تعلق قلبي بمدرس القرآن، فكيف أتخلص من ذلك؟
2023-12-11 23:24:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنةً، تخرجت منذ سنتين، وحاليًا أجلس في البيت دون عمل، وأصبحت لا أفكر سوى في الزواج، وتكوين أسرة، والاستقرار بدرجة كبيرة جدًا، وقد أصبح هذا الأمر يقلقني، خاصةً أنني أصبحت أجد صعوبةً في النوم ليلاً من شدة التفكير، وكلما سمعت أن إحدى قريناتي، أو من هن أقل مني سنًا تزوجت أحزن كثيرًا، فقررت أن أتجه إلى أحد مراكز التحفيظ، وأن أشغل نفسي بحفظ القرآن.
بعد مدة من الزمن وجدت نفسي معجبة بمعلم القرآن الذي يدرسنا، رغم أنه متزوج، وله بنتان، وأمنع نفسي كثيرًا من التفكير فيه، ولكن دون جدوى، رغم أنني فتاة مؤمنة، وأحاول دائمًا أن أغض بصري، ولا أريد أن أغضب ربي، انصحوني ماذا أفعل؟ وهل أترك دراسة حفظ القرآن؟
علمًا بأنني دائمًا أدعو الله أن يعينني على الطاعة، ويجنبني الوقوع في المعاصي، وأشعر بفعلي هذا أنني أعصي الله تعالى.
أرجو منكم مساعدتي حتى أتجاوز هذا الأمر وأريح بالي، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أختي الفاضلة: لقد أحسنت في إشغال وقتك بالقرآن، ونسأل الله أن يُثبتك على هذا الخير، وأن يرزقك الصبر والزوج الصالح.
أختي الفاضلة: من سؤالك يتبين أن مشاعر القلق من فوات ما يسمى بقطار الزواج تأسر عليك كل تفكيرك، وكل ذلك بتقدير الله وعلمه، وينبغي أن تكوني واثقةً بالله تعالى، وباختياره لك، فما قدره الله سيكون ولو بعد حين؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له) فاصبري، وفوضي أمرك لله تعالى، ولا تَفتُري عن الدعاء لله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح.
أختي الفاضلة: المشاعر التي تسبب لك هذا القلق، والحزن، والتوتر هي الانشغال بهمّ المستقبل رغم أنه غيب، والغيب بيد الله تعالى، والانشغال بالمجهول دائمًا يُشعرنا بالخوف والقلق؛ لأن العقل غالبًا يستحضر أسوأ النتائج، بينما الأفضل لقلبك التوكل على الله، والاعتماد عليه، والانشغال بالإعداد لهذا المستقبل عبر تنمية المهارات، والتزود الإيماني والأخلاقي.
لذلك عليك -أختي الفاضلة- أن تستعدي للمستقبل ببناء حياتك بكل احتمالاتها الإيجابية أو السلبية، سواءً المهنية، أو النفسية، أو الدينية، ولا تبقي أسيرةً لمخاوف ليس لك فيها أي حيلة.
حاولي الخروج من تركيز التفكير في الزواج عبر الانشغال بأمور نافعة، تعود عليك بالخير والنفع: كحفظ القرآن، وطلب العلم النافع، وتنمية مهاراتك المختلفة؛ فكلُّما تعددت مهاراتك كثُرت الفرص لديك، وننصحك كذلك بترك العزلة، وتنمية علاقاتك الاجتماعية، وحضور الملتقيات النسائية، والدخول في أعمال تطوعية، كل ذلك كفيل بإخراجك من دائرة التفكير المركز في قضية الزواج، واسترسال العقل في نتائجها السلبية إذا لم تحدث.
ميل القلب لا يملك أحد التحكم فيه، ولكن الإنسان يملك التصرف بجوارحه وسلوكه، فقضية الإعجاب قد تحدث لأي سبب، ولا يكون الإعجاب حرامًا، أو فيه إثم إلا إذا تسبب في سلوك محرم، أو علاقات خارج اطار الزواج، وإذا كنت تخشين من تطور هذا الإعجاب، أو أن تضعف نفسك أمامه، فتتمادى إلى أكثر منه، فالأفضل أن تبحثي عن مدرسة تحفيظ أخرى، ويكون طاقمها من النساء، وهذا هو الأفضل لقلبك.
أخيرًا -أختي الفاضلة-: اشغلي وقتك بالأشياء المفيدة؛ فهذا يزاحم التفكير والمخاوف التي تعانين منها، وأكثري من الطاعات والاستغفار، فكل هذا مما يشرح الصدر، ويذهب الهم والحزن.
نسأل الله أن يوفقك للخير، ويرزقك الزوج الصالح الذي تقرّ به عينك.