أحببت فتاة عبر الإنترنت وأريد الزواج منها، فما توجيهكم؟

2024-09-08 03:45:51 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ سنة تعرفت على فتاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومع مرور الوقت أعجبت بها، ووقعت في حبها دون لقاء، لم أعرف ماذا أفعل؟ فلجأت إلى الله سبحانه وتعالى وصليت صلاة الاستخارة، والمفاجأة أن الفتاة ما زالت تتواصل معي، فدعوت الله أن يجعلها من نصيبي ويجمعنا بالحلال.

ما حدث بيننا من مشاكل وخصام فاق توقعاتي، كنا دائمًا في جدال مستمر، وبعد كل جدال ننهي التواصل، ونتفق على عدم التحدث مرة أخرى، وبعد عدة أيام أشتاق لها، وكرامتي تمنعني من مراسلتها، فأدعو في صلاتي: "اللهم أنت عالم الغيب، فإن كانت الفتاة من نصيبي وخيراً لي في ديني ومعاشي، أعدها لي، وإن كانت شرًا لي أبعدها عني"، والغريب في الأمر أنها ترسل لي رسالة مباشرة بعد هذا الدعاء، وأنا لا أتحدث عن مرة أو مرتين، بل عشرات المرات.

سأذكر لكم أغرب حادثة حدثت لي، مرة حصل بيننا جدال كبير جدًا، ليس كالسابق، وكنا على اقتناع تام بضرورة التوقف عن التواصل، وبعد عدة أسابيع من الخلاف ذهلت مما حدث، كنت ذاهبًا مع والدي لصلاة المغرب في المسجد، وعندما أقيمت الصلاة لا أعرف ماذا حصل لي، رددت الدعاء مرة أخرى أثناء السجود، وبعد خروجي من المسجد تلقيت رسالة منها، فسألت نفسي: لماذا تعود للحديث معي عند الدعاء فقط؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن تكون بخير، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التقية النقية التي تسعدك في دنياك وآخرتك.

وبخصوص ما تفضلت به، فدعنا نقدم بعض النقاط الضروية، خاصة وقد أسعدتنا بالحديث عن صلاحك وحرصك على الصلاة، وهذه علامة خير، نسأل الله أن يثبتك على طاعته، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر.

أولًا: لا يخفاك ابتداء أن تواصلك مع فتاة لا تحل لك جرم عظيم، وذنب كبير، وأنت في قرارة نفسك لا ترضى لأختك أن يتواصل أحد معها بهذا الطريقة، ولو بقصد الزواج.

ثانيًا: لا يخفاك أن الزواج قدر مكتوب ورزق مقسوم، وأن الأمر بيد الله وهو القادر على كل شيء، فمن كتبها الله لك زوجة؛ هي معلومة ومقدرة لك، من قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، والله لا يقدر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء"، فإذا كانت هي زوجتك فستكون وسترى الخير في ذلك، وإن لم تكن هي من قدرها الله لك زوجة، فلن تكون، ولو جيشت الدنيا كلها، وستعلم في الخاتمة أن اختيار الله لك كان أفضل مما أردته لنفسك.

ثالثًا: هل أنت اليوم قادر على تكاليف الزواج أم لا؟
الجواب على السؤال بواقعية أمر شديد الأهمية، فالعرب تقول: "ثبت العرش ثم انقش"، فإذا كنت -أخي الكريم- غير مستعد للزواج، فهذا يعني أنك تتعب نفسك وتجهدها بأمور فوق طاقتها، وهذا سيصرفك عن التقدم في حياتك، ويسحبك إلى منطقة الوهم، ويشغلك بما لا تقدر عليه، ويثقلك بما لا تسطيع الوفاء به، وهنا يبدأ الانحدار العاطفي الذي يسلب صاحبه التدين أولًا، ثم يجره إلا ما لا نريده لك.

أما إن كنت مستعدًا للتقدم للخطبة ومن ثم الزواج، فاعلم -بارك الله فيك- أن الزواج المستقر هو ما يبنى على الدين والخلق، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بذلك فقال: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" والفتاة التي تحدث شابًا من وراء أهلها أمر شديد الخطورة، ولا يرضاه عاقل متدين، بل إن بعض من تزوج بهذه الطريقة -نعني بعد تلك المحادثات المحرمة- راسلنا بأنه يشك في زوجته، وهذا أمر طبيعي، ونحن نحذر كثيرًا منه.

رابعًا: بخصوص تواصلها معك بعد كل دعاء، اعلم أن الشيطان المتربص بالمسلم المتدين، والذي يريد إغواءه، دائمًا ما يعمد إلى أساليب متنوعة، منها أن يريه إياها في المنام على صورة حسنة، أو كأنها زوجته، ولا نستبعد بعد كل دعاء دعوت به أن يغويها بأن تتواصل معك وترسل لك رسالة، يفعل ذلك حتى يوهمك أنها استجابة للدعاء وليست كذلك، بل هي من تلبيس الشيطان عليك.

لذا نقول لك: إن كنت مستعدًا للزواج، فابحث عن زوجة صالحة لم تخاطب الشباب، والخير في الأمة كثير، وإن كنت تعلم عن هذه الفتاة تدينًا واضحًا، وأنها أخطأت في الحديث معك وتابت منه، وأنك ترتضيها لنفسك زوجة، ولأولادك أمًا، فتقدم لها رسميًا مع التوقف عن الحديث مطلقًا حتى تكون الخطبة تامة.

خامسًا: أما إذا كنت غير مستعد للزواج، فننصحك بما يلي:

1- التوقف التام لكل حديث بينك وبين الفتاة، ولا تسمح للشيطان بالتسلل إليك، أو رسائله التي تخاطب عاطفتك، فهذا كله وهم يصنعه الشيطان ليحملك مسؤولية ثقيلة عليك، أنت بين خيارين: إما أن ترضي ربك، أو ترضي عاطفتك، والخيار لك، والتبعة ثقيلة.

2- لا تعلق آمالك على غيب لم تصل إليه، ولا تضيق واسعًا، واعلم أن مدارك المرء كل يوم تتسع، وما يريده من هو في العشرين قد لا يرغب فيه بعد ذلك، ولعل الله ادخر لك من هي أفضل لك منها، إن لم تكن لك.

3- حاول أن تبني نفسك بحيث تكون مستعدًا للزواج، وعندما تكون قادرًا يمكنك التقدم إلى من شئت، وساعتها لن تعيش تلك المعاناة أو هذه الحيرة.

4- ضع هذه الآية نصب عينيك تسعد وتنجو: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يُغنيهم الله من فضله}، هذا هو الطريق الآمن، وغيره هو الهلاك والفساد والدمار، فاسلك طريق المعافاة، واعلم أن القلب إذا امتلأ طاعة وإيمانًا، وتوكل على الله، هان عليه ما صعب اليوم، وأمكنه أن يتجاوز ما توهم أن تجاوزه كان مستحيلًا، فاستعن بالله، واطلب العفاف في دينك حتى تسلم دنياك.

5- يعينك على تجاوز هذا كثرة الصيام، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث ابن مسعودٍ: "يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء".

هذا هو الطريق، ونسأل الله أن يثبتك على الحق حتى تلقاه، والله الموفق.

www.islamweb.net