مفاضلة المغترب بين حاجة أسرته إلى المال وبين حاجتها إلى رعايته
2006-04-10 12:47:10 | إسلام ويب
السؤال:
الإخوة الأعزاء، بارك الله فيكم وفي جهودكم، ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين على هذا الجهد المبذول، وأن يجعله في ميزان حسناتكم.
أنا شاب أعمل في إحدى دول الخليج، وقد كتب الله علي الغربة، وأعاني من مشكلة كبيرة، وهي أن أولادي وزوجتي يعيشون في مصر، وأنا أعمل في هذه الدولة الخليجية، ونظراً لارتفاع الإيجارات بشكل جنوني لم أستطع مرافقتهم. حيث أنهم قدموا لمدة عام، ولكن الدخل الخاص بي لا يكفي لسداد الإيجار ومصروفات المدارس الباهضة جداً، إلى جانب مصروفات المعيشة من أكل وشرب وخلافه، على الرغم أنني أذهب لزيارتهم بعد رجوعهم لمصر ثلاث أو أربع مرات في السنة.
إلا أنني أشعر أن أولادي في حاجة شديدة إلي، وكذلك زوجتي، حيث أن أولادي ذكور، وفي سن يحتاجون فيه إلي.
ماذا أفعل؟ أنا في حاجة شديدة لزوجتي وأولادي، وكذلك هم ،أرجو الإفادة في ذلك، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يرفع الهموم وأن يكشف الغموم، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يهيئ لكم من أمركم رشداً.
فإن البعد عن الأهل له ثمن باهظ، والمسلم مطالب بالموازنة بين حاجة أهله وظروف عمله، وإذا كان عنده في بلده ما يسد الرمق فلا خير في السفر والبعد عن الأهل، أما إذا كانت الظروف المعيشية صعبة فلابد من التضحيات المشتركة من الجانبين، ولا أظن أن الأمر مستحيل، ومن يتصبر يصبره الله.
وأنت مطالب بعرض الأمر بكامله على زوجتك ومشاورتها في الأمر، ودعوتها إلى الاقتصاد وعدم الإسراف، والتواصي بالقناعة فإنها كنز من الكنوز العظيمة
هي القناعة فالزمها تعش ملكاً *** لو لم يكن لك منها إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها *** هل راح منها بغير القطن والكفن
وإذا أصبح المسلم آمناً في سربه، معافاً في بدنه، عنده قوت يومه؛ فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها.
ومن الضروري أن يوازن الإنسان بين حاجة الأسرة إلى المال وتحضير الأشياء الأساسية من مسكن ومأكل، وبين الحاجة إلى الرعاية وحسن التوجيه التي يمكن أن يساعد فيها الوالدان والإخوان والأعمام والعمات والأخوال والخالات.
وإذا كنت تسافر في السنة ثلاث مرات وتزيد، فإنك بهذه الطريقة تعتبر مع أهلك وهم معك، وأخشى أن يكلفك ذلك الكثير.
وأرجو أن تعقد مؤتمراً للمشاورة مع أم العيال، وتشاور كبار السن من أولادك، وتتخذ ما ترى فيه المصلحة بعد أن تستخير من بيده الأمر من قبل ومن بعد، وقد أحسن من قال:
مشيناها خطىً كتبت علينا ** ومن كتبت عليه خطىً مشاها
وأرزاق لـنـا مــتــفـرقــــــــات ** فـمـن لـم تــأتــه مـــنــا أتــاهـا
واعلم بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، وقد وجهنا عليه صلاة الله وسلامه فقال: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) أي اعتدلوا في طلب الرزق، فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليك، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على طلبه بالحرام، وتذكروا أننا خلقنا للعبادة، وأن الله سبحانه تكفل بالأرزاق وحدد الآجال، وخاطب نبيه فقال سبحانه: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى))[طه:132].
فالزم طريق المتقين، فإن الله وعدم أهلها بكل خير فقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا))[الطلاق:4] وقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3] وثق بأن طاعتكم لله هي خير سلاح تستخدمه في صلاح وإصلاح الذرية بعد توفيق رب البرية، فأكثروا من ذكر الله وطاعته، وارفعوا حاجتكم إليه، فإنه يجيب من دعاه، ويكفي من توكل عليه.
ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك.