أطلب من أمي الدعاء لي لتتيسر أموري ولكنها لا تستجيب، فماذا أفعل؟

2023-09-27 01:28:28 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاةٌ عمري 22 سنةً، وليس لديّ إخوة وأخوات، وحيدة العائلة، وأميل لأمي دائماً، لاحظت أن أمي عندما أقع في مشكلة أو أكون بحاجة لرضاها، وأن تدعو لي في صلاتها، لا تريد أن تدعو لي، ألحُّ عليها فترد عليّ: أنا دعوتي لا تهم، ادعي أنت، أقول لها: دعوت يا أمي، وأريد دعوتك لأنك أمٌ وتحت قدمك الجنة، ودعوة الوالدين بالخير نجاح، تقول لا، لن أدعو، فهل هذا شيءٌ طبيعيٌ؟ وماذا أقول لها، وكيف أتصرف معها؟

أنا في أيامي هذه في ضيق بدون عمل، بدون شيء، لم يبق لي شيءٌ إلا الوجع، يا ربي أنا أعاني حقاً!


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

هنيئاً لك -أختي الفاضلة- هذا البر بوالدتك وحرصك عليه، وكذلك حرصك على دعائها لك؛ فدعاء الوالدين لأبنائهم من أرجى الدعاء قبولاً ونفعاً، وهو هدي الأنبياء والصالحين، يقول تعالى في وصف دعاء عباد الرحمن: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً) ويقول تعالى عن دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

فدعاء الوالدين لأبنائهم بالخير والصلاح في أمور الدنيا والدين أمرٌ مهمٌ، ويصيبهم منه خيرٌ كثيرٌ -بإذن الله تعالى-، وثبت عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يأخذه والحسن ويقول اللهم إني أحبهما فأحبهما) رواه البخاري، ونهى النبي عن الدعاء على الأبناء، ففي الحديث عن جابر بن عبدالله الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم) مسلم.

وهنا يتبين لك أن قول والدتك أن دعاءها لا يَهم غير صحيح، ولا ينبغي لوالدتك أن ترفض الدعاء لك، لما للدعاء من خير كبير في صلاح الأبناء والتوفيق في حياتهم، وعليك أن تتأكدي هل رفضها للدعاء لك سببه إلحاحك عليها، أم الرفض لشيء في نفسها أو عدم رضى عنك؟ فمن الطبيعي أن الآباء يدعون لأبنائهم بخير وبصلاح الدنيا والآخرة، ومن غير الطبيعي رفضهم للدعاء، إلا أن يكون هناك عقوقٌ أو شيءٌ في النفس.

لذلك ننصحك بالتالي:
أولاً: اذكري أمامها فضائل دعاء الوالد لولده، واذكري لها نماذج من دعاء الأنبياء والصالحين لأبنائهم، وأثر هذا الدعاء في صلاحهم والتوفيق في حياتهم ونجاحهم، ويمكن لك اصطحابها لمحاضرات أو دروس حول ذلك، ويمكن أن يكون هذا التذكير من شخص آخر غيرك.

ثانياً: لا تشددي في الإلحاح؛ فقد يكون رفض دعائها لك ردة فعل من والدتك بسبب إلحاحك عليها، ورغبة منها لدفع هذا الإلحاح، خصوصاً إن كانوا كباراً في السن، فعليك أن تتلطفي في طلبك ولا تشددي فيه، وربما هي تدعو دون أن تخبرك بذلك.

ثالثاً: بالغي في الإحسان إليها وبرّها وتقديم كل ما تحتاج إليه، وخلال ذلك اختاري الأوقات المناسبة لتذكيرها بالدعاء لك، كالأوقات والأيام والمواسم الفاضلة.

أخيراً -أختي الفاضلة- ينبغي أن لا تنسي الدعاء لنفسك بنفسك، وتضرعك لله برفع الضر عنك، ودفع ما تجدين من شدة، فأنت صاحبة الحاجة، والدعاء من قلب مضطر ومنكسر أقرب للإجابة، قال تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون) ومع الاجتهاد في الدعاء اجتهدي كذلك في السعي وبذل الوسع في تحقيق الأسباب المتاحة والممكنة التي ترفع الضر عنك، كالبحث عن وظيفة بكل الطرق الممكنة، وسؤال أهل الخبرة، واكتساب الخبرات وتنمية المهارات التي تؤهلك لتحقيق فرص أكثر، وذلك حتى لا يقع المسلم في التواكل، والاكتفاء بالدعاء دون بذل الوسع في السعي والعمل، فمن المهم أن تبذلي المستطاع، واجعلي علاقتك بالله قويةً على الدوام بكثرة الطاعات والقربات والدعاء؛ فهذا مما يسرِّع الفرج ويدفع الشدة ويشرح الصدر ويذهب الهم من القلب.

وفقك الله لطاعته ومرضاته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

www.islamweb.net