أحاول تجاوز مرارة ظلم أهل زوجي لي ولكني أعجز، ساعدوني
2024-04-03 02:21:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا أسكن في بيت والد زوجي (حماي)، والبيت مقسوم إلى نصفين، وبيتي مستقل المدخل، وحماتي تتدخل في كل شيء، وتحاول السيطرة على حياتي قبل إنجابي للأطفال، وتتدخل في بيتي وطبخي، وصارت تتدخل في تربية أطفالي، وتأخذهم عندها لوقت طويل، وأحيانًا يظلون عندها يوميًا، ويجب أن يكونوا معها طوال اليوم إلى وقت محدد، من العصر إلى الساعة العاشرة ليلاً.
كنت أرفض ذلك، وزوجي لا يقف معي في هذا الموضوع، والكل ضدّي، مع أن من حقي أن أقضي الوقت مع أطفالي مثل ما أريد، وأربيهم كيف ما أريد، وأنا لا أرفض أن يذهبوا إلى جدتهم نهائيًا، لكني أرفض أن يذهبوا من العصر إلى الساعة العاشرة ليلًا، وأحيانًا من الظهر، خاصة عندما تكون بناتها موجودات.
كنت أعتذر لهم دائمًا بأن الولد نائم، أو أنه يأكل، لم أستسلم للموضوع، إلَّا أني غير قادرة على السيطرة على هذا الوضع؛ وتصير بعدها مشاكل، وغير ذلك سمعت أنها تقول إنها هي التي ربّت أولادي، وأمام الناس تحكي بأن أولادي يقضون الوقت عندها، وتحكي لزوجي أنها هي التي تطعمهم، وتُغيّر لهم ملابسهم، حتى كانت تمنعني من أن أطعمهم، وأنا أريد أن أطعمهم بنفسي، وأن أقوم بعمل الاستحمام لهم، وأن أغيّر لهم، وهكذا كبر أطفالي وصارت بنتي عمرها ثلاث سنوات، وابني عمره سنة وتسعة أشهر، وأحاول وأجاهد في هذا الموضوع وحدي، كل يوم يطلبون أبنائي، وأنا في الآخر أذهب بهم إليهم، وأحاول أن أكون معهم إذا كنت غير مشغولة، وأحيانًا أتركهم عندي حتى يجيء أبوهم من الشغل ويذهب بهم إلى أُمِّه.
زوجي لم يكن مهتمًّا بهذا الموضوع مهما اشتكيت له، على العكس إذا لم أذهب بأولادي إلى جدتهم ينكد عليّ ويتضايق مني ويلومني.
الموضوع ضغط عليّ كثيرًا، وفي يوم صارت مشكلة بيني وبين زوجي على موضوع آخر، لكني كنت مثل المجنونة لا أعرف ماذا حصل لي! وصرت أصرخ وأحكي: "أمك هي سبب المشاكل"، وسمعتني أمه، فطردني عند أهلي لمدة 12 يومًا، وبعدها انتبهت لحالي أكثر، وبعدها بدأتُ أمنع أطفالي من الذهاب إلى جدتهم يوميًا إلَّا لوقت معين، يعني: -سبحان الله - كان ذلك خيرًا.
وأخيرًا: أقنعت زوجي بالموضوع، ولم يقتنع مائة بالمائة، لكنه تقبل الموضوع، وحماتي رفضت ولم يُعجبها هذا.
الآن -الحمد لله- عملت الذي أريده، والمشكلة أني دائمًا أفكر في ظلم السنوات الماضية، وألوم نفسي لماذا لم أنتبه منذ زمن، وأكون أقوى من هذا؟ كان هذا الموضوع مؤثرًا على حياتي سلبًا، وما كنت واعية، وأحسّ أن حالي غير طبيعي، وأني ظُلمت طوال هذه السنوات، وألوم حالي ليلاً ونهارًا، وأحسست أني ظلمت أطفالي، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أنا بدأت معهم من جديد، وبدأت مع ابنتي في حفظ قصار السور، وابني بدأت معه في قراءة بعض الآيات، لكن التفكير في الماضي أتعبني، ودائمًا أفكّر في مكر وخداع حماتي، فماذا عليّ أن أقوم به؟
شكرًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك في أولادك، وأن يحفظهم لك، وأن يعينك على تربيتهم، وأن يكونوا قُرَّة عين لكِ في الدنيا والآخرة.
أختنا الفاضلة: قد فهمنا منك أن الأطفال -وتحت ضغط والدة زوجك- كانت تأخذهم أكثر الوقت، ثم حدثت مشكلة كان على إثرها أن منعت الأولاد عنها، وتحكمتِ في ضبط خروجهم من البيت عندك، ثم الآن تلومين نفسك على ما مضى من زمن كنت فيه - على حسب ما فهمنا - متراخية ومتنازلة عن بعض حقوقك، فإذا كان ما فهمناه صحيحًا فدعينا نضع بعض النقاط على الحروف:
أولًا: ما حدث معك تجاه أهل زوجك لم يكن تقصيرًا منك، بل كان مراعاة لزوجك ولمكانة أبنائه منهم، وقد حاولت وحدث بينكما مشاكل بسبب هذا الأمر، وعليه فلا عتب عليك.
ثانيًا: لو كنت اتخذت هذا الموقف اليوم قبل أعوام لربما تصدع بنيان البيت، ولعل من لطف الله تعالى بك وبأولادك وزوجك أن كان هذا الموقف المرن منك.
ثالثًا: الندم يكون عند تقصير وقعت فيه، وكان يمكن تغييره، وأنت من خلال رسالتك لم يكن في هذا الأمر يد منك.
رابعًا: لا يعني ما مضى أنّا نشجعك على قطع علاقة الأولاد بجدتهم أو بمحيطهم العائلي، فإن هذا أمر لا يجوز ولا يحل، وعليه فالموقف الصحيح هو الاعتدال والتوسط في الزيارات، مع تربية الأولاد على بر أهل أبيهم وصلتهم.
خامسًا: التفاهم مع الزوج على زيارة الأولاد لجدتهم أمر جيد، لكن احذري من أن تكوني وسيلة يعق زوجك أهله بسببك، بمعنى: لا تجعلي الأولاد وسيلة ضغط على الزوج، حتى يرضى بتقطيع الأوصال بينه وبين أهله، فالزوجة الصالحة معبر للخير وإن إساء الغير.
سادسًا: ثقي أن الله سيكتب أجرك على صبرك، وسيعطيك أفضل ممَّا طلبت على وُدَّك لأهل زوجك وعلى تحملك، المهم الاعتدال لا المقاطعة التي تذهب بالبر، ولا الوصال الذي يُذهب الحق في متابعة تديُّن الأولاد وطاعتهم لله عز وجل.
سابعًا: لا تقابلي السيئة بمثلها - أختنا الكريمة - فما مضى قد مضى، والله تعالى يقول: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40]، ويقول سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] وأعظم الأجر هو ما كان عند الله {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20].
بارك الله فيك، وأحسن الله إليك، وكتب الله لك ولهم الخير، إنه جواد كريم.