كيف أرجع لشخصيتي الطبيعية وأتخلص من الرهاب الاجتماعي؟
2023-10-03 01:10:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا طالب، عمري 15سنة، وأعاني من الرهاب الاجتماعي منذ بداية جائحة كورونا، ويزداد الأمر كل يوم عن السابق، والعجيب أني كنت عكس هذا الأمر تماماً، منذ صغري وأنا شخص اجتماعي، وأتعامل مع الجميع دون خجل، وكان الناس يحسدونني على هذه الصفة.
للأسف لم ألاحظ الرهاب الاجتماعي إلا بعد أن بدأ يؤثر على دراستي، وحياتي اليومية، وتزايد الأمر إلى أن أصبحت لا أستطيع طلب ما هو حقي من الآخرين، أصبح أصدقائي يتعجبون مني ومن شخصيتي، حتى أني لا أستطيع أن أتخيل أن الشخص الذي كان اجتماعيًا ويتعامل مع الجميع دون خجل أصبح اليوم خائفاً من التعامل مع الناس.
أرجو منكم النصيحة، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب.
بالفعل بعد جائحة الكورونا بدأت تظهر بوادر القلق والمخاوف والوسوسة عند كثير من الناس، ولاحظنا حتى الخوف من الموت أصبح أحد المخاوف التي يشتكي منها بعض الناس.
إن شاء الله حالتك حالة بسيطة جدًّا، أرجو ألَّا تنظر لهذه المخاوف بخصوصيَّة، بمعنى ألَّا تُشخصِنَها، لا تعتبر أنك أنت الوحيد الذي مرَّ بجائحة الكورونا، فهذا الأمر قد طال المجتمعات كلها، عدم تخصيص الحدث الحياتي وحصره على النفس، والنظر إليه بأنه أمر شاملٌ وعام أصاب قطاعات كبيرة من المجتمع؛ هذا يُذوِّب المخاوف كثيرًا عند الناس، فأرجو أن تنتهج هذا المنهج العلاجي البسيط، وأن تُحقّر فكرة الخوف من جائحة الكورونا كأمرٍ شخصي، وتنظر له بشكل عام.
الأمر الآخر: أريدك ألَّا تلتفت للتغيرات الفسيولوجية الجسدية التي تُصيب الناس عند المخاوف، والتي تنتج من نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، فقد تحس بتسارع في ضربات قلبك، أو بشيء من التلعثم، أو حتى التعرُّق، أو تحسّ بخفّة في الرأس عند المواجهات، وكأنك سوف تسقط أرضًا، أو أنك سوف تفقد السيطرة على الموقف ... هذه كلها أعراض واهية وليست حقيقية، ولا أحد يلحظها أبدًا، فأرجو أن تواجهها بالتحقير، وتسير في طريقك، طريق المواجهة، ولا تتوقف عندها.
أريدك أيضًا أن تطور من كفاءتك الاجتماعية فيما يتعلق بالتواصل الاجتماعي، لابد أن تُراعي تعابير وجهك، ويجب أن نرجع إلى الحديث النبوي الشريف: (وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة)، حاول أن تقابل الناس بوجهٍ فرح، فيه أريحية، وفيه استقبال للطرف الآخر، مَن ينظر إليك يراك شخصًا مُرحِّبًا، شخصًا مُنشرحًا، تقبل على الآخرين، كما يجب أن تراعي لغة جسدك - خاصة حركة اليدين - يجب أن تكون متناسقة مع المشاعر الإيجابية، وكذلك نبرة الصوت، يجب أن تراعيها.
هذه مهارات مهمة جدًّا، طبِّقها حتى مع ذويك في البيت، يعني مثلاً: حين تُخاطب أحد والديك لابد أن تكون مبتسمًا، لابد أن يكون هناك منك لطف، لابد أن يكون صوتك ذا نبرة جميلة، وكذلك لغة جسدك، هذه التدريبات مهمّة جدًّا لأن تطور من مهارات الاجتماعية.
أريدك أيضًا أن تُطبق تطبيقات عامَّة، تزيل الخوف الاجتماعي، وأهمها:
- أن تصلي مع الجماعة في المسجد، الصلاة مع الجماعة تحارب وتعالج وتنهي الخوف الاجتماعي؛ لأنك تعرف أن المسجد هو مكان الأمان، مكان السكينة، تلتقي فيه بأفضل الناس، وتكون أمام ربك، وتحفُّكم الملائكة، وهذا هو وقت الاطمئنان، ودائمًا حاول أن تكون في الصفوف الأمامية.
- ألَّا تتخلف عن المناسبات الاجتماعية، إذا كان لديك صديق لديه مناسبة اجتماعية طيبة يجب أن تذهب لتهنئته، خاصة فيما يتعلق بالأفراح، كذلك أن تزور المرضى، وأن تصل أرحامك.
- أن تمارس رياضة جماعية، مثل كرة القدم، هذه مهمّة ومفيدة جدًّا، وتعالج أي نوع من الخوف الاجتماعي أو غيره، بل ترفع من كفاءتك الاجتماعية والنفسية والسلوكية.
في الفصل الدراسي حاول أن تجلس في الصفوف الأمامية دائمًا، وحاول أن تتخيل أنه فجأة طلب منك المعلِّم أن تتقدّم الصفوف، وتتكلَّم مع الطلاب وترشدهم حول أشياء معيّنة ... وهكذا، هذا التعرُّض في الخيال - كما نسمِّيه - يُفيد الناس كثيرًا.
هنالك تمارين الاسترخاء دائمًا نحن نوصي بها؛ لأن الاسترخاء الجسدي يؤدي إلى الاسترخاء النفسي، فحاول أن تستعين بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب وتُطبّق هذه التمارين بحذافيرها.
أتمنى أن أكون قد أسديتُ لك النصيحة المطلوبة، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأنت لست في حاجة لأي علاجٍ دوائي نفسي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.