انطباع المشاهدات المحرمة في الذهن وطرق التخلص منها
2024-03-28 00:11:32 | إسلام ويب
السؤال:
قبل سبع سنين أو أكثر شاهدت بعض الأمور السيئة، وفيها كشف عورات، وقد تبت إلى الله، ولم أعد أرى أيًا من هذه الأمور بفضل الله.
لكن ما رأيته لا يفارق ذهني، أبكي بسببه، وأكره ما رأيت حتى إني كرهت نفسي، قد أكون جالسة أدرس، أو أقرأ، وأرى في ذهني ما رأيت مسبقًا فأتوب، أو أفكر فيه من ناحية طبية، ويأخذني التفكير حتى أكره ذاتي مرة أخرى بسبب ما رأيت.
ما هو الحل؟ كيف أتخلص وأتناسى ما أذكر من مشاهد؟
أخشى أن توبتي ربما لم تكن كافية، ويخطر ببالي هذا الأمر كي أتوب مرة أخرى، لكن قد أنهكني الموضوع نفسيًا بشكل سيء جدًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يتوب عليك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
أولاً: ما تمرين به هو أمر طبيعي -أختنا الكريمة-، فالشيطان المتربص بهلاكك لا يرضيه توبتك، وحتمًا سيعمد كل وقت إلى تذكيرك بما قد كان، وحتمًا سيضخم هذا الأمر حتى يعيدك إلى ما كنت عليه من ضياع وتشتت، فاحذري من الانزلاق لأوهامه.
ثانيًا: الشعور بعدم الرضا عن التوبة، مع الاجتهاد في التدين هو من علامات قبول التوبة، بل من علامات صلاح التائب، فطيبي نفسًا وجددي التوبة دائمًا، واعلمي أن التوبة أول منازل الصالحين وأوسطها وآخرها كما قال ابن القيم، هي بداية العهد وخاتمته، وهي ترك الذنب مخافة الله عز وجل، هي استجابة لأمر الله، طاعة لأمر ربك سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً)، وهي سبب فلاحك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).
وهي الجالبة لمحبة الله لك، قال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)، وهي سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار، قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، إلا من تاب وءامن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً).
وهي الجالبة لنزول البركات من السماء وزيادة القوة والإمداد بالأموال والبنين، قال تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين).
وهي من أسباب تكفير سيئاتك وتبديلها إلى حسنات، قال سبحانه: (إلا من تاب وءامن وعمِل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) .
ثالثًا: كوني على يقين -أختنا الفاضلة- أن الله سيقبل توبتك؛ لأنه جل في علاه ما حببك في التوبة إلا وهو يريد أن يتوب عليك، فأملي في الله خيرًا، واعلمي أن الله يفرح بتوبة عبده، فعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة" متفق عليه.
وفي رواية لمسلم "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" وهذا يثبت لك سعة رحمة الله بنا، فأملي في الله خيرًا، واعلمي أن الله كريم غفور رحيم، وهو القائل جل شأنه: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)، والتعبير بقوله جل شأنه (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) يدل على سعة رحمة الله، وعدم يأس المؤمن من رحمة الله عز وجل، فأقبلي على ربك تسعدي.
رابعًا: أوجدي لك صحبة صالحة من الأخوات المتدينات، فالمرء بإخوانه -أختنا الكريمة-، ولكن احذري أن تخبري أحدًا بما وقعت فيه من معصية، فإن الله يغفر والناس لا تنسى ولا تغفر.
خامسًا: ننصحك -أختنا- بأمر سيكون الخير فيه -إن شاء الله- فانتبهي لقولنا:
الشيطان يعمد إلى تذكيرك دائمًا بذلك وهو يختار الوقت المناسب، فإذا أفسدنا عليه وسيلته تجاوزنا تلك المرحلة، وحتى تفسدي عليه وسائله عليك بما يلي:
1- ابتعدي عن الفراغ، أو الجلوس بمفردك فهما من وسائله وأدواته، واجتهدي أن تكوني على الدوام بين عمل أو ذكر، أو قراءة، المهم ألا يتسلل الفراغ إلى قلبك حتى لا يتولد التفكير.
2 حافظي على أذكارك صباحًا ومساءً، واعلمي أنها حصن من الشيطان.
3- كلما ذكرك بما مضى فاستعيذي بالله منه، وتوضئي وصلي لله ركعتين، أو اعمدي إلى ذكر الله كلما ذكرك بما مضى، مع ابتسامة داخلية وشكر لله أن نجاك من هذا الطريق المظلم.
طبقي هذا -أختنا- مع يقين بأن الله قد تاب عليك، وستجدين الخير إن شاء الله في قابل حياتك، نسأل الله أن يسترك بستره وأن يحفظك بحفظه، والله الموفق.