أجد صعوبة في إدارة الحوار والتعامل مع المواقف.. أرشدوني

2024-07-18 00:28:48 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا شاب أجد جزءًا من سعادتي والرضا النفسي في قدرتي على التعبير عن مشاعري، والتفاعل مع الآخرين، لكني أواجه صعوبة كبيرة في إدارة الحوار، والتعامل مع المواقف الاجتماعية.

أشعر بالانعزال عن الأحداث، وتشتت الأفكار، وفقدان الثقة بالنفس، والتلعثم في الكلام، وتأكدت من عدم وجود مشكلة عضوية من قِبل أخصائي تخاطب، مما يزيد من ضيقي الشديد، ويدفعني إلى الإحساس باليأس، وتحقير الذات، خاصةً عندما يؤدي ذلك إلى فقدان بعض حقوقي، أو عدم القدرة على الدفاع عن نفسي، أو توضيح أفكاري.

العام الماضي لاحظت تفاقم هذه المشكلة بشكل خاص، حتى وصل الأمر إلى أنني أشعر بالتوتر أحياناً حتى مع أصدقائي المقربين.

بدأت أتخذ خطوات عملية لحل هذه المشكلة، خاصةً بعد ظهور تأثيرات سلبية على صحتي النفسية، حيث قمت بالبحث، واكتشفت أن حالتي تتوافق مع الرهاب الاجتماعي.

بدأت في تناول دواء السيروكسات بجرعة 12.5 ملغ لمدة شهر، ثم رفعت الجرعة إلى 25 ملغ لمدة ثلاثة أشهر، فتحسنتُ كثيراً -والحمد لله-، حيث إن المواقف التي كنت أواجهها بدأت تقل تدريجيًا، فقمت بخفض الجرعة إلى 12.5 ملغ لمدة شهر.

لكن بعد التوقف عن العلاج منذ 3 أشهر، بدأت أشعر أن المشكلة ما زالت مستمرة، والمواقف بدأت تتكرر بشكل متزايد.

أرغب في استشارتكم بشأن علاج بسيط يمكن أن يساعد في حل مشكلتي في فترة قصيرة، أشعر أن الأمر لا يستدعي أن أكرر علاج السيروكسات، خصوصاً مع أعراضه الجانبية، كنوبات الهلع عند النوم منذ نحو 10 أيام، مع تقلبات في المزاج والقلق والكآبة، التي لا تزال تؤثر على مزاجي.

وشكراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: الذي يظهر لي أن شخصيتك في الأصل لديها درجة بسيطة من زيادة القلق النفسي، والقلق النفسي طاقة مهمّة للإنسان لينجح، فالذي لا ينجح، لا يُثابر، لكن طبعًا هذا القلق يجب ألَّا يحتقن، ويجب ألَّا يتكاثر، ويجب أن نوظفه التوظيف الصحيح، وذلك من خلال أن يكون للإنسان برامج يومية، وأهداف حياتية، يضع الآليات التي توصله إلى أهدافه.

أخي الكريم: لديك درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي، وليست درجة كبيرة أو مُطبقة، ومن أهم الأشياء: أن تُصحح مفاهيمك عن نفسك، دائمًا أصحاب الخوف الاجتماعي تجدهم يُقلِّلون من مقدراتهم، والبعض يتحدَّث عن الشعور بالدونية، هذا كلامٌ خاطئ تمامًا، لماذا تُحقّر ذاتك؟ الله خلقك في أحسن تقويم، فالله أكرمك، لماذا لا تُكرّم نفسك وتنظر إليها نظرة إيجابية، نعم نحن ندعو الناس ألَّا يُضخّموا ذواتهم، لكن في نفس الوقت يجب ألَّا يُحقّروها، كن حياديًا، وكن منصفًا لنفسك، هذا مهمٌّ جدًّا.

دائمًا حاول أن تحكم على نفسك من خلال إنجازاتك، وليس من خلال أفكارك أو مشاعرك، وأنا أؤكد لك أن ما يحدث لك من تفاعل نفسي عند المواجهات، من تشتُّتٍ في الأفكار، وتوترٍ، وكل الأعراض التي ذكرتها، هي أعراضٍ خاصة بك، لا يحس بها أحد، لا يشعر بها الآخر أبدًا، وهذه الأعراض تأتيك عند المواجهات، واستشعارك لها فيه شيء من المبالغة، هكذا أجمع علماء السلوك.

الإنسان الذي يُعاني من الرهاب الاجتماعي يجب أن يُعالج نفسه من خلال الإكثار من المواجهات، وعدم الهروب من المواقف الاجتماعية، ولا بد أن تكون هنالك برامج ثابتة للمواجهات، الالتقاء الاجتماعي الإيجابي، فمن تجاربنا وملاحظاتنا وجدنا أن الصلاة مع الجماعة في المسجد، من أفضل وسائل العلاج السلوكي النفسي، والذي يجعل الإنسان يتجاوز الكثير من أعراضه المتعلقة بالرهاب الاجتماعي. كذلك ممارسة رياضة جماعية، مثل كرة القدم، أيضًا هي ذات فائدة كبيرة جدًّا، وأن يلزم الإنسان نفسه بالقيام بالواجبات الاجتماعية والتي تتمثل في مشاركة الناس في أفراحهم، صلة الأرحام، تفقُّد الجيران، المشي في الجنائز، تقديم واجبات العزاء، حضور الدعوات -خاصة دعوات الزواج مثلًا-، هذه كلها واجبات اجتماعية حين يقوم بها الإنسان سيُحوّل قلقه من قلقٍ سلبيٍّ إلى قلقٍ إيجابي، أنا أنصحك بكل هذا.

وأنصحك أيضًا بتمارين الاسترخاء (2136015)، هنالك عدة برامج لتمارين الاسترخاء موجودة على اليوتيوب، ويمكن أيضًا لأخصائي نفسي أن يُدرّبك على هذه التمارين، تمارين التنفُّس المتدرّجة، تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها؛ تمارين رائعة جدًّا، فاجعل لنفسك نصيبًا من هذا.

أيضًا حُسن إدارة الوقت مهمّة جدًّا، لأن نصرّف القلق في مساراته الصحيحة، يجب أن تتجنب السهر، يجب أن تنظم وقتك وتُدير وقتك بصورة ممتازة، النوم النهاري أيضًا له مضار كثيرة فتجنب ذلك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أن عقار (سيبرالكس) أفضل لك، والسيبرالكس يُعرف باسم (اسيتالوبرام)، تبدأ بجرعة خمسة مليجرامات من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات، تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه هي أقصى مدة علاجية دوائية مفيدة، وكما ذكرتُ لك لا بد أن تستصحب العلاج الدوائي بالآليات السلوكية والاجتماعية والنفسية، التي تحدثنا عنها سلفًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net