زوجتي ما زالت حزينة على موت ابنتنا، فما نصيحتكم لها؟
2024-06-05 02:55:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
بعد أكثر من 3 أشهر على وفاة ابنتنا، ما زالت زوجتي في حالة حزن متواصل، رغم محاولاتي المتعددة والمتنوعة لإخراجها من حالتها، لكني فشلت، مما أثر على كل أفراد العائلة، فالرجاء المساعدة، مع الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حافظ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –أخي العزيز– في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك حرصك على مواساة زوجتك، وإخراجها من حالة حُزنها، ونسأل الله تعالى أن يُعظّم أجركم بمصابكم بابنتكم، وأن يجعلها شفيعة لكم، وأن يُبدلكم خيرًا منها.
خير ما تستعين به –أيها الحبيب– لتخفيف الحزن عن زوجتك: المواساة لها بالطريقة التي سنها الشرع الحنيف لتخفيف المصيبة عن أصحابها، والطريقة الشرعية في ذلك معتمدة على أمور:
أولها: التذكير بالثواب، فإن الله تعالى أعدَّ ثوابًا جزيلًا لمن مات له ولد –سواء كان ذكرًا أو أنثى– وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يصف حال الأطفال الذين ماتوا وهم صغار، فقال: (يُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُونَ: حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤنَا، فَيُقَالُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَآبَاؤكُمْ).
جاء أحد التابعين – وهو أبو حسّان – إلى الصحابي الجليل أبي هريرة، وقال له: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ لِيَ ابْنَانِ فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِحَدِيثٍ تُطَيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا؟ فقَالَ أبو هريرة: نَعَمْ، يعني: سأحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حدّهم فقال: (صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ)، الدعاميص يعني الحيوانات الصغيرة التي تكون في المياه السوداء، تتحرك حركة سريعة بين الماء، وشبّههم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدّابة الصغيرة لصغر حجمها وسرعة حركتها، فالطفل في الجنة كذلك، قال: (صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ يَتَلَقَّى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ - أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ -أَوْ قَالَ بِيَدِهِ- كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنِفَةِ ثَوْبِكَ هَذَا) يعني: كما أنا آخذُ الآن بطرف ثوبك (فَلَا يَنْتَهِي حَتَّى يُدْخِلَهُ اللهُ وَأَبَاهُ الْجَنَّةَ).
وقد جاءت الأحاديث الأخرى أيضًا في بيان أن مَن مات له ولدٌ واحتسبه لا تمسّه النار.
إذا تذكّر الإنسان المسلم هذا الثواب الجزيل، الذي أعدّه الله تعالى له جزاءً له على صبره على هذه المصيبة؛ هانت عليه هذه المصيبة، والعاقل لا ينبغي أن يجمع على نفسه مصيبتين، المصيبة الواقعة ثم مصيبة فوات الثواب.
نحن على ثقة من أنك لو تحدثت بلطفٍ وإشفاق مع زوجتك، وذكّرتها بهذا النوع من الثواب الذي أعدّه الله تعالى لمن أُصيب بهذا النوع من المصائب؛ أنها ستعود إلى مقارنة صحيحة.
إن اللحاق بمن يسبقنا من الأحباب الذين يموتون قبلنا قريب، والعمر مهما طال فإن سنواته قليلة، ما هي إلَّا فترات زمنية تمرُّ سريعًا ثم ندركهم ونلحقهم، والمهم أن يكون الإنسان في حالة يرضاها الله تعالى منه من الصبر والاحتساب.
ممَّا يُخفف المصيبة أيضًا على النفس التأسي بالآخرين، الذين يُصابون، فينبغي أن تُذكّر زوجتك بأن المُصاب بفقد الولد قد أُصيب به أناسٌ بشكل أبلغ ممَّا أصبتم به أنتم، فأنتم ترون كل يوم عشرات ومئات الأطفال الذين يموتون تحت أنواع من القذف، وبالاحتراق مرة، وبالهدم مرة، وبغير ذلك من الأسباب المؤلمة، فإذا مات الطفل في حالة سليمة من كل هذه الآلام كانت المصيبة أخفّ.
ننصحك بأن تشغل زوجتك، وتحاول ألَّا تدعها فريسة للفراغ والوحدة، حاول أن تشغلها، وأن تطور علاقتها بمن حولها، وأن تربط برنامجها بشيءٍ يملأ الوقت حتى لا تنشغل النفس بالتفكُّر والتذكُّر، مع دعاء الله سبحانه وتعالى أن يرزقها الصبر.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم لما فيه الخير، وأن يجبر خواطركم، ويعوضكم خيرًا ممَّا فقدتم وفاتكم.