هل أنا ملزمة بوصل أهل زوجي، مع أذيتهم لي؟
2022-11-27 03:07:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
زوجي وأم زوجي يجبروني على وصل أبناء أخيه رغم أني أتتني منهم أذية ومن أمهم، وكنت دائماً أحسن إليهم وكانوا دائماً يبادرون بالأذية ويتهموني بالكذب والله يكشف نواياهم وكذبهم، ولا أرد لهم الأذية، ووصل بي الحال أني اعتزلتهم لأحمي نفسي من شرهم، وأم زوجي تألب زوجي علي وزوجي بدأ يكرهني بسبب هذا الشيء، فهل أنا ملزمة بوصل أهل زوجي أو أبناء أخيه ومحبتهم في الدين؟
مع العلم أني وصل بي الحال بأن لا أطيقهم من كثرة أذيتهم لي، مع العلم أني أصل أمه وأعاملها مثل أمي، وبارة بها لكنها تريد جبري على أولاد أخيه، وغضبت علي بسبب هذا الشيء.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Noura حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، إنه جواد كريم.
أختنا الفاضلة: جزاك الله خيراً على برك بأهل زوجك، وجزاك الله خيراً على عدم رد الإساءة بمثلها، ولعل الله قد ذب عنك -أيتها المباركة- حين كشف زيفهم وبين عوار حديثهم، وهذا دلالة خير على محبة الله لك، نسأل الله أن تكوني كذلك وزيادة.
أختنا الكريمة: هنيئاً لك هذا الأجر الذي خصك الله به، فإن كظم الغيظ والعفو عن الناس سلوك أهل الصلاح، ومن قرأ القرآن والسنة علم فضل ذلك، وكيف أن الله ورسوله رغّبا في التخلق بهذه الأخلاق، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران/ 134، وقال سبحانه: (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) النساء/ 149، وقال عز من قائل: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) الشورى/ 43، وقال عز وجل: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التغابن/ 14.
وأما السنة فكثيرة هي الأحاديث التي تحث على ذلك، منها ما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا)، وهذا يدل على أن العزة ستكون دثارك -أختنا-، وكذلك الرفعة في الدنيا والآخرة يدل على ذلك ما رواه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ عن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (ثَلَاثٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنْ كُنْتُ لَحَالِفًا عَلَيْهِنَّ: وذكر منها: وَلَا يَعْفُو عَبْدٌ عَنْ مَظْلَمَةٍ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا).
ثم إن الجزاء من جنس العمل، فإن رحمت رحمك الله، وإن عفوت عفا الله عنك، وقد روى أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: (ارْحَمُوا تُرْحَمُوا وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ).
وكذلك مغفرة الله تعالى لمن تخلق بهذا الخلق، ويدل على ذلك مع ما كان من مِسطح بن أثاثة وقد خاض فيمن خاض من حادثة الإفك، وأنزل الله براءة عائشة -رضي الله عنها-، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- ينفق على مسطح لقرابته وفقره، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: "وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ "فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النور/ 22، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا) الحديث رواه البخاري.
وهنا نكرر السؤال عليك: ألا تحبين أن يغفر الله لك؟
بل قد عد الله تعالى من ينزل نفسه ذلك المقام العالي بأن يكون أجره على الله، وكفى به أجراً، قال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) الشورى/ 40، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: "وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل" انتهى من تفسير السعدي (ص 760).
أختنا المباركة: إن الحكم الشرعي وإن كان لا يوجب عليك هذا البر وتلك الصلة، إلا أننا ننصحك بفعلها ولو في الحدود الدنيا لسببين:
أولاً: حتى لا يفوتك هذا الأجر العظيم الذين ذكرناه.
الثاني: حتى لا تضعي زوجك في حالة التائه المشتت، الذي لا يستطيع أن يغضب أمه وأخاه، ولا يستطيع أن يعارض زوجته، وهو موقف قاس على الزوج نحن نتفهمه، والمرأة الصالحة التقية هي من تحاول فعل ما يرضي الله أولاً، وإعانة الزوج على بر أهله، وإن كان ذلك يتعبها لكنها محتسبة الأجر عند الله تعالى، والله الذي أيدك وأظهر كذبهم قادر أن يدفع عنك كل سوء، وأن تفوزي بالأجر من الله، والرضا من الزوج، والإحسان إلى الخلق.
نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.