أذنبت وتبت إلى الله ولكن ذنبي يلاحقني، وأشعر بالخزي من أهلي
2022-11-23 22:13:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
شكراً لكم على قبول طلبي، وأرجو حل مشكلتي عندكم، فأنا طالبة جامعية في فترة المراهقة، ارتكبت ذنباً، ولكن نسيت ذلك الذنب، وفجأة بدأ الذنب بملاحقتي، ولا أستطيع نسيانه، أفكر فيه كثيراً، تبت لله من ذنبي، وحافظت على صلاتي، ولا أفوت فرضاً، وأستغفر وأسبح دائماً، ولكن لا أنسى ذنبي.
كلما جلست وسط أهلي أشعر بالخزي، وأقول: إنهم لا يستحقون أن أكون ابنتهم، فماذا أفعل لكي أنسى؟ وهل بعدم إخبار أهلي بذنبي أعتبر ابنة عاقة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، إنه جواد كريم.
أختنا المباركة: الذنوب على قسمين:
- منها ما يكون بين العبد وربه.
- ومنها ما يتعلق بحقوق العباد.
إذا كان الذنب بينك وبين الله، أو متعلقاً بحق الله؛ فالتوبة منه تكون بثلاثة أمور:
1- الإقلاع عن الذنب.
2- الندم على فعل الذنب.
3- العزم على عدم العودة إلى الذنب.
أما إذا كانت متعلقة بحق الناس أو حق والديك فلا بد من الإخبار، والتحلل وطلب المسامحة، إلا إذا كان سيترتب عليه مفسدة، أو الخوف من حدوث مشاكل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِه، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ) والظاهر من حديثك أن الذنب كان بينك وبين الله، وعليه فليس من الحكمة إخبار أحد، ولا يعد هذا عقوقاً، أختنا المباركة.
أما سؤالك عن عدم نسيان الذنب: فاعلمي -أختنا الفاضلة- أن عدم نسيان الذنب مع الاجتهاد في الطاعة علامة خير، ودليل على إيمانك وخوفك من الله، ففي الحديث الصحيح: (من سرَّته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن).
الحزن والتذكير، وتوبيخ النفس علامة على صحة القلب، والعكس هو ما يزعج، وما ينبغي أن يقلق منه الإنسان، لكن المهم ألا يدفعك هذا التذكر إلى التقاعس عن الطاعة، أو الاستدراج نحو المعصية أو التهاون في النوافل والأذكار؛ لأنه حينئذ يكون من حيل الشيطان وألاعيبه، وخطواته التي حذرنا الله منها ليصدك عن الخير، ويصرفك عن الطاعة، قال الله تعالى: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا).
حتى تتغلبي على هذا اللون من التذكير، فإنا نوصيك بما يلي:
1- تذكير النفس دوماً بسعة رحمة الله، وأن الله يفرح بتوبة عبده إليه، وأنه عظيم جواد بر رحيم، ومن رحمته تعالى وكريم جُوده أنه فتح باب التوبة للمسيء والمذنب، ووعده بأن يغفر له إذا هو تاب مهما بلغ ذلك الذنب، فقد قال سبحانه: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم) وقال سبحانه: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}
بل زاد فضل الله وعم إحسانه حين وعد التائب بتبديل سيئاتهم إلى حسنات، قال الله: (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدِّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً).
2- تذكير النفس بأن التائب حبيب لله تعالى، فقد أخبر سبحانه أنه يحب التوابين، وأخبرنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- بأن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده المؤمن حين يتوب من ذنبه، وهذا كله من كريم جُوده، ومن عظيم كرمه، سبحانه وتعالى.
3- افرضي على نفسك مكافأة كلما تذكرت الذنب بأن تستغفري الله مائة مرة.
4- لا تجعلي وقت فراغ لك؛ لأن الفراغ يد إبليس الطولى، واجتهدي أن تشغلي كل وقتك بالطيب النافع.
5- اجتهدي في التعرف على بعض الأخوات الصالحات، فإن المرء بإخوانه، والذئب يأكل من الغنم القاصية.
6- اجعلي لك مع الله خلوة كل ليلة، ولو ركعتين، واختمي ليلك بقراءة شيء من كتاب الله، ونامي متوضئة، بعد قراءة أذكار نومك، واحرصي على المحافظة على ذلك.
7- كثرة الدعاء لله تعالى، فالدعاء نافع وسهم صائب لا يخيب صاحبه.
أخيراً: لا تخبري أحداً بما كان منك، وإذا تقدم خاطب وسأل عن الماضي فلا تخبريه بشيء، فما كان من ذنب بينك وبين الله لا يحق لأحد معرفته، ولا تثقي في أحد مهما كانت نيته، ومهما أخبرك من وعود بأنه لن يتغير عليك بعد الزواج إذا أخبرتيه، فإن القلوب متقلبة، والله يغفر، ولكن البشر لا يغفرون.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يتوب عليك، والله الموفق.