أشعر أني ضائعة، فما نصيحتكم لي؟
2022-06-27 04:27:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أرجو منكم الدعاء، فو الله لقد تعبت من كل شيء، تعبت من المعاصي التي تأتي من العزوبية، علماً بأني تزوجت مرتين وتطلقت، تعبت من المسلمين والإخوة وتعاملاتهم.
تعبت من أني أحياناً أضيع صلاة الفجر بسبب النوم، فيعتصرني الندم، ولا أجد الحل إلا في التوبة، تعبت نفسيتي المنهكة أصلاً أني أعامل أمي ومن حولي بفضاضة.
تعبت من ولوجي العالم الافتراضي والانغماس في الشهوات، تعبت من الحالة الاقتصادية في البلاد التي تزداد سوءاً يومياً، تعبت من أني أريد الآخرة ولا أستطيع ولا أوفق، ما عساني أن أقول؟!
هداني الله وإياكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك أختي الكريمة في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يقضي حاجتك، وأن يفرج كربك، وأن ييسر عسيرك، وأن يرزقك البصيرة التي بها تصل للحق سالماً غانماً.
أختي الكريمة: ما ذكرته من مآس ندركها، ونتفهم الطبيعة النفسية التي تحاول أن تصل إلى الله سالمة لكنها تتعثر، نتفهم النية الصالحة والعاطفة الجيدة التي لا يساندها فعل صحيح ولا سلوك مرضي، وهذا -أختي- له أسباب منطقية معلومة، يوم أن تنتبهي لتلك الأسباب ستجد الطريق مفتوحاً إلى فضاء من الراحة النفسية والسلوكية، وساعتها تنصلح الحياة وتستقيم، فانتبهي لما سنقوله في هذه النقاط التالية:
أولا: الابتلاء سنة ماضية، كتبها الله على البشر جميعاً، فلا يخلو أحد منها، وقد أحسن من قال:
ثمانية لا بـد منها على الفتى * ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم واجتماع وفرقة * وعسر ويسر ثم سقم وعافية.
أكثر الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل والأقرب منهم، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، يبتلى المرء على قدر دينه.
فإذا علمت هذا، وعلمت أنك لست وحدك في هذا الطريق، بل سار قبله من هم خير منك فصبرواً وصابروا ونجوا؛ ساعتها سيهون عليك المصاب، فإذا أضفت إلى ذلك: احتساب الأجر من عند الله عز وجل، وأنك مأجورة على كل ابتلاء تقعين فيه، ساعتئذ ستشعرين وأنت في الابتلاء أنك منعم عليك.
حتى يستقيم لك هذا المعنى ننصحك بأمرين:
1- القراءة في سير الصالحين من أهل البلاء، وقبلهم سيرة الأنبياء، وكيف صبروا، ثم كانت العاقبة لهم.
2- النظر إلى من هم أشد منك ابتلاء، ويكفيك أنك إذا ذهبت إلى المستشفى تجدين القعيد الذي لا يتحرك، وأقصى أمانيه أن يسير على قدميه، ولو منع نعيم الدنيا كلها، سترين مريض السرطان الذي ينتظر الموت وقد أخبروه أن الشفاء صار مستحيلاً، ستجدين المريض الذي لا يملك حق الدواء، وغير ذلك كثير، وكثير جداً، انظري إليهم وانظري إلى حالك ستجدين أنك أفضل منهم جميعاً.
ثانياً: لكل نتيجة أسباب منطقية، علمها من علمها وجهلها من جهلها، ونحن نريدك -أختي- أن تضعي كل مشاكلك على ورقة وتبحثين عن الأسباب التي أوصلتك إلى تلك النتيجة، فمثلاً: تزوجت مرتين، وتطلقت، ما الأسباب؟ لا تحاولي أن توجدي مبرراً لك، بل حاولي أن تتفهمي الوضع على ما هو عليه، فإن عجزت فاسألي بعض أهل العلم والفضل، واستشيرهم واستمعي منهم، فإذا علمت الأخطاء التي وقعت فيها هان عليك ما تستقبله بعد ذلك.
ثالثاً: لا تيأسي ولا تجعلي اليأس يتطرق إليك، أنت -أختي الكريمة- لا تتلمسي طرق الغواية وأنت لا تريدينها وإن وقعت فيها، بل أنت تتلمسين طرق النجاة، وهذا أمر يساعدك كثيراً على التخلص مما أنت فيه.
