أتكاسل عن العبادات ولا أجد على الخير أعوانًا.. أرشدوني
2024-08-28 00:56:48 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شخص فتح الله علي في طلب العلم، وأمور جيدة مثل: الصبر، والهدوء، وتغيرت تمامًا بعدما بدأت في طلب العلم الشرعي، لكن عندي مشاكل كبيرة:
الأولى: في الصلاة، دومًا تكون ثقيلة علي، ولا أصليها في المسجد، بل في المنزل، وكم أجاهد نفسي على ذلك، ولا أقدر مهما حاولت، واستشعرت الأدلة والفضائل والعواقب، ولكن بلا فائدة!
الثانية: قراءة القرآن؛ حيث إني نادرًا ما أفتحه، ويصعب علي، ويكون ثقيلاً مثل حالي في الصلاة؛ حيث إني كلما أجاهد نفسي لا أقدر، مع أني أعرف أدلته، وفضائله، وجميع الأمور. أريد منكم أي شيء يجعلني أعود، وأداوم عليه.
الثالثة: كثير من الطاعات لا أقدر على فعلها، وأتكاسل؛ إلا إن كان معي أحد الأصحاب الصالحين، لكني لا أجدهم؛ حيث إني أتكلم عن الواقع، وليس الأصدقاء عبر وسائل التواصل، فهم قلة جدًا عندنا، ولا أجدهم وأحاول نصح الناس حتى يستقيموا، وأكون عونًا لهم، ويكونون عونًا لي.
أفيدوني مشكورين، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولًا: نهنئك بما مَن الله تعالى به عليك، من التوفيق للأعمال الصالحة، وطلب العلم الشرعي، وما وهبه لك من خُلق حسن، ونسأل الله تعالى لك المزيد من الهداية والتوفيق والصلاح.
ثانيًا: نشكر لك إنصافك من نفسك، ومعرفتك لتقصيرك، وإدراكك لنقصك؛ وهذا كلُّه دليل على رجاحة عقلك، وحُسن إسلامك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله.
ونحن على ثقة تامّة من أنك -بإذن الله تعالى- تقدر على تغيير حالك بعد الاستعانة بالله تعالى، وأنك -بإذن الله- ستُوفق إلى كل خير، وينبغي أن تعرف -أيها الحبيب- أن النفس تحتاج إلى قدر كبير من الصبر في سياستها، وحملها على الفضائل والأعمال شيئًا فشيئًا، حتى تتدرّب وتتمرَّس عليها، وأن هناك أسبابًا ينبغي لك أن تحرص على الأخذ بها، فإن للهداية أسبابها، كما أن للرزق المادِّي أسبابه.
ومن أسباب الهداية: الرفقة الصالحة، الذين يُذكّرونك عند النسيان، ويُنبّهونك عند الغفلة، ويُعينونك عند العزيمة على الرُّشد، هؤلاء الأصدقاء هم خير كنز تكنزه في هذه الحياة، فاحرص كل الحرص على التعرُّف إلى الشباب الصالحين الطيبين، وأن تُجالس العلماء والدعاة الأفاضل، وهم في أرض الله تعالى كثيرون، فلا تيأس أبدًا من الوصول إليهم.
احرص على ارتياد المساجد، وجاهد نفسك على ذلك، وستجد -بإذن الله تعالى- مَن تقرَّ عينك بصحبته ورُفقته، فهذا خير سبيل دلَّنا عليه القرآن للاستعانة على الأعمال الصالحة، كما قال الله تعالى حاكيًا عن موسى -عليه الصلاة والسلام-: {واجعل لي وزيرًا من أهلي * هارون أخي* اشْدُدْ به أزري * وأشْركه في أمري * كي نسبّحك كثيرًا * ونذكرك كثيرًا}، فهو يطلبُ مُعينًا وصاحبًا، وصديقًا ووزيرًا؛ ليُعينه على الإكثار من ذكر الله تعالى، وتسبيحه.
والنبي ﷺ يقول: (المرء على دين خليله)؛ وممَّا لا شك فيه أن مجالسة الصالحين، والنظر إليهم حال عبادتهم تزيد في النفس النشاط، والرغبة، والقوة.
ووسائل التواصل اليوم تُقرِّبُ كثيرًا من الأشياء البعيدة، فحاول أن تجعل وسائل التواصل، والتواصل بالصالحين خطوة أولى للتعرُّف إليهم، والقُرب منهم.
وقد أحسنت -أيها الحبيب- حين أدركت أن من الأسباب المُعينة على تحصيل الأعمال الفاضلة القراءة؛ للثواب الذي أخبر الله تعالى به، أو أخبر به نبيه ﷺ ممَّا رتّبه على هذه الأعمال؛ فإن الثواب يُحرّك في النفس الرغبة، والنشاط، والقوة.
فأكثر من قراءة فضائل الأعمال، ولا يخفى عليك أن من أحسنها كتاب (الترغيب والترهيب) للإمام المنذري -رحمه الله تعالى-، فقد جمع طرفًا صالحًا من الأحاديث لفضائل أكثر الأعمال، فأكثِرْ من قراءة هذه الأخبار والأحاديث؛ لتقوّي عزيمتك على فعل هذه الأعمال.
والأمر الثالث: حاول أن تُكثر من قراءة تراجم وسير الصالحين؛ لترى أعمالهم، وحينها سترى بأن ما تفعله أنت يسيرٌ جدًّا بجانب أعمالهم، فتنهض همّتك للاستزادة من الأعمال الصالحة.
فاقرأ الكتب التي تُترجم للصالحين، وتذكر أخبارهم، مثل: (حلية الأولياء) لأبي نعيم الأصفهاني، واختصاره (صفة الصفوة)، ولو قرأت بعض التراجم في (سير أعلام النبلاء) للإمام الذهبي؛ كتراجم بعض الأئمة المشهورين بالصلاح والعلم؛ كالإمام أحمد ابن حنبل -رحمه الله تعالى- ونحوه من الأئمة؛ فإنك ستجد في أخبارهم ما يبعثك -بإذن الله تعالى- على الإكثار من الأعمال الصالحة بقدر استطاعتك.
وبعد هذا كلِّه ينبغي أن تُدرك -أيها الحبيب- أن الأعمال منها ما هو فرض، ومنها ما هو نفل، وأنك مطالبٌ أولًا بأن تتقي الله تعالى بأداء الفرائض، ثم بعد ذلك استكثر من النوافل بقدر استطاعتك، وستصل بإذن الله تعالى.
نسأل الله تعالى لك الهدى، والتقى، والصلاح، والتيسير لكل خير.