والداي يختصمان ويتشاجران، فكيف نتعامل معهما؟
2022-10-20 04:40:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة في الخامسة عشر من عمري، أبي وأمي كثيرا الشجار، وأبي يضربها بقوة عندما يغضب، وأمي تستمر في الصياح، والبكاء والشجار، ولكنها لا تدافع عن نفسها إذا ضربها دائماً.
أنا وإخوتي ليس بأيدينا ما نفعل في هذه المشاكل، ولا ندري من هو المخطئ فيهما، هو يقول: إنها تنقل الكلام، ولكن لا نراها نحن، بل هو من ينقل أحداث بيتنا إلى أصحابه في العمل، وإلى جدتي، وجدتي تخاف منه وتطيعه وتسايره.
إذا اشتكينا لها تلومنا نحن، وهي مريضة وضعيفة، وأمي لا تريد أن تزيد على جدتي مرضها، وأبي يتدخل في دراسة أخي الصغير، فأمي تريده أن يدرس، وأبي يفعل ضدها ليغيظها، أو يدرسه أبي بنفسه، وأبي لا يعرف كيف يدرسه!
أساس مشاكلنا كما هو ظاهر أن أبي يخاصم أمي بلا سبب، ثم يعود ليلومها أنها لا تكلمه، وهي لا تعلم كيف تتعامل معه!
أمي عندما تغضب منه بسبب الخصام تبكي وترفع صوتها؛ لأنه يستمر بفعل ما يغضبها إذا خاصمها، ونحن عائلة متدينة إلى حد ما، ولكن أبي أحياناً يصلي في البيت الفروض كالمغرب بحجة أنه مرهق من العمل، ويقوم الليل ويصوم النوافل، وأمي تصلي فروضها وتذكر الله وتدعوه كثيراً، وتقرأ القرآن.
أبي يقول: إنها لن تدخل الجنة؛ لأنها لا تؤدي حقوقه، وإن طلقها، نحن مقيمون في غير بلادنا، وحاولت اليوم أن تحجز وتعود إلى موطننا، بعد شجار حاد مع أبي، ولكن لم يطاوعها قلبها وعادت لأجلنا.
تخاصما وتشاجرا اليوم، وضربها، ولكني وأختي حاولنا إيقافه بشدة، فماذا نفعل؟ وماذا يقول الشرع في أمرنا؟ وأبي لا يتجنب ضرب الوجه لمعلوميتكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلمة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك وأن يبارك فيك، وأن يرزقكم السلامة في الدنيا والآخرة، وأن يصلح حال أبويكم إنه جواد كريم.
الأخت الكريمة: بالطبع نحن نتفهم ألمك وأختك، ونتفهم أن ما يحدث مع والديكما ينعكس عليكما سلبا، ونتفهم كذلك طبيعة البيت إذا اختلطت فيه الأمور وكانت بين أحب الناس إلى قلبيكما، هذا أمر متفهم لنا تماما ولذلك نرجو منك الانتباه لحديثنا:
أولا: المشاكل الزوجية هي أمور طبيعية تحدث في أي بيت، تخف حدتها أو تضعف حسب الوقائع والأحوال، وعليه فوجود أصل المشكلة في البيت لا يدل على نشاز كما هو منتشر، بل يدل على طبيعة هذا البيت فلا تقلقي.
ثانيا: أبوك وأمك عينان في رأسك، وعليه فالحديث عن تغليب أحدهما على الآخر هو ما لا نريده ولا نرجوه، وإنما الوقوف مع الاثنين هو ما يتطلبه الوقت حتى تهدأ تلك الزوبعة .
ثالثا: الوالد متدين ويقوم الليل وكذلك الوالدة وهذا يعنى أن المشاكل مهما عظمت هي في إطار الحل؛ لأن المرجعية عند الاختلاف موجودة فلا تجزعي ولا تضطربي.
رابعا: بين الزوجين أشياء لا يعلمها الأبناء، وهذه أمور طبيعية فلا تحكمي على أحد من خلال الرؤية القاصرة.
