كيف أحصل على رضى الوالدين؟
2022-03-27 23:57:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أنا طالب في كلية الهندسة، ومتأخر دراسيا بسبب مشاكل البيت، أخواتي بنات أكبر مني، ولي أخ واحد أصغر مني، لكني أعتبر الكبير بعد والدي، فوالدي عمره 70 سنة، ووالدتي عمرها 60 سنة، ولكن بالرغم من ذلك تحدث بينهم خلافات كل ساعة، وذلك لأن أبي ما عاد مهتما بشيء؛ بسبب أن طبيعته طيب وساكت، كما أنه في الفترة الأخيرة أصيب بجلطة قلبية، ومع ذلك فأمي دائما ما تتشاجر معه؛ لذلك فأنا أشعر بضيقة نفسية رهيبة، لدرجة أني أحس بألم مستمر في قلبي بسبب كثرة المشاكل، ويجبرونني على أن أتدخل بينهم وأصلح، عدا عن ذلك كثرة غضب أمي علي لأتفه الأسباب، ولأنها كثيرة الطلبات لا يرضيها شيء حتى إن أتممت الطلب على أكمل وجه، كما أنها دائما ما تعيرني بسبب عدم مقدرتي على العمل بسبب دراستي.
لقد تعبت من كل ذلك، فرضى الله من رضى الوالدين، وبسببهما أشعر بالضيقة التي أثرت على كل شيء في حياتي، فما الحل؟
انصحوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك يا أحمد بين أهلك وإخوانك في (إسلام ويب) وإنا نحمد الله إليك ما أنعم به عليك من نعم تستوجب الشكر صباح مساء، فقد أنعم الله عليك بوالدين على قيد الحياة، وغيرك يا أحمد فقدهما منذ الصغر، فلا يعرف طعما للأبوة، ولم يتذوق يوما معنى الحنان، وأنعم الله عليك أن أبقاهما حتى كبرا، وهذا يعني بابا مفتوحا لك كل يوم لقبولك عند الله عز وجل، وأنعم عليك بأنك بجوارهم وهم أحياء ترعاهم وتأخذ الأجر على ذلك، وغيرك والله يا أحمد حرم من رؤية والديه أو أحدهما بسبب الغربة عن الوطن أو غيره، ولو تعلم المرارة التي يعاني منها هؤلاء، ولو تعلم الألم الذي يستشعرونه حين يعلمون أن أحد والديهم مريض وهم لا يستطيعون أن يروه، أو يكونوا بجوارهم، لعلمت فضل الله عليك، وأنعم عليك بأنك الكبير الذي تصلح بينهما، وأنك العاقل الذي ترضي كل طرف بينك وبينه، وما أجملها من وظيفة وما أبرها من طريقة، وأنعم عليك بأنك الكبير الذي يجب أن تراعي الجميع وأن تأخذ على ذلك الأجر العظيم.
انظر يا أحمد إلى عداد الحسنات الدائم المفتوح لك، والذي اختصك الله عز وجل به دون آلاف غيرك، واحمد الله على ذلك، وأكثر من الدعاء أن يمتعك الله بحياتهم وأن يمتعك بخدمتهم، وأن يمتعك بالإصلاح بينهم، فأنت مثقف ومتعلم، وتعلم أن مرحلة الضعف لازمة بعد مرحلتي الضعف والقوة لهما كما قال تعالى: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) وهذا الضعف عام في كل شيء ومنها العقل.
الآن نأتي بعد هذا الاستهلال إلى مشكلتك يا أحمد، والتي تتلخص في أمرين:
1- كيفية التعامل الصحيح معهم لاغتنام أفضل الطرق لكسب الحسنات وكسب رضاهم، حتى يرضى الله عنك فتفوز بخيري الدنيا والآخرة.
2- علاج الضيقة التي تأتيك بين الفينة وأختها.
أولا: التعامل الصحيح يكون معهم بما يلي:
1- الاستشعار التام بأنهم ثروة جعلها الله بين يديك للاغتراف يوميا منها.
2- التماس الأجر في كل عمل تقوم به تجاههم، وكلما عظم البلاء عظم الأجر.
3- استحضار ما قدماه لك من خير، وماتحملاه من تعب تجاهك وتجاه إخوانك وأنت صغير، فهذا مما يلين القلب ويعطيه الدافعية الأكثر.
4- الحرص على سماع الدعاء منهم كل وقت، والضحك معهم، وإسعادهم، التماسا للأجر أولا، ووفاء لهما بحقهم عليك.
5- القراءة حول فضل الوالدين وفضل خدمتهم وفضل القيام بحاجتهم.
6-الاستمرار في طريقة الإصلاح هذه، غير أنه لا يجب عليك تخطئة أحد الأبوين أمام الآخر، بل كثرة الثناء على أحدهما كاف دون التعرض للآخر، مع التذكير للأم بمحبة الأب لها، وتذكير الأب بمحبة الأم له، وترطيب قلبيهما بطريقتك الجميلة.
7- الاجتهاد في إزالة المشاكل قبل حدوثها له عامل جيد في ترطيب الجو العام البيت.
8- الابتسامة في التعامل معهما والحرص على كلمات لها وقع السحر عليهما مثل (عيوني يا أمي، أنت تآمر أبي) ومثل هذا الكلام المريح سيجلب لك المحبة الزائدة التي تدفعهم للدعاء لك، ويجلب لك الراحة كما سيرضى عنك الله عز وجل، وهذا هو المقصود.
ثانيا : علاج الضيقة التي تشعر بها:
1- كثرة الضغوطات التي تخيلتها ضغوط والتي منها مشاكل البيت وهي في الأساس نعمة من الله عليك، ولعلك لاحظت أننا تعاملنا مع المشكلة من أولها على أنها نعيم يجب استثماره، بالطبع متى ما تغيرت هذه الصورة في نفسك، ونظرت إلى المشاكل البيتية على أنها نعيم ستجد الدافعية اللازمة للقيام بما عليك وأنت سعيد مسرور.
2- تأخر الدراسة نوعا ما له أسباب أخرى، ولا نريد يا أحمد أن نختفي حول الأعذار، نريد منك الآن أن تجلس جلسة مصارحة مع نفسك، وأن تفتش عن الأسباب العملية لتأخر الدراسة غير (نعيم البيت) ومن ثم نحاول تلافيها.
3- الفراغ الروحي له عامل هام في الشعور بالضيقة من عدمها، ونحن لا ندري هل عبادتك مستقيمة أم لا، هل تحافظ على الصلوات في وقتها في المسجد أم لا؟ هل تهتم بالنواقل والأذكار صباح مساء أم لا؟ هل لك ورد دائم من القرآن أم لا؟ نريد منك الإجابة على هذه الأسئلة واستدراك ما نقص منها، فإن السواء الروحي عامل مهم في ابتعاد هذه الضيقة عنك.
4- الصحبة الصالحة لها عامل جيد في الاستقرار النفسي، فالصاحب ساحب، ونريد منك استصحاب بعض الصالحين والجلوس معهم أوقاتا أكثر وأفضل، فإن عمارة النفس جزء أصيل منها في صحبة الأخيار.
وهناك نصيحة عامة اخترنا أن نجعلها في الأخير؛ لأننا لا ندري هل متاحة أم لا، وهي: استغلال وقت الفراغ لوالديك بجلوسهم مع أهلهم أو أرحامهم أو أصحابهم ممن هم في أعمارهم، فلا شك أن هذا مما يسعد كبار السن ويحببهم في قضاء الوقت معهم، واستقرار نفسيتهم.
وأخيرا أحمد: لقد منّ الله عليك بأبويك فاجتهد في إرضائهم، واجتهد في صرف أوقاتهم في الطاعة، فإن الأعمال بالخواتيم، نسأل الله أن يحفظهم لك وأن يصلح حالك، ونحن هنا نتطلع إلى معرفة أخبارك الجيدة، وما قد يعن لك من تساؤل، والله الموفق.
_______________________________
انتهت إجابة الدكتور/ أحمد المحمدي، المستشار التربوي، وتليها إجابة الدكتور/ علي أحمد التهامي، المستشار النفسي:
______________________________
أولاً: نسأل الله تعالى أن يحفظ لك والديك، وأن يطيل عمرك لخدمتهم والانتفاع ببرهم في الدنيا والآخرة.
ثانياً: لا أزيد عن النصائح والتوجيهات والكلام الطيب الذي قدمه لك شيخنا الدكتور/ أحمد المحمدي؛ فإنها توجيهات تصب في لب العلاج المعرفي السلوكي بمضامينه الإسلامية السمحاء.
وإن كانت لي زيادة فهي تتعلق بإدارة الغضب الذي ينتج عن الصراع الداخلي في كيفية إرضاءهم وعدم الانحياز لأحدهم دون الآخر، وتحمل ما يصدر منهم من سلوكيات، فالوعي بهذه الحيثيات يساعدك في تفهم أسباب الغضب، وإذا عرفت سبب غضبك ساعدك ذلك في إدارته بصورة حكيمة.
- التماس العذر يا أحمد يكون دائماً في ذهنك، فاعتبرهم مختلفين عن الآخرين في فهمهم للحياة، وفي معاييرهم لقياس الأشياء، ونظرتهم لك كابن، وما هو المطلوب منك أن تؤديه لهم وفقاً لما يرونه.
- عزز دائماً دورهم وما قاموا به من تربية وعطاء، وضع نفسك في مكان المدين عليك ديون ينبغي تأديتها وحان وقتها.
- تعلم تمارين الاسترخاء والتنفس العميق؛ فهذه تساعدك في تخفيف نوبات الغضب.
- خصص لك وقتا لممارسة الرياضة.
- تذكر أن الغضب شحنات انفعالية يجب تفريغها ولكن ليس في وجه الوالدين.
- تذكر أن الحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم، ففي أثناء المواقف الصعبة درب نفسك أن تكون حليماً.
وفقك الله وسدد خطاك.