مهاراتي الاجتماعية ضعيفة وأشعر أن الجميع يراقبونني.. أرشدوني

2024-05-14 23:45:18 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 27 سنة، أعاني من الرهاب الاجتماعي واضطراب القلق، وأحيانًا أشعر بأن الآخرين يراقبونني، لا أستطيع التعبير أمام الجميع، أعاني من كثرة النسيان والتشتت في العقل، أخاف من أشياء لم تحدث، ليست لي مهارات كبيرة مع الناس، كثير التذمر، والكذب، والتشكي، سريع الانفعال والتحدث أمام الناس، لا أستطيع مواجهة شخص رغم أني قد أكون مظلومًا، ترتفع نبضات قلبي أحيانًا، ودائمًا أقارن نفسي بالآخرين، وأخجل أحيانًا من أشخاص غرباء، لا سيما الفتيات.

دائمًا أعزل نفسي عند شعوري بتأنيب الضمير، كلما قررت تصحيح الخطأ أعاود الوقوع فيه، بدأت أحس بأنه ليس لي قيمة في الحياة، كرهت نفسي، فأرجو أن تجدوا لي حلاً.

وشكرًا.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sabri حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب.

تحدثت أنك مُصابٌ بالرهاب الاجتماعي مع قلق نفسي، ودائمًا القلق النفسي هو مكوّن أساسي للرهاب أو الخوف الاجتماعي.

شعورك بأن الآخرين يراقبونك: أعتقد أن هذا ناتج من ضعف الكفاءة النفسية لديك، كما تفضلت فأنت متوجّس، وأثرت على نفسك همومًا كثيرة، ولديك قلق توقعي، ولا تنظر للحياة من جوانبها المشرقة، ممَّا جعلك كثير الارتياب في بعض الأحيان.

طبعًا سرعة الغضب وسرعة الانفعال، هذه أيضًا طاقات نفسية سلبية جدًّا.

الكذب: هذا أمرٌ حقيقةً بشع جدًّا، والمؤمن يجب ألَّا يكذب أبدًا حتى لا يُكتب عند الله كذّابًا، هذه مصيبة كبيرة - أخي الكريم - وهي تحت إرادتنا، درّب نفسك على الصدق، وانتهج منهج الصدق، وكن دائمًا مع الصادقين، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، وأنا أودُّ أن ألفت نظرك لشيء: أي شخص كذّاب يفتقد الأمانة، الصدق مرتبطٌ بالأمانة، والكذب مرتبط بالخيانة.

فيا أخي الكريم: الحمد لله أنك قد أدركت أنك تُكذّب؛ لأن التغيير سيكون بيدك، والله تعالى حباك بالطاقات والمقدرات التي من خلالها تُغيّر نفسك وتنتهج منهج الصدق، ويجب بالفعل أن تُؤنّب نفسك، أن تُؤنِّب ضميرك، أن تجلد ذاتك، لا تأخذ هذا الأمر بتهاون - أخي الكريم - وجالس العلماء والصالحين، لتسمع منهم حول الكذب ومآلاته والذنوب التي تأتّي منه.

والكذب يُقلّل من قيمة الإنسان، والصدق يرفع من قيمتك أمام الآخرين، سيعطيك القدرة على التحدُّث أمام الآخرين مهما كانوا، فكن صادقًا، وحين تُعرف بالصدق أنا متأكد أن نظرة الناس لك ستتغيّر، ونظرتك للناس سوف تتغيّر أيضًا.

أخي الكريم: بالنسبة لأعراضك الأخرى، أريدك حقيقةً أن تقبل ذاتك، أنا ألاحظ أنك دخلت في عملية رفضٍ للذات، وهذه إشكالية، لا، يجب أن تقبل ذاتك بمحاسنها وعيوبها، وحاول أن تُطوّر المحاسن والإيجابيات، وحاول أن تُقلِّص من السلبيات، بهذه الكيفية - يا أخي - تستطيع أن تتغيّر، نعم.

أنت تعيش حالة من التوهان النفسي فيما يتعلَّقُ بذاتك؛ لأنك لم تقبلها، لكن حين تقبلها - كما ذكرتُ لك - سوف تُغيّرها، والتغيير - أخي الكريم - يأتي بالتدريج، لكن يتطلب صرامة شديدة مع الذات.