احذري أساليب الشيطان، واعلمي أن أمل الشيطان أن يدب اليأس إلى قلبك فتيأسي من روح الله، فتهرعي إلى المعصية.
لا تيأسي ولا تظني بنفسك سوءًا، ولا تسمحي للعجز أن يصل إلى صدرك، فأنت قوية بربك معانة بعونه، فالتمسي من الله طرق النجاة، ولا تتوقفي في سيرك إليه، ونكرر لك: إن أول الطرق التي يسلكها الشيطان معك: إيهامك بعدم المقدرة أو العجز على التغيير، فانتبهي لذلك.
نحن على يقين وثقة من أنك تشاركينا الرأي في قبح المعاصي والسير خلفها، ومدى آثارها الدينية والنفسية والبدنية عليك، وهذا ما دفعك إلى الكتابة إلينا بهذه النبرة الحزينة، وعليه فإن أول ما تحتاجين إليه بعد عون الله لك العزم على الترك، والسير على الطريق، نعم -أختي- أنت بحاجة إلى جرعة من الصبر تتجرعينها في مجاهدة نفسك للإقلاع عن المعاصي.
وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن تُؤخذ الدنيا غِلابا
يعينك على ذلك جملة من الدعائم منها: الابتعاد عن أنواع المثيرات مرئية كانت أو مسموعة، وغض البصر عنها، والحرص على الصلاة والنوم مبكراً لها.
رابعاً: احذري السرطان المعنوي: نعم -أخي الحبيب- إن هذا السرطان هو الفراغ، فاجتهدي أن تشغلي فراغك بشيء ينفعك في دينك ودنياك، وتجنبي الخلوة بنفسك بأوقات طويلة، فإن الخلوة بالنفس مهلكة.
خامساً: اجتهدي في ممارسة بعض أنواع الرياضة المختلفة والمحببة إليك، بل نوصيك أن تجهدي بدنك كثيراً حتى تأتي إلى فراشك وأنت مقبلة على النوم خالية التفكير مما قد يثير.
سادساً: اجتهدي أن تصلي إلى لذة الصلاة، وهي الخشوع، فإنك متى ما تذوقت طعم الخشوع أدركت كم كنت غافلة وبعيدة عن السعادة الحقة، واعلمي أن الطريق طويل، ويحتاج إلى صبر، ونوصيك بما يلي:
1- ادخلي على الصلاة مجددةً النية أنك ما تريدين بها إلا وجه الله، واعلمي أن أي عمل لا تسبقه نية صادقة فهو عمل مبتور، وقد قال صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى."
2- استحضري أن الصلاة صلة بينك وبين الله، ولقاء دوري لك مع الله عز وجل، فإذا كملت محبتك لربك صعب عليك ألا تلاقيه في الموعد المحدد لك، لذلك ننصحك ألا تجعلي الصلاة تكليفاً تريدين أن تزيحيه من على عاتقك، وإنما راحة بدنية وقلبية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"أرحنا بها يا بلال".
3- استعيني بالله على ما تريد وافعلي ما يلي:
أ- بادري إلى الصلاة في أول وقتها.
ب- اجتهدي في إسباغ الوضوء على المكاره.
ج_ احرصي على النوافل القبلية والبعدية.
هـ اجتهدي أن تمرري ما تقولينه على قلبك، وأن تستمعي جيداً إليه بحواسك وقلبك.
و- لا تشغلي ذهنك بغير ربك عند الوقوف بين يديه.
د- احرصي على الدعاء خاصة في سجودك أن يرزقك الله قلباً خاشعاً، فالدعاء متى ما توافرت شروطه كانت آثاره ظاهرة واضحة.
سابعاً: كما نوصيك بكثرة صيام النوافل، وتلك وصية النبي صلى الله عليه وسلم للشباب الذين لا يقدرون على الزواج، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
ثامناً: التخير للصحبة الصالحة، واعلمي أن الخير لا ينقطع في الأمة، وإن كان قليلاً، فابحثي عن الصحبة الصالحة وإن قلت، فإنها من أكبر المعينات لك على الطاعة.
أخيراً أكثري من الدعاء إلى الله أن يصرف عنك هذا البلاء، وأن يخلص قلبك لمحبته وعبادته.