تصرفات أختي الطائشة أرهقتنا جميعًا، فكيف نتصرف معها؟

2024-08-14 00:48:29 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد الاستفسار عن كيفية التعامل مع أخت لي؛ هي أصغر مني سنًا، وهي سيئة الخلق جدًا! أنا أبلغ من العمر 21 سنة، وهي 17 سنة، ولكنها كبيرة في الحجم -اللهم بارك-، يصل بها الحال عند حدوث المشادات بيننا إلى ضربي؛ وفي كل مرة يحدث سوء فهم، لا تكف عن الصراخ؛ مما يوُجب على الطرف المقابل السكوت أولاً (في بعض الأحيان يكون الطرف المقابل أمي)، وهي متعصبة لرأيها جدًا!

أتعبتني جدًا، وأتعبت أمي؛ لدرجة أن أمي أصبحت تُلزمنا بالتنازل عن حقوقنا، وبعدم الرد عليها أنا وأخواتي الأخريات حتى لو كنا على حق! فقط لتجنب صراخها؛ كما أنها حرفيًا لا تخاف أحدًا؛ حتى أبي إذا نصحها تبدأ بالصراخ! وتُحدث الكثير من المشاكل في المدرسة كذلك؛ وليس لها الكثير من الأصدقاء، ولا تثق في القلة الذين تعرفهم.

كما أنها -على حسب علمي- عادة ما تكثر الشجار مع صديقتها المقربة جدًا؛ ولا تعود في رأيها، وعند سؤالها عن السبب تقول "كرامتي فوق الجميع؛ ولم تلده أمه من يفعل بي كذا وكذا".

أجدها تضع على مواقع التواصل عن القرآن، وكذا، لكن سلوكها في المنزل مغاير تمامًا! كيف لي التعامل معها؟ أنا لا أكلمها منذ 10 أيام، ورغم ذلك تجد مُشكلاً للتشاجر معي في كل مرة، حتى لو كنت فعلت لها شيئاً بحسن نية تتهمني بغير ذلك.

أريد أن أنوه أنه بسبب الأشياء السيئة التي تحدث عادة ما تمرض الوالدة بسبب ذلك.... فسلوكها لا يؤثر فقط علينا معنويًا، بل جسديًا كذلك!

لكن رغم سلبياتها، فهي حنونة وتساعد في أشغال المنزل، وكذا، يعني لديها إيجابيات، ولله الحمد، فأرجو أن يكون لديكم الجواب الشافي الكافي، وسأحرص على اتباعه بإذن الله.

والله الموفق.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مارية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الوالدة، وبأمر هذه الشقيقة، التي نسأل الله أن يهديها لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

وسنبدأ بما ختمت به هذه الاستشارة، وهي قولك: (لديها إيجابيات ولله الحمد)، فهل ذكرتُم لها هذه الإيجابيات؟ وهل أثنيتم عليها بهذه المحاسن؟ وهل استفدتم من حنانها ومساعداتها لكم في بعض أشغال المنزل؟ إن الإنسان إذا كانت عنده إيجابيات وسلّطنا عليها الأضواء وضخّمناها، واتخذناها مدخلًا إلى قلبه -أي إنسان، عندما نتخذ ما عنده من إيجابيات مدخلًا إلى قلبه-؛ فإنه سُرعان ما يستجيب إلينا.

ودائمًا ينبغي أن نبدأ بذكر الأشياء الجميلة في الإنسان، وخاصة الفتاة في هذا السِّنِّ فهي بحاجة إلى تشجيعكم؛ لأنها في مرحلة مهمّة من مراحل العمر، يكون فيها ما ذكرتم من العناد، ومن أنها ترى أنها أفهم وأعقل، وهذه مرحلة ستتلاشى بعد سنتين تقريبًا؛ لأن هذه المرحلة (المراهقة) ترى نفسها أنها أفهم إنسان، وأنه حتى المُدرِّسة لا تعرف سوى الفيزياء أو الكيمياء، ولكن هي التي تعرف خبرات وتجارب في الحياة.

ولكن هذه النظرة الخادعة سُرعان ما تزول بقليل من الصبر، والوعي، والنقاش الهادئ معها، ونوصيكم بمعرفة خصائص هذه المرحلة العمرية التي لا ينفع فيها التعليمات، إنما ينفع فيها الحوار، وينفع فيها محاولات الإقناع، وينفع فيها التخيير، إعطاء خيارات (افعلي كذا، أو كذا - ما رأيك يا فلانة في كذا)؛ لأنها ترى نفسها كبيرة؛ ولذلك ينبغي أن نحمّلها مسؤولية أخطائها، ننصح، لكن إذا أصرّت على شيءٍ وقعت فيه، فهي وحدها مَن تتحمّل مسؤوليات الأخطاء المترتبة على تصرفاتها، ونسأل الله أن يُعينكم على النصح لها وأيضًا الدعاء لها.

ونتمنَّى ألَّا تشعر أن الجميع ضدها؛ لأنها في مثل هذه الأحوال قد تشعر أن كل مَن في البيت ضدها، وهذا يزيد من عنادها، ونتمنَّى أيضًا أن تكونوا إلى جوارها وتقدّموا لها المساعدات، وتُشعروها باهتمامكم. واعلموا أن الأبناء والبنات في مرحلة المراهقة رغم قسوتهم الظاهرة إلَّا أنهم كتلة من المشاعر، فقد تكون عنيفة معكم ومخالفة لكم، لكن عندما تخلو بنفسها تبكي وتتألَّم من هذا الذي حدث منها، بل ربما يكون في بعض شِدَّتها أنها تريدكم أفضل ممَّا أنتم عليه وتتمنّى الخير؛ ولذلك المراهقة قد تُغلق على نفسها باب الحجرة وتبكي وتقول: "لا أحد يفهمني، أنا أريد مصلحتهم، أريدُ لهم الخير".

إذًا عليكم بكثرة الدعاء لها، وخاصة من الوالدة، وأيضًا نتمنّى أن تتفهموا طبيعة هذه المرحلة العمرية، وأكرر دعوتي إلى الثناء على إيجابياتها والاعتراف بفضلها؛ لأن مدح الإنسان بما فيه من إيجابيات يُحفّزه للمزيد.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.

www.islamweb.net