لا أبالي ولا أكترث بأي شيء فكيف الخلاص من هذا الوضع؟!
2006-07-11 08:08:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحببت أطرح مشكلتي على أمل أن تفيدوني بإذن الله.
أنا شاب سوري أعيش في الكويت، مشكلتي أني لا أبالي بأي شيء، ولا أهتم بأي شيء، أحب أن أطلع من الظلمة التي أنا فيها،أحب أن أحمل هماً مثل باقي الناس، أنا أتضايق عندما أرى أحداً زعلاناً أو شارداً؛ لأني ولا مرة صار معي أني زعلت وحملت هماً.
كثير من الناس وحتى إخواني يزعلون مني ويتضايقون عندما يرونني غير مكترث بأي شيء، وكذلك أنا في السنة الماضية رسبت، وهذه السنة عملت بجد في الدور الثاني، وأهلي لا يعرفون ما مشكلتي، أنا أحس أن عندي طاقات عالية، ومخاً عالياً، لكن لا أعرف كيف أنظمه؟ ولا أحد يشعر بي.
أكبر مشكلة أواجهها أني لا أكترث، فالمشاكل تأتي من هنا، وتمر مر السحاب، ونسياني شديد، وفي بعض المرات أنسى ماذا أكلت!
أعرف الموضوع غير مترابط؛ لأن مخي غير منظم.
أتمنى أن تفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ خلدون حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن شعورك بالمشكلة هو أهم خطوات العلاج، وخروجك من الظلمة أمر ميسور بإذن ربنا الغفور، فابدأ التغيير في قلبك، فعمره بالتوحيد، وبحياتك فاجعلها في طاعة الله المجيد، واسأل الله توفيقه وفضله، فإنه وهاب حميد، وأحسن إلى والديك، وكل قريب وبعيد، وابتغ بقولك وعملك وجه الله؛ لتنجو في يوم الوعيد.
ونحن أيضاً نشعر أن لك قدرات ومواهب، لكنها تحتاج إلى اكتشاف وتنمية، فانظر إلى الجوانب التي تحبها وتميل إليها وركز فيها وعليها، واعلم أن الجوهرة المدفونة لا ينتفع منها ولا تنال قيمتها إلا بعد صقلها وتخليصها من الشوائب، وأرجو أن تعلم أن الصفات السالبة تتغير، والإنسان يتغير، ولذلك جاء الرسل ونزلت الكتب، بل إن الحيوان يتأثر بالتربية، فقد يتحول المتوحش إلى أليف، فلا مجال لليأس، ولكن أرجو أن تكون البداية بسرعة، واستعن بالله وتوكل عليه، واعلم أن التوفيق بيده وحده.
ولا يخفى عليك أن المسلم إيجابي، لا يفقد صوابه عند النوازل، ولا يصاب بالكبر والتعالي إذا حقق النجاح وكان من الأوائل، وهذا المعنى هو الذي ذكره ابن عباس رضي الله عنه عند تفسير قوله تعالى: (( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ))[الحديد:23]، فقال رضي الله عنه: (ما من إنسان إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن المؤمن يجعل فرحه شكراً وحزنه صبراً)، ويتمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل: قدر الله وماشاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان).
والمسلم تسره حسنته وتسوءه سيئته، لكن لا يصاب باليأس والإحباط، ولا يدور حول نجاحاته ويتوقف في مكانه، وأرجو أن تواجه الحياة باهتمام وهمة، ورغبة في الوصول إلى القمة، واعلم أن المرء يضع نفسه في مكانها، ومقدار كل امرئ ما قد كان يحسنه، فانفض عن نفسك الغبار، وتوكل على ربك، وابكِ على خطيئتك، واحشر نفسك في زمرة الأخيار.
واعلم أن التسابق إلى الخيرات منهج الأبرار الذين وصفهم ربنا فقال: (( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ))[الفرقان:74]، فإنهم طلبوا من المنازل أعلاها، فلا ترض لنفسك أن تعيش في الحفر وأنت تستطيع العيش في القمم.
ولا يخفى عليك أن الهدف العظيم لا يتحقق إلا بالاجتهاد والبذل، وقد أحسن من قال:
ولابد دون الشهد من إبر النحلِ
ومن قال:
ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهرُ
وتذكر أنك شاب مسلم هيأك الله لحمل رسالة عظيمة، فلا ترض لنفسك أن تكون في السهل.
ونحن نوصيك بتقوى الله وطاعته، ونتمنى أن نسمع عنك الخير، ونشكرك على تواصلك مع موقعك، ومرحباً بك بين آبائك والإخوان، وأبشر فإن الطريق لمن صدق وليس من سبق، وحبذا لو جمع الإنسان سبقاً وصدقاً وإخلاصاً.
والله الموفق.