كلما ذكر شخص أمرًا أمامي إلا وتعسر، فهل أنا السبب؟
2024-07-15 02:58:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعتقد أنني أصيب بالعين؛ فعندما يذكر أي شخص أمامي شيئًا أو أمرًا فإنه يتعسر ولا ينجح، وأعلم حينها في قرارة نفسي بأنني السبب، على الرغم من أنني أقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فما هي الرقية التي تذهب عني هذه الصفة؟
وقد كنت أرقي نفسي من العين والحسد، ولكني حاليًا لا أفعل شيئًا، كما أنني كنت أقرأ سورة البقرة، والملك، والواقعة كل ليلة، ولكنني توقفت عن ذلك، وصرت أتجنب الناس، وأتجنب معرفة أخبارهم حتى لا أضرهم.
ودمتم بخير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:
أولاً: لا يخفاك أن العين حق، والحسد كذلك، وهما أمران واقعان ولا شك، وقد ورد ما يدل على ذلك من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأى أحدكم من نفسه، أو ماله، أو أخيه، ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق".
وقد قال ابن القيم في زاد المعاد بقوله: "وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين، ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه، وجهة تأثير العين.
ثانياً: ما يحدث معك قد يكون أمرًا طبيعيًا، وقد تكون فيه مبالغة منك؛ ولذا لا نريدك أن تحاصري نفسك بهذه القناعة؛ لأنها قد تكون وهمًا أراد الشيطان تثبيته وتضخيمه.
وعلى كل؛ فإن كانت هذه الصفة موجودةً فعلاجها كالآتي:
1 - التبريك كلما رأيت ما يعجبك: فقد ذكر أهل العلم أن العائن يدفع شر عينه بقوله: "اللهم بارك له"؛ ففي مسند الإمام أحمد، عن سهل بن حنيف، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج وسار معه نحو مكة، حتى إذا كانوا بشعب الخرار (اسم موضع) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلاً أبيض، حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة -أحد بني عدي بن كعب- وهو يغتسل، فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط سهل، فأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: هل تتهمون فيه من أحد؟ قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامرًا، فتغيظ عليه، وقال: "علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت"، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأى أحدكم من نفسه، أو ماله، أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق". وفيه ما يدلل على دفع العين بالتبريك.
2- الالتزام بالأذكار، والاستعاذة الدائمة؛ فإن الاستعاذة تصرف الشيطان، والأذكار تجعلك في حصن منه.
ثالثًا: اجتهدي في التخلص من الاسترسال في الخواطر الآثمة؛ فإذا حدثك أحد بشيء، وأتمه الله، فعظمي هذا في نفسك، واطردي بذلك تلك الأفكار، وإذا توقف الأمر، فلعل ذلك حصل لألف سبب آخر، ولست أنت من بين تلك الأسباب، وعليه فلا تسترسلي في التفكير، واحتقري الوساوس كلها، ولا تحاوريها، ولا تتجاوبي معها، بل اقطعيها فورًا وعودي لسانك على أمرين:
- الاستعاذة.
- وقول (ما شاء الله، اللهم بارك)؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة من أهلٍ ومالٍ وولدٍ، فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى آفةً دون الموت).
رابعًا: إن حدث بعد أن استعذت، وبركت، وفعلت ما ذكرناه من الضوابط، ثم وقع سوء على أحد فلا تظني أنك السبب، بل هذا قدر الله، وأنت منه براء، قال ابن كثير: قال بعض السلف: "من أعجبه شيء من ماله، أو ولده، فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، وقد يحصل نوع توافق بين ما يتفوه به الإنسان وما يقدره الله تعالى، فيظن الشخص أنه هو من أصاب ذلك الشخص، وليس كذلك.
خامسًا: أكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم، وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
هذا ما نوصيك به -أختنا-، فالتزمي ذلك، واطردي كل الوساوس، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.