خامسا: إننا ننصحكم بما يلي:
1- الحديث مع الأم في غير حضرة الوالد وتطييب فؤادها وإعانتها نفسيا، مع بيان ذكر محبة الوالد لها وثنائه عليها في غيبتها، ويمكن أن تختلقوا بعض الأمور، أو تزيدوا في بعض المسائل فإن هذا من المباح للإصلاح .
2- إرسال رسالة للوالد أو الحديث معه في غير حضرة الأم، وتطبيق ما فعلتم مع الام على الأب، وهذا سيولد عندهما نوعا من الدعم النفسي هما في حاجة إليه.
3- من الجيد الوقوف أما ضرب الوالد للوالدة وقفة المحبة لا وقفة العناد حتى لا يتطور الأب، والجلوس بعدها مباشرة معهما كلا على حدة، والحديث إليهما منفردين، ومن كان حاله كحال والديكم سيهدأ إذا ذكر بالله عز وجل.
4- إحياء عاطفة البنوة عند الأبوين عامل إيجابي جيد، ويمكنكم أنت وإخوتك أن تفعلوا ذلك، فعند الوالدة اجتهدوا في مساعدتها، والمسارعة في تلبية حاجتها، وتخفيف حمل البيت عنها، حتى يكون عندها من الطاقة ما تتحمل الوالد إذا كان معكر المزاج أو متحفزا للمشكلة.
وفي الجانب الآخر إذا دخل الوالد بادرتم بالذهاب إليه، وتلبية رغباته، والمسارعة في ذلك، فهو يعمل ويجتهد وهو كذلك في غربة، وكلا الأمرين قد يكون لهما عامل سلبي ونفسي عليه، ومثل هذه المسارعات منكم تخف من حدته، وكلما اقتربتم منه أكثر كان أفضل.
5- الحديث مع الوالدة عن فن إدارة الخلاف، وكيف تستطيع الزوجة أن تحول غضب الرجل إلى سكينة بالقول الحسن والثناء عليه وعدم الرد عند الغضب، فإن الرجل لا يلجأ عادة للضرب إلا إذا زاد الغضب عليه وتحول الأمر إلى عناد ظاهر.
6- الحديث مع الأب وسؤاله عن حكم الشرع في بعض الأخلاق السيئة، ويمكنكم الادعاء بأن هذا واجب عملي، أو مشكلة طارئة وتريدين معرفة حكم الشرع فيها، وكذلك طريقة التعامل الصحيح، وتضعي من ضمن المشاكل: الغضب، على أن تتركيه يتحدث عن كيفية إدارة الغضب، وحكم الشرع فيه، وكيف يمكن معالجته؟ ونستحب أن يكون الحديث من الوالد مباشرة لك، فإذا ذكر العلاج وعلم أنكم قد عرفتم منهج الإسلام في علاج الغضب كان ذلك أدعى إلى تطبيقه، أو على الأقل التخفيف من حدته.
7- والدكم يصلى الجمعة فاجتهدوا أن توصلوا رسالة لشيخ الجامع أن يتحدث عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته، وكيف صبره عليهن، وكيف كان يدير المشاكل، وحكم ضرب الزوجة ضربا مبرحا، على أن تتأكدوا أن الوالد سيكون موجودا فيها.
وأخيرا: نرجو أن تحافظوا على الأذكار في البيت، وقراءة سورة البقرة كل ليلة فإن لم تستطيعوا فعلى الأقل الاستماع إليها، ونكرر ليس من مصلحتكم تغليب طرف على آخر، ولا من مصلحتكم الانتصار لأحدهما، ولا من الصواب نقل ما يسيئ إلى أحد منهما، بل العقل يقتضي التعامل بالهدوء وإظهار المحبة على ما ذكرناه، مع الدعاء بأن يصرف الله الشيطان عنهما، نسأل الله أن يصلحهما وأن يبارك لكم فيهما، والله الموفق.