أذاكر يوما وأضيع يومين على الإنترنت، فكيف أتخلص من هذا الإدمان؟
2022-05-17 23:53:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 23 سنة، لطالما كنت من الأوائل في المدرسة ولله الحمد، أجتهد عندما تقترب الامتحانات، وأحرز أعلى الدرجات، وباقي وقتي بدون مبالغة كله تقريبا على الإنترنت فيما لا ينفع أبدا، دخلت الطب البشري متأخرا -لأسباب خاصة- وأنا حاليا في السنة الثانية، في كل فصل دراسي يتكرر نفس الموضوع، أضيع أول شهرين ونصف أو 3 بدون أي دراسة أبداً، على مواقع التواصل، وأحاول أن أستدرك في آخر شهر ونصف تقريباً، وبالطبع الإجازات كلها على الإنترنت فيما لا ينفع، وكان هذا الأمر يكفي لأنجح -بل ولأحصل على معدل جيد جدا غالبا-، لأنني ولله الحمد عندي قدرة على إنجاز كمية كبيرة في وقت أقصر نسبيا من أقراني -ولطالما كان هذا الشيء الوحيد الذي أتقنه-، لكن طبعا الدراسة للامتحانات لا تبني علماً حقيقيا مستمراً، بل تزول بعد فترة من نهاية الاختبارات.
أستطيع أن أقول أن الـ5 سنوات من حياتي من بعد الثانوية لحد الآن ضاعت في الإنترنت، مع قليل من الدراسة.
كل فصل يأتي يزيد تقصيري، والفصل هذا قصرت جدا أكثر حتى مما قبله بشكل واضح، فأنا خائف من الرسوب هذه المرة، أنا لا أستطيع ترك تضييع العمر في الإنترنت، أنا مدمن، لطالما كانت حياتي هكذا.
حاولت أن أتركه في الامتحانات، لكن لا وسيلة لدي لتفريغ التوتر والهرب منه إلا به، فأذاكر يوما وأضيع يومين على الإنترنت، مع أن الاختبارات بقي لها شهر تقريباً، ولو استمررت في هذا فالرسوب مضمون.
كيف أتخلص من هذا الإدمان؟ كيف أجعل الأصل في يومي استغلال الوقت؟ كيف أتدارك ما فات؟ عمري يضيع وأنا فاشل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا، ونرحب بك مرة أخرى، فقد لاحظنا حرصك على المعرفة من خلال أسئلتك التي ترسلها للموقع بانتظام.
دعنا نبدأ معك من آخر كلمة وصفت بها نفسك بأنك فاشل!
والحل يبدأ بالسيطرة على الأفكار السلبية عن نفسك، ومع أن الدماغ هو مركز التفكير إلا أنه لا يعقل نفسه! بمعنى أنه يمكن التلاعب به والضحك عليه، فعندما تقول لنفسك بأنك فاشل فإن دماغك يصدق هذه الكلمة ويهيئ نفسه لذلك، فيقوم بعمليات حيوية تكرس هذا المفهوم في حياتك؛ على سبيل المثال: عندما يعتقد الإنسان أنه فاشل ويصاب بالإحباط يقوم الدماغ تلقائيا باسترجاع السيروتونين في الدماغ، فإذا استمرت هذه الأفكار فترة طويلة يصاب الإنسان بعدها بالاكتئاب فيلجأ هذا الشخص للطبيب النفسي الذي يعطيه دواء يثبط استرجاع السيروتونين، فيشعر بالارتياح وطعم الحياة مجددا، وذلك أن الإنسان يمر بثلاثية الفكرة والحدث والشعور، وكل واحدة من هذه الثلاث تؤثر في الأخرى، وهذا هو أساس العلاج النفسي بشقيه الدوائي واللادوائي، وعلى هذا الأساس يمكنك التحكم بمشاعرك بواسطة الأفكار كما يمكنك التحكم بها بواسطة الدواء، علما بأن الدواء في الواقع ما هو إلا مجرد مسكن، والأصل هو تعديل الفكرة السلبية إلى فكرة إيجابية حتى تشعر بلذة الحياة الاعتيادية.
ذكرت هذه المقدمة كتوضيح لأهمية التعامل مع الأفكار السلبية وأثرها على حياتنا..
إذن فأول خطوة هي أن تستبدل مصطلح (أنا فاشل) بمصطلح (أنا ناجح)! لأن الدماغ لا يفرق بين الحقيقة والخيال.
والخطوة الثانية هي أن تعيد رسم خارطة أهدافك، وتضع هذه الخارطة أمام عينك على المكتب أو على ظهر اللابتوب، أو حتى تضعها كخلفية في جوالك الذي تدمن عليه.
والخطوة الثالثة هي أن تستشعر أهمية الوقت، وأنه بمضي ساعة بدون إنجاز فكأنما دفعت من فلوسك "أخذت الساعة".
فلو تخيلنا أن موظفا ما يستلم على الساعة الواحدة عشرة دولارات، وكل يوم يعمل خمس ساعات فقط فسيكون تحصيله يوميا خمسون دولارا، بينما لو عمل بقية يومه فسيكون تحصيله مائة وتسعون دولارا، فهو في الواقع يخسر تحصيل هذا المبلغ يوميا؛ لأنه لم يعمل فيه أو لم ينجز فيه شيئا يوازي مبلغ الوظيفة.
إذن تخيل نفسك بأنك تحرق عشرة دولارات كل ساعة من ساعات يومك، هذا التصور وحده سيولد لديك دافعية في استشعار أهمية الوقت، وقد جاءت الأحاديث النبوية تؤكد هذا التنبيه، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لرجلٍ وهو يَعِظُه: اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك".
الخطوة الرابعة: استغل التصفح في خدمة تخصصك، ويمكنك الاشتراك في جروبات تهتم بمناقشة تخصصك، وبهذا تكون أدمنت على شيء مفيد ونافع.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.