أشعر بتأنيب الضمير لأني سأسافر بعد زواجي وأترك والديّ!
2024-08-11 01:11:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة ستتم خطبتي قريبًا -إن شاء الله-، وكل الأمور ميسرة -والحمد لله-، ولكني أشعر بالذنب تجاه والدّي؛ لأني سوف أسافر وأتركهما.
علمًا أن لدي أختًا واحدة وأخوين، وكلهم كبار، والمشكلة أنهم لا يفعلون أي شيء لأمي دون أن تطلبه منهم، وأمي لا تحب أن تطلب كثيرًا، ومعظم الأوقات تفعل الشيء بنفسها. أنا لست مثالية بالتأكيد، ولكني أساعدها في أعمال البيت دون طلب منها، لذلك أنا قلقة من هذه الناحية!
أمي لا تعاني من أمراض مزمنة -والحمد لله-، وليست كبيرة، ولكنها تتعب بسرعة، وأنا قلقة كثيرًا، وأشعر بالذنب لأني اخترت نفسي، وسأتزوج وأرحل بعيدًا عنها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مبارك عليك الخطبة، ونسأل الله أن يتمم لك بخير، ويبارك لك في حياتك الجديدة. من الطبيعي جدًا أن تشعري بالقلق تجاه والديك، وخاصة والدتك، خصوصًا عندما تعتادين على أن تكوني بجانبها وتساعديها.
لكن تذكري أن الحياة مليئة بالتغيرات، والزواج هو جزء من هذه التغيرات الطبيعية، فمن المهم أن تكوني قريبة من والدتك بقدر الإمكان، لكن هذا لا يعني أنك تخلين بواجباتك تجاهها إذا تزوجتِ وابتعدتِ.
إليك بعض النصائح التي قد تساعدك على التعامل مع هذا الشعور بالذنب:
1- حاولي أن تتحدثي مع إخوتك بلطف وحب، وتوضحي لهم مدى أهمية مساعدة والدتك، ويمكنك أن تجعليهم يدركون مدى تعب والدتك، وكيف يمكن لكل واحد منهم أن يخفف عنها ولو بالقليل.
2- انفصال فرد عن الأسرة ومغادرته منزل العائلة ليس بالأمر السهل، خاصة على الأسرة التي تعودت أن تكون مجتمعة دائمًا، ولم يحصل بينهم فراق لفترات طويلة؛ ففراقك لأسرتك وابتعادك عنهم لن يكون بالأمر السهل حتى على إخوتك، وقد يحرك ذلك المياه الراكدة، ويحفز إخوتك ليضفوا المزيد من الحنان والبر والاهتمام بوالديك، فالأمر ليس شرًا كله.
3- حتى لو كنت بعيدة، فإن التكنولوجيا الآن تتيح لك البقاء على اتصال دائم مع والدتك، فاتصلي بها بانتظام واطمئني عليها، وأظهري لها اهتمامك رغم البعد.
4- حاولي تنظيم زيارات منتظمة لوالديك، وإذا كان ممكنًا، يمكنك دعوتهما لزيارتك بين الحين والآخر.
5- لا تنسي أن تدعي لوالدتك بالصحة والعافية، وأن تتصدقي بنية التخفيف عنها وعن كل ما يثقل كاهلها، والدعاء والاستغفار لهما تأثيره كبير في رفع البلاء وتيسير الأمور، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ} [غافر ٦٠].
من الناحية الشرعية: ليس هناك أي خطأ في الزواج والانتقال لمكان آخر، طالما أنك تحرصين على بر والدتك ورعايتها، والاهتمام بشأنها حتى ولو عن بعد، يقول تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]، الإحسان إلى الوالدين لا يتوقف عند القرب الجغرافي، بل يكون عبر وسائل متعددة.
وأخيرًا: استودعي الله والديكِ، فإن الله أرحم بهما منك، وتذكري أن زواجك وبدء حياة جديدة لا يعني نهاية مسؤولياتك تجاه والديك، بل هو مرحلة جديدة تتطلب توازنًا بين حياتك الخاصة وواجباتك الأسرية.
بارك الله فيكِ ووفقكِ لكل خير.