس مَن يتألَّم ويتألَّم، والذي أخطأ نسيَ الخطأ الذي وقع فيه.
قطعًا نحن نتمنّى أن يكون الزوج عونًا لك على الخير، والأبناء لا يملكون إلَّا أن يكونوا أطوع لك من بنانك، لأنك أولى مَن ينبغي أن يُقدّموك في الطاعة، بل أنت مُقدَّمة حتى على والدهم، ولكن كنَّا نحتاج إلى بعض التفاصيل حتى نعرف ما هي المواقف التي يحصلُ فيها الضيق والتصرفات التي تحصلُ منهم، حتى نحلِّل هذه التصرفات، ونُبيِّنُ لك كيف تكوني حليمة وصابرة.
والصبر يحتاج إلى مَن يتصبّر، فإن الصبر بالتصبُّر، يعني: يتكلّف الصبر ويتكلَّف، وكذلك الحلم يحتاج الإنسان أن يُدرّب نفسه بضبط النفس، وتذكُّر ما عند الله تبارك وتعالى، وبأن تتذكري عواقب الغضب الزائد، فإنه يضرُّ الصحة، ويضرُّ بالأبناء، ويُؤثّرُ على الزوج، ولا يجلب الفوائد الكثيرة، لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل: (لا تغضب) قال: زِدْني، قال: (لا تغضب) قال: زدني، قال: (لا تغضب)، لأن الغضب ركنٌ من أركان الشر، فالإنسان ينبغي إذا غضب أن يهجر المكان، ويُمسكُ اللسان، ويُهدأ الأركان. كذلك أيضًا إذا كان الغضب شديدًا تتوضئين، وإذا كان شديدًا تُصلّين لله تبارك وتعالى، الذي يقول: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرُك بما يقولون} يعني أنك تغضب من ذلك وتتضايق، قال العظيم سبحانه وتعالى يُبيِّنُ علاج ذلك: {فسبِّح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
فممَّا يُدرّب الإنسان على الصبر الاستعانة بالله، والتوكُّل عليه، وتذكّرُ أيضًا ثواب الحلم الذي هو سيِّدُ الأخلاق. عندما يتذكّر الإنسان هذه الطاعات؛ هذا خيرٌ وعونٌ للإنسان على أن يصبر ويحلم عن جهل الجاهلين، فكيف إذا كان التقصير من الزوج والأبناء الذين هم أغلى ما نملك وأغلى ما تملكين، فالإنسان لا يملك أغلى من أسرته.
وعلى كل حال: أيضًا هناك ملاحظة مهمّة وهي أننا نعامل الناس في الخارج بلطف، ثم نعامل مَن حولنا بشدّة وقسوة، مع أن أولى الناس بحسن المعاملة وبأطيب الكلمات هم هؤلاء الذين معك ومعنا في داخل بيوتنا، وهذا الاختبار الفعلي لأخلاق الإنسان، والإنسان قد يكون ظريفًا مع الناس في الخارج، لكن هذا الظرف ينبغي أن يمتدّ أيضًا إلى داخل البيت.
وحقيقة: هناك بٌعد أيضًا لعلَّ السبب في هذا، هو أن هؤلاء الذين في الخارج يُبادلون الإنسان الابتسامات والكلمات الطيبة، أمَّا في الداخل فالكلمات الطيبة ينبغي أن تكون موجودة، لكن وجو المسؤولية، وتنازع المصالح، وتأخر بعض الأبناء -أو الزوج- في الاستجابة لبعض الطلبات، ووجود الاحتكاكات، ووجود التنافس، ووجود المهام المشتركة، كلُّ ذلك ممَّا يُعقِّدُ المسألة.
لكن علينا أن نخالف عدوّنا الشيطان، فنصبر على أهل البيت، المرأة تصبر على زوجها، ترجو ما عند الله، والزوج يصبر على زوجته يرجو ما عند الله، والأبناء عليهم أن يصبروا على آبائهم والأمهات، وهم يطلبوا بذلك ما عند الله.
نسأل الله أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الذنوب.