أحس نفسي ضائعاً بسبب ذنوب الخلوات، فهل من نصيحة؟
2024-06-12 02:02:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستشيركم في شيء؛ حيث إني شاب بعمر 20 سنة، وأريد الاستقامة والثبات على الدين، لكنني أذنب في الخلوات، والله إني أحس نفسي ضائعاً بسبب ذنوب السر، وأصبحت أخجل من الله عز وجل، رغم أن بوادر الاستقامة تظهر لي، فأنا أصلي كل صلواتي في المسجد، واعتمرت السنة الماضية، ولقد أصبحت أكره الدنيا بسبب الشهوات والفتن، فإنها مرهقة للقلب.
أرجو المساعدة أريد الإرشاد، وأريد شخصاً لديه تخصص يساعدني على التعافي، والله إني أخاف أن أموت على معصية أو أن لا يوفقني الله في عبادتي له تبارك وتعالى، مع أني أصبحت ملتزماً بشدة هذه الفترة من صلوات في المسجد، وسماع القرآن، حتى حفظت بعض السور، والأذكار بعد الصلاة، وأريد أن أكون من عباد الله الصالحين.
أنا خائف من أن تكون ذنوب الخلوات حاجزة بيني وبين الصلاح والاستقامة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب.
اعلم أخي أن هذا الخوف الذي تجده في نفسك دليل خير في قلبك، فنفسك اللوَّامة تلومك على التقصير، وتدفعك للخير؛ لذلك ينبغي أن يكون خوفك دافعاً لك للبحث عن الأسباب التي توقعك في هذه المعصية، لا أن يكون الخوف سبباً في القنوط أو اليأس، قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له..).
أحسن الظن بالله تعالى، وعليك أن تبحث عن نقاط الضعف في نفسك، والتي يدخل منها الشيطان إلى نفسك، فيسبب لك الوقوع في هذه الذنوب، (ابحث عن نقاط الضعف في نفسك وقم بمعالجتها، فإن كان الضعف بسبب الخلوة فاحذر من الخلوة، وإن كان الضعف بسبب فراغ فاملأ ذلك الفراغ بالنافع والمفيد، وإن كان الضعف بسبب أرقام أو منصات تواصل مريبة فاحذفها واستبدلها بالنافع المفيد، وإن كان الضعف بسبب جليس سوء فاحذر من ذلك الجليس السوء، وقم بمصاحبة الصالحين والأفاضل الذين يعلمونك بالخير إذا جهلت، ويذكرونك إذا غفلت.. وهكذا، أي نقطة ضعف في النفس قم بضدها في النافع لتبلغ العافية في كل أمورك).
إن أساس ذنوب الخلوات يأتي من خلال ثلاثة أمور غالباً:
أولاً: إطلاق البصر في الحرام، وعلاج ذلك بمجاهدة النفس على غض البصر عن محارم الله، باستشعار ثواب غض البصر وعقوبة إطلاقه، والإقلال من الأكل، والإكثار من صيام النوافل لإضعاف شهوة البدن، وترك الخلوة بالنفس وإشغالها بمداومة ذكر الله وتلاوة القرآن، حتى لا تعطي فرصة لنفسك بالاسترسال في التفكير في الشهوات.
ثانياً: الفراغ، فالنفس إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالباطل، فلا تترك نفسك في فراغ ما استطعت، وبادر إلى إشغال وقتك بكل مفيدٍ ونافع، سواء في الأعمال الصالحة، أو الأنشطة المفيدة، كالرياضة أو الأعمال التطوعية، أو بدراسة العلوم الشرعية وتنمية المهارات الشخصية، فكل هذا مما يعينك على عدم إعطاء النفس فرصة للتفكير بالشهوات.
ثالثاً: ضعف أعمال القلوب، فأعمال القلوب تقوي القلب وترفع اليقين، وتربط العبد بالله، وإذا صلح القلب صلحت بقية الجوارح وعظمت الخشية في النفس والرقابة لله، وأعمال القلوب هي كل الأعمال التي محلها القلب، مثل اليقين والإخلاص والتفكر والخشوع..الخ، وتنميتها يكون بالأعمال الصالحة التي تزكيها وتقويها كقراءة القرآن بتدبر، والتفكر في مخلوقات الله، والدعاء والصلاة بخشوع وخضوع، واستجلاب الرقية والبكاء بكل ما يرقق القلب كزيارة المقابر، وسماع المواعظ، وحضور الجنائز، ونحوه.
أخي الكريم، الذنوب والمعاصي تحجب الخير عن الإنسان، ولكن الله تعالى جعل للإنسان إرادة، وأرشده لطريق الخلاص، فمهما كانت النفس ضعيفة فبالمجاهدة والصبر والسعي الصادق يبلغ الإنسان الغاية، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، فبادر واجتهد، وستجد الثمرة بعون الله مع الصبر والإخلاص.
وفقك الله ويسر أمرك.