حاولت فك السحر ولم أستطع.. فهل عجل الله لي عذاب الدنيا؟

2023-11-27 00:52:30 | إسلام ويب

السؤال:
كنت أشك أني مصاب بالعين أو السحر، فعلت كل ما بإمكاني لأفكه ولا نتيجة، جاءني اليقين أن الله عجل لي عذاب الدنيا قبل الآخرة، هذا الاعتقاد يتضمن جميع أنواع الخزي والمرض وزوال الرزق والضيق، وأنواع العذاب الذي لا يتقبله العقل السليم، أفكر في الانتحار، فهل من حل للرجوع إلى الله؟ فقدت الأمل.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أدريس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يصرف عنك كل مكروه، وأن يُمتعك بالصحة والعافية، ويرزقك السعادة وييسّر لك أسبابها.

نأمل -أيها الأخ الكريم- ألَّا تستسلم لأوهام الإصابة بالعين أو السحر أو غير ذلك، واستعمالك الرقية الشرعية لفكِّ العين أو السحر أمرٌ نافع وليس فيه ضرر، فالرقية تنفع -بعون الله تعالى- ممَّا نزل بالإنسان من المكروه، وممَّا لم ينزل به؛ لأنها مجرد أذكار وأدعية وقرآن، فداوم على الرقية الشرعية، اقرأ وانفث في ماء، واشرب من ذلك الماء واغتسل به.

اقرأ آيات القرآن الكريم: الفاتحة، وأوائل سورة البقرة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، والآيات التي فيها إبطال السحر، والآيات التي فيها ذكر شفاء القرآن، كقوله سبحانه وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]، وقوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]، وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: 44]. اقرأ المعوذتين (قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) مع سورة الإخلاص (قل هو الله أحد).

اقرأ هذا القرآن كله في ماء وانفث فيه واشرب واغتسل بهذا الماء، فهذه رقية نافعة، وإذا استعنت بالثقات المأمونين الصلحاء ممَّن يُمارسون الرقية الشرعية فهذا جائز، ولا بأس فيه، وهو خيرٌ كثير.

أمَّا ما ذكرت أنه حصل لك اليقين بأن الله عجّل لك العذاب في الدنيا؛ فهذا أمرٌ لا ينبغي أن تتيقّنه، فإن حالك عند الله تعالى أمرٌ غيبي لا تعلمه أنت ولا غيرك من الناس، فأحسن ظنّك بالله، واعلم أن الله تعالى يبتلي الناس وإن كانوا صالحين، فلست أفضل من أنبياء الله الذين ابتلاهم الله تعالى بأنواعٍ من الأسقام والأمراض والتهجير عن بُلدانهم، وقد أُلقي إبراهيم في النار، وأُلقي يوسف في الجُبّ أولاً، ثم في السجن بضع سنين، ومن الأنبياء مَن أصيب في بدنه بالأمراض.

كل هذه الآفات والأسقام والأمراض والمكاره يُقدّرُها الله تعالى على عباده المؤمنين، وله في ذلك الحكمة البالغة، فقد يُريد الله تعالى أن يرفع الإنسان إلى درجة لا تبلغها أعماله فيُقدِّرُ عليه بعض المكروهات، فإذا صبر نال ثواب ذلك الصبر، وأجر الصبر لا حدود له، وقد يبتلي الله تعالى الإنسان ليُكفّر عنه بعض الذنوب والسيئات.

لا ينبغي أبدًا أن تُسيء ظنّك بالله، وتعتقد أنه يُقدّر عليك فقط ليُعذّبك ويُؤذيك، فالله تعالى غني عن طاعتك ولا تضرُّه معصيتك، ولكنّه يختبرك ويبتليك، فإذا صبرت واحتسبت حصّلت الثواب وزالت عنك هذه المكروهات، فإن المكروه لا يدوم.

احذر كل الحذر من أن يجرّك الشيطان إلى الوقوع في الانتحار؛ فإن الانتحار ليس انتقالاً من العذاب إلى الراحة، بل هو انتقال من آلام يسيرة إلى عذابٍ شاقٍّ دائمٍ، فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المنتحر مُخلَّدٌ في نار جهنّم، يتعذّب بنفس الطريقة التي قتل بها نفسه في الدنيا، وهذا الحديث في الصحيحين.

احذر كل الحذر من أن يجرّك الشيطان إلى هذا القرار الذي ستندم بعده حين لا يُفيدك الندم، واصبر واحتسب، وأحسن ظنّك بالله، وخذ بأسباب الشفاء من أمراضك، وحاول أن تبحث عن رزقك الحلال، وستصل إلى ما قدّره الله تعالى لك، فإن المُقدَّر كائن لا محالة.

نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل مكروه، وييسّر لك الخير حيث كان ويرضِّيك به.

www.islamweb.net