كيف أعود كالسابق، وأنعم بالهداية والاستقامة؟
2022-04-19 04:44:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
عمري ١٩ سنة، قبل سنتين ذهبت لزيارة أقاربي، وعندما عدت للمنزل تبدلت أحوالي، حيث أنني اصبت بحسد وعين وتغيرت ١٨٠ درجة، كنت ملتزمة في ديني وأصبحت العكس تماما، وقد كنت إنسانة خلوقة، وأصبحت إنسانة سيئة وحقودة، -وللأسف- عاقة لوالدتي، حتى الصلوات خلال السنتين الماضيتين لم أصلها كاملة إلا عدة مرات.
حتى دراستي أهملتها جدا، ولكن ليس هذا ما يحزنني، بل لأنني ابتعدت عن الدين، وأصبحت أسمع الأغاني بكثرة، وأصبحت أتصرف تصرفات غريبة، والأمر المحزن أن الموضوع أصبح من حسد إلى مس، أو مرض روحي، وبات الأمر صعبا جدا، وأشعر أن هناك من يتخذ قرارات عني، ناهيك عن أنني أصبحت كل يوم أسوأ، وأترك كل العادات الحميدة التي كنت أفعلها.
الحقيقة أنا خائفة من القادم، خائفة من تركي للحجاب؛ لأن هذا ما تبقى، وخائفة أن أؤذي من حولي؛ لأنني أصبحت أشكل خطرا على المجتمع، فانصحوني ماذا أفعل؟
هل أحاسب على ما أفعله على الرغم من أنني محسودة ومريضة، وهل أنا مكلفة ويجب علي تأدية واجباتي الدينية، على الرغم أنني لست بكامل قواي العقلية، فهل أصلي مثلا، أم تسقط عني الصلاة؟
لقد كنت متدينة للغاية قبل سنتين، واستغرق مني فترة طويلة لكي أبني هذا الأساس الديني، ولكنه تهدم، سؤالي: هل هذا ابتلاء من عند الله أم هو بلاء، وهل في هذا الأمر خيرة لي، أعلم جيدا أنه من الصعب أن أعود كما كنت لأنني تعبت لكي أحسن من نفسي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحيق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يعيدك إليه عودا حميدا، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر، وأن يردك إلى تدينك وصلاحك ردا حميدا.
أختنا: لا عيش أجمل من عيش الطاعة، ولا أسعد نفسا ممن توكل على الله واتبع هداه، ولا أطيب أدبا ممن تخلق بالإسلام قولا وعملا وسلوكا، وقد عشت هذا النعيم وتدركين أكثر من غيرك هذا الكلام.
أختنا: من القواعد المقررة شرعا أن الإنسان إذا غاب عنه عقله، ولم يعد يدرك ما يفعل، ولا يعي ما يقول؛ أن الله يعفو عنه في ذلك، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما.
هذا عن الأصل، ولكن أختنا مسألة الحسد والعين هذه تحتاج إلى مزيد تأمل، ولا تحسم بكلام من هنا أو هناك، بل يجب أن نتوقف عندها قليلا لنسأل أنفسنا هذه الأسئلة:
1- من أخبرك من أهل العلم الثقات بهذا الأمر بأن هناك عين أو حسد؟
2- من أخبرك من أهل العلم الثقات بأن هذه العين تسلب منك العقل، وتذهب عنك الإدراك؟
3- من أخبرك من أهل العلم بأنها حائل بينك وبين العبادة والصلاح والاستقامة؟
إن هذا الأمر يحتاج إلى أجابات واضحة وصريحة وحاسمة، لأن الشيطان أختنا له أساليبه التي يبرر للإنسان فيها الخطأ حتى يصرفه عن المعالجة الصحيحة.
وإن أهون التبريرات على المرء وأخطرها في ذات الوقت أن يقتنع بأن ما يقع فيه من أخطاء ليست من صنع يديه، وبهذا يستريح داخليا ليشتد البون بينه وبين العودة الصحيحة إلى ما كان عليه من خلق، لا عيب أن يعترف الإنسان بالخطأ، بل المرجو له بعد الاعتراف العودة الصحيحة السليمة إلى ما كان عليه من هدى، لكن الخطأ يكون في الاقتناع بأنه أمر خارجي يجعله مكتوف الأيدي عن أي معالجة مستقيمة.
ثم دعينا نفترض وجود عين أو حسد، فإن لهذا الداء دواء، وقد تداوى كثيرمن الخلق بأدوية شرعية من الكتاب والسنة، وحافظوا على الرقية الشرعية وتجاوزا هذا الأمر والحمد لله .
الغرض مما مضى -أختنا- ألا تستسلمي لهذا الخاطر، بل عليك العودة الآن وفورا إلى الله، فإن كانت عينا أو حسدا فالله هو الشافي المعافى، ويمكنك إن أردت التواصل مع راقية شرعية صحيحة المعتقد في بلدك، أو راق شرعي ليدلك على الطريقة الصحية.
قومي -أختنا- واستعيدي موقعك بين الصالحات، وثقي أن الله سيقبل منك التوبة، ويعينك على ما أنت فيه، ويذلل لك كل صعب، المهم ألا تيأسي، ولا تستسلمي، بل استمدي من الله الهداية والعون.
- ابدئي بالتوبة الصادقة، ثم باختيار أخوات صالحات معينات لك على التقوى، والابتعاد عن أخوات السوء إن وجدن، والاستعانة بالله، والخلوة به، والتضرع إليه، فالقلوب بيد الله -عز وجل-، فلا تظني أن العودة مستحيلة، بل هي قريبة لكنها تحتاج إلى مجاهدة.
نسأل الله أن يوفقك وأن يرعاك وأن يقدر لك الخير، والله الموفق.