الرهاب الاجتماعي - هذا الذي تعاني منه - علاجُه ليس صعبًا أبدًا، وأنا دائمًا أحاول أن أنصح الناس بأن هنالك علاجات اجتماعية مثالية جدًّا موجودة في مجتمعاتنا، على رأس هذه العلاجات: الصلاة مع الجماعة في المسجد، المسجد هو مكان الطمأنينة، ومكان الرحمة - أخي الكريم - والإنسان حين يُصلي مع الجماعة ويُؤدي الصلاة في وقتها، قطعًا هذا سوف يُنزل عليك سكينة وطمأنينة ورحمة، وستتعرّف إلى الصالحين من الناس.

فيا أخي: هذا علاج طبيعي جدًّا، أرجو أن تبدأ به مباشرة، وحتى إن بدأت بأن تكون في الصفوف الخلفية؛ يمكنك تدريجيًّا أن تتقدّم الصفوف حتى تكون خلف الإمام، وهذا أفضل علاج أنصحك به لعلاج الرهاب الاجتماعي.

أضف إلى ذلك ممارسة الرياضة الجماعية، ككرة القدم مثلًا، هذه ممتازة جدًّا، انضمَّ لأي أنشطة شبابية رياضية جماعية، سوف تجد أنك قد تغيّرت تمامًا.

من المهم أيضًا أن تسعى لصلة الأرحام، وأن تكون وفيًّا لأصدقائك، أن تحرص على الواجبات الاجتماعية، مثل حضور الدعوات، وحفلات الأعراس التي تُدعى لها، والمشي في الجنائز، وزيارة المرضى، وصلة الرحم، ركّز على هذه الأمور الطبيعية، و-إن شاء الله تعالى- سوف تجد أنك أصبحت تجد قبولاً اجتماعيًّا، وأصبحت لك قوّة لاختراق هذه المواقف الاجتماعية، وهذا - إن شاء الله تعالى - فيه خيرا الدنيا والآخرة لك.

وأنا - أخي الكريم صبري - أريد منك أيضًا أن تكون أكثر تفاعلًا على مستوى العمل، العمل أمانة، والإنسان يجب أن يُؤدّيه على أحسن ما يكون، ويجب أن تتقن عملك، ويجب أن تُحب عملك، وقطعًا هناك شبكة من الموظفين معك، تواصل معهم.

ودائمًا المواصلة الكلامية المباشرة تتطلَّب أن يُراقب الإنسان ثلاثة أشياء: تعبيرات الوجه مهمّة جدًّا، (تبسُّمك في وجه أخيك صدقة)، لغة الجسد، حركة اليدين؛ أيضًا يجب أن تُراعيها وتوظفيها التوظيف الصحيح، وكذلك نبرة الصوت وحسن الاستماع، هذه مهمّة جدًّا لتطوير المهارات الاجتماعية، وهي سهلة جدًّا.

ويمكنك أن تُدرّب نفسك حقيقةً على هذه المنافع السلوكية، من خلال أن تجلس مثلًا لوحدك في الغرفة، وتتصوّر أنك تُخاطب مجموعة من الناس، أو أن هناك شخص ما قابلك في الطريق وسألك عن مكانٍ مُعيَّنٍ، وأنت قمتَ بإجابته. مثل هذا النوع أيضًا من التصور الذهني يُساعد الإنسان على تخطّي مخاوفه كثيرًا.

بقي أن أقول لك إنه -بفضلٍ من الله تعالى- تُوجد أدوية فاعلة جدًّا لعلاج الرهاب الاجتماعي، وعلاج القلق. بعد أن وجَّهنا لك الإرشادات السلوكية والنفسية والإسلامية والاجتماعية؛ أكمل لك الصورة العلاجية الآن من خلال وصف أحد الأدوية الرائعة والسليمة، الدواء يُسمَّى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، وله عدة مسميات تجارية منها (زولفت) أو (لوسترال)، وربما تجده في بلادكم تحت مسمّى تجاري آخر.

تبدأ الجرعة بتناول نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - تستمر على جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك تجعلها حبة واحدة - أي خمسين مليجرامًا - يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين - أي مائة مليجرام - يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة الوسطية التي تكفي في حالتك، علمًا بأن الجرعة الكلية هي مائتا مليجرام في اليوم - أي أربع حبات - لكنك لست بحاجة لمثل هذه الجرعة.

بعد انقضاء فترة الثلاثة أشهر وأنت على جرعة الحبتين؛ خفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تجعلها نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

وأنا أؤكد لك أن السيرترالين دواء سليم، ونافع، وغير إدماني. انتظامك على الدواء بالصورة والكيفية التي وصفناها لك قطعًا سيكون له فائدة عظيمة بالنسبة لك، مع أهمية التطبيق للإرشادات سالفة الذكر، ونشكرك مرة أخرى على ثقتك في إسلام ويب.

www.islamweb